إيران وذراعها الحوثي .. هجمات دعائية وانهيار دولي

08:33 2024/01/27

تُعدُّ الهجمات الدعائية التي تقوم بها مليشيا الحوثي في اليمن أمرًا مثيرًا للقلق والاستياء، حيث تسعى لتشويه صورة الكيان الصهيوني وتفتيت التضامن العربي مع فلسطين. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن هذه الهجمات لا ترتبط بنصرة غزة بقدر ما هي ضمن مخطط إيران لعسكرة البحر الأحمر وتعزيز نفوذها السياسي والديني والطائفي في المنطقة، وبسط نفوذها كي تصبح القوة الإقليمية العظمي حتى وإن كان ذلك على حساب دماء الشعوب العربية وأمنها واستقرارها .

إيران ، كدولة تسعى لتحقيق أجندتها الإقليمية وتعزيز نفوذها في المنطقة، مستغلة الوضع السياسي والعسكري المضطرب في اليمن لدعم الحوثيين وتوجيههم، وقد أوكلت لهم مهمة تنفيذ أجندتها الخبيثة، وأصبحوا أداة مهمة لإيران لتنفيذ أطماعها وإجرامها في المنطقة. حيث تحاول إيران الحفاظ على حزب الله في لبنان عن طريق دعم الحوثيين وتوجيههم للتصعيد في البحر الأحمر، وهذا يعكس ادراكها لأهمية البُعد الجغرافي والتأثير الإقليمي لهذه المنطقة. 
فبالمقارنة مع حزب الله، فإن التصعيد في البحر الأحمر يبقيه محدودًا ويقتصر على الحدود البحرية، بعكس ما سيحدث إذا تولى حزب الله نفس المهمة، حيث ستكون التداعيات أكبر وقد يهدد جيش الإحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر مما يعرّض مستقبل ذراع إيران في لبنان للخطر.

لا يمكننا أن نتجاهل الدور الذي لعبه التصعيد في البحر الأحمر في تهرّب مليشيا الحوثي من الضغوط الداخلية والاستجابة لمطالبها المالية. فقد قامت المليشيا برفع صور قادة قوة القدس الإيرانية "قاسم سليماني" و"أبو مهدي المهندس"، مما يوحي بأن إيران تقف وراء اختطاف سفينة "جالاكسي ليدر"، وبهذا تكشف إيران رسالتها بوضوح، أنها هي من تتحكم بالأحداث وتدير الخيوط في المنطقة.  

لا شك، أن الأحداث والهجمات الحوثية في البحر الأحمر تخدم مصالح إيران، وتساهم في تحقيق أجندتها الإقليمية. فعندما تشتت الأنظار نحو التصعيد في البحر الأحمر، يتم تحويل الانتباه عن جرائم الكيان الصهيوني في غزة وتهديداته المستمرة للفلسطينيين، ما يدلل على أن هذه الهجمات الدعائية ليست إلا جزءًا من الحرب النفسية التي تقوم بها إيران ومليشيا الحوثي لتشويه صورة إسرائيل وتشتيت الانتباه عن جرائمها.

يعتبر الحوثيون جماعة شيعية مسلحة نشأت في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، وتمكنت من السيطرة على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 . وكان هدفها تحقيق أهداف سياسية ودينية معينة، بما في ذلك توسيع نفوذ إيران في المنطقة. حيث يتلقى الحوثيون الدعم والتمويل من قبل إيران التي تلعب دورًا مهمًا في تسليحهم وتدريبهم. وتعتبر الأسلحة الإيرانية، التي تصل الحوثيين عبر الحدود اليمنية السعودية، أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم النزاع في اليمن.

ومع ذلك، فإن الغرب يتجاهل جرائم الحوثيين وتصرفاتهم الهوجاء بحق الشعب اليمني، يعزز بشكل غير مباشر هذه الجماعة عن طريق تجاهل انتهاكاتها لحقوق الإنسان وجرائمها ضد الشعب اليمني. على سبيل المثال، لم يتم تحريك العديد من القرارات الدولية لمعاقبة الحوثيين على جرائمهم الوحشية، ولم يتم فرض عقوبات جادة على إيران بسبب دعمها الواضح للحوثيين.

بالتالي، يتحمل الغرب مسؤولية كبيرة في استمرار الصراع في اليمن، وذلك بسبب تجاهله لهذه الجماعة المتمردة وتمويلها الخارجي. لذا يتوجب على الغرب التعامل بجدية مع التهديد الذي يشكله الحوثيون للأمن الإقليمي والدولي، وضرورة  الضغط على إيران لوقف دعمها للحوثيين وتوجيههم للسلام والحوار.

بشكل عام، يجب أن يتم التصدي لدور الحوثيين كأداة في مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف إلى تمزيق الأوطان على أساس طائفي. كما يجب أن تتعاون الدول الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن يحقق السلام والاستقرار ويضمن حقوق الشعب اليمني في العيش الكريم والحرية والعدالة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الدول الإقليمية والدولية أن تتعاون لوقف تدفق الأسلحة والدعم المالي إلى الحوثيين، و أن تتخذ الدول المعنية إجراءات صارمة لوقف وصول الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، وأن تحقق في الأنشطة التي تدعمها إيران في اليمن.