Image

بريطانيا تتصدر المشهد وأزمة خزان صافر تعود للواجهة ـ تبادل الرسائل بين واشنطن وطهران من محيط "باب المندب"

تصدرت بريطانيا مشهد مسرحية البحر الأحمر الدائرة بين إيران وأذرعها والولايات المتحدة وحلفائها، خلال الساعات القليلة الماضية، فضلًا عن عودة أزمة خزان صافر إلى الواجهة مجددًا.

الإضرار باليمنيين
وفي هذا الصدد، وجّهت السفيرة البريطانية لدى اليمن عبدة شريف، الثلاثاء، رسالة إلى مليشيات الحوثي الإرهابية الإيرانية، دعتهم فيها إلى وقف تصعيدها في البحر الأحمر ووضع مصلحة الشعب اليمني في المقام الأول.
وقالت في "مقطع فيديو" نشرته على حسابها وحساب السفارة البريطانية لدى اليمن في منصة "إكس" :"رسالتي إلى الحوثيين بسيطة، وضع مصلحة الشعب اليمني في المقام الأول، لا تسحبوهم إلى مزيد من الصراع".
وخاطبت عبده شريف الحوثيين قائلة :"هجماتكم لا تساعد فلسطين بشيء، بل تضر اليمنيين والأمن الإقليمي".
واضافت :" الحوثيون قرروا مؤخرا زيادة معاناة الشعب اليمني من خلال هجماتهم في البحر الأحمر، ما أثر على زيادة تكاليف الشحن التجاري لليمن بنسبة 100 بالمائة".
وتابعت: "الشعب اليمني هو من تأثر من تبعات الحرب خلال السنوات الماضية ويتأثر حاليا، وان 90 بالمائة من الشعب يعيشون تحت خط الفقر او يحتاجون لمساعدات انسانية"، مشيرة إلى ان بلادها قدمت اكثر من مليار جنية استرليني لمساعدة العشب اليمني منذ بداية النزاع.
وأشارت إلى ان جماعة الحوثي نفذت اكثر من30 هجومًا على السفن في البحر الأحمر، ويحتجزون رهائنًا من جنسيات مختلفة، ما دفع بلادها وواشنطن ودول اخر للمشاركة في ضربات جوية استهدفت مواقع واهداف للحوثيين.
وأكدت السفيرة أن جماعة الحوثي رفضت التحذيرات التي قدمت لها خلال الفترة الماضية وواصلوا هجماتهم في البحر الأحمر بزعم "دعم شعب غزة"، فيما هم يهددون الإقليم ويؤذون العرب، مشيرة إلى رئيس قناة السويس المصرية الذي افاد بتراجع عوائد القناة بنسبة 30 بالمائة عن العام الماضي.

عقوبات جديدة ضد تمويل الحوثي
من جانبه، أكّد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الثلاثاء، أن بلاده ستواصل الردّ على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في حال استمرّت بهجماتها على السفن البحرية..
وقال سوناك : "نحن لا نسعى إلى المواجهة، لكن في حال الضرورة، لن تتردد المملكة المتحدة بالردّ في إطار الدفاع عن النفس". مضيفًا :"لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح لهذه الهجمات بالمرور دون رد".
وقال رئيس الوزراء البريطاني الذي سيزور الشرق الأوسط خلال الأيام المقبلة، إن بلاده تخطط للإعلان عن عقوبات جديدة تستهدف تمويل الحوثيين.

تحذيرات بريطانية
من جهته، حذّر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، الثلاثاء، من أن المملكة المتحدة ستواصل "إضعاف قدرة" الحوثيين على تنفيذ هجمات في البحر الأحمر، وذلك بعد ضربات جديدة نفذتها لندن وواشنطن ضد المتمردين اليمنيين.
وقال كاميرون: "منذ أن تحركنا قبل 10 أيام، شن الحوثيون أكثر من 12 هجومًا على سفن في البحر الأحمر"، واصفًا هجمات الحوثيين بأنها "غير قانونية" و"غير مقبولة".

ضربات جديدة
ونفّذت الولايات المتّحدة وبريطانيا جولة ضربات جديدة ليل الإثنين - الثلاثاء على أهداف تابعة للحوثيين في اليمن، فيما أكدتا أن الخطوة تأتي للرد على الهجمات التي يواصل المتمرّدون شنّها على الملاحة في البحر الأحمر.
وقال كاميرون في بيان أصدراه بالاشتراك مع دول أخرى شاركت في إسناد هذا الهجوم إنّ قواتهما شنّت "جولة جديدة من الضربات المتكافئة والضرورية على 8 أهداف حوثية في اليمن ردّاً على الهجمات الحوثية المتواصلة ضدّ الملاحة والتجارة الدولية وضدّ سفن تعبر البحر الأحمر".
وقال كاميرون: "ما فعلناه مجددًا هو توجيه الرسالة الأكثر وضوحًا بأننا سنواصل إضعاف قدرة (الحوثيين) على تنفيذ هجمات" مضيفًا: "أقوالنا وتحذيراتنا تليها أفعال".

لعبة التهديدات والرسائل
وتستمر لعبة التهديدات والتحذيرات وتوجيه الرسائل بين تحالف امريكا وايران من محيط باب المندب الاستراتيجي، بشأن تداعيات ما يجري في البحر الأحمر.
ففي البيان المشترك أوضحت القوات الأميركية والبريطانية أنها استهدفت تحديدا "موقع تخزين للحوثيين تحت الأرض ومواقع مرتبطة بقدرات الحوثيين في مجالي الصواريخ والمراقبة الجوية".
ووجه البيان تحذيرا شديد اللهجة للحوثيين، مؤكدا "أننا لن نتوانى في الدفاع عن الأرواح وعن حرية التجارة في واحد من أهم الخطوط البحرية في مواجهة التهديدات المتواصلة".
ويقول خبراء، إن استراتيجية إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن الناشئة بشأن اليمن، تهدف إلى إضعاف المسلحين الحوثيين لكنها لا تصل إلى حد محاولة "هزيمة الحركة الإيرانية" أو الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران، الراعي الرئيسي للحوثيين.
وتهدف هذه الاستراتيجية، وهي مزيج من الضربات العسكرية المحدودة والعقوبات، فيما يبدو، إلى معاقبة الحوثيين مع الحد من خطر نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط.
من جانبها، إيران وعلى لسان ذراعها في اليمن الحوثيين، وجهت تحذيرات جديدة على خلفية استمرار الضربات الأمريكية – البريطانية بأنها ستستمر في استهداف السفن والملاحة بالبحر الأحمر، والمصالح الأمريكية في المنطقة، وهو نفس التهديد الذي تردده الجماعة منذ شهور بل ومنذ نشأتها دون تنفيذه.

نيوزيلندا تدخل على خط اللعبة 
ودخلت نيوزيلندا على خط اللعبة في البحر الأحمر، وأعلنت الثلاثاء 23 يناير 2024، عن إرسال فريق دفاع مكوّن من ستة أعضاء إلى الشرق الأوسط في إطار تحالف دولي لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين المتتالية.
قال رئيس الوزراء النيوزيلندي كريستوفر لوكسون خلال مؤتمر صحفي، إن "هجمات الحوثيين ضد حركة الشحن التجاري والبحري غير قانونية وغير مقبولة وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار بشكل كبير"، وأضاف: أن "إرسال هذا الفريق هو استمرار لتاريخ نيوزيلندا الطويل في الدفاع عن حرية الملاحة في الشرق الأوسط وفي المناطق الأكثر قربا منها".
وأكد لوكسون أن أفراد الدفاع النيوزيلنديين لن يدخلوا اليمن أو يشاركوا في أي قتال، لكن مشاركتهم ستكون في إطار الدفاع عن النفس في ما يتعلق بالسفن في الشرق الأوسط بما يتماشى مع القانون الدولي لحماية الملاحة العالمية.

تحرك إيراني – تركي
وشهد الثلاثاء تحركات لطرفي اللعبة والمسرحية التي تدار في المنطقة منذ سنوات، ممثلة بأذرع ايران، وتنظيم الاخوان، اعلنت طهران ان الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي سيقوم بزيارة تركيا للقاء نظيره التركي طيب رجب اردوغان، للتشاور والتنسيق حول قضايا المنطقة.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أن رئيسي سيتوجه إلى أنقرة في زيارة رسمية، الأربعاء، بدعوة من نظيره التركي رجب طيب إردوغان. ومن المنتظر أن يرافق الرئيس الإيراني وفد يضم وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والطرق والتخطيط العمراني والتجارة والنفط والكهرباء والطاقة.
ويرى مراقبون بأن الزيارة تأتي في اطار التنسيق بين الجانبين للمرحلة المقبلة، لتنفيذ اجندة أمريكية جديدة في المنطقة في اطار التعاون بين البلدين وإدارة الرئيس الامريكي الحالي جو بادين الديمقراطية.
وتوقعت المصادر، ان تتصدر التطورات الأخيرة التي تسببت فيها أذرع ايران وتركيا في العراق وباكستان، وحرب غزة وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وما يجري في سوريا وجنوب القوقاز وأفغانستان، أجندة المباحثات بين الجانبين التركي والإيراني.

هجمات البحر الأحمر.. وأزمة تضخم جديدة
اقتصاديا، أذكت لعبة البحر الأحمر القائمة، المخاوف العالمية من ترجيح عودة التضخم للارتفاع مجددًا في حال طال أمد الأزمة، بعد صراع قادته البنوك المركزية العالمية مع ارتفاع الأسعار، عبر زيادة أسعار الفائدة.
واضطرت أغلب السفن إلى اتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح الواقع جنوبي دولة جنوب أفريقيا، ممرًا بديلًا عن مضيق باب المندب والبحر الأحمر، خوفًا من هجمات قد تشنها جماعة الحوثي اليمنية.
ويستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات ايرانية سفن شحن بالبحر الأحمر منذ نوفمبر 2023 حيث دخلت التوترات في البحر الأحمر مرحلة تصعيد لافتة منذ استهداف الحوثيين، في 9 يناير الجاري، سفينة أميركية بشكل مباشر، تلته ضربات أميركية على مواقع للحوثيين.
وارتفعت أسعار كلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسب وصلت إلى 170%؛ بسبب هجمات الحوثي على السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة، وهو ما دفع شركات شحن لتعليق كل رحلاتها عبر المضيق.

عودة التضخم
ونبهت شركة "إم إس سي" -أكبر شركة شحن في العالم- العملاء في بيان صحفي، إلى زيادات إضافية في أسعار بعض حركة الحاويات إلى الولايات المتحدة، بدءًا من 12 فبراير/شباط المقبل.
وقالت شركة الشحن أونر لين Honor Lane في بيان منفصل، إنها تتوقع أن يستمر الوضع في البحر الأحمر لمدة تصل إلى 6 أشهر، وربما حتى سنة.
وأضافت: "إذا كان الأمر كذلك، نتوقع أن يستمر ارتفاع أسعار الشحن ونقص المعدات حتى الربع الثالث في 2024". وتنقل شبكة سي إن بي سي عن ستيفن شوارتز، نائب الرئيس التنفيذي لشركة ويلز فارغو للمستحقات العالمية والتمويل التجاري قوله: "لقد شعرت أوروبا بأكبر الأثر من الوضع في البحر الأحمر.. آثار ارتفاع الأسعار بدأت تظهر على السلع".
وأضاف أن تأخير الحاويات وانخفاض السعة، وأوقات العبور الأطول "كلها (عوامل) تؤثر في تكاليف الشحن العالمية، التي بدأت في التأثير في الشركات الأميركية كلما استمر الوضع في البحر الأحمر".

تعليق أزمة خزان صافر 
وتسببت هجمات مليشيات الحوثي الإيرانية على سفن في البحر الأحمر والضربات الأميركية ضدّهم، في تعليق عملية التخلّص من ناقلة النفط المتهالكة "صافر" قبالة سواحل اليمن، وفق ما أفاد مسؤولان وكالة فرانس برس، ما يعرّض العملية الهادفة لتجنّب تلوّث بيئي، لخطر الفشل.
على مدى سنوات، وُصفت الناقلة "صافر" التي بُنيت قبل 48 عامًا وكانت تُستخدم كمنصّة تخزين عائمة، بأنها "قنبلة موقوتة" إذ إنها لم تخضع لأي صيانة منذ تصاعد الحرب في اليمن عام 2015، ما أجّج مخاوف من تسرّب حمولتها التي كانت تبلغ 1,14 مليون برميل من النفط الخام إلى البحر الأحمر.
وكانت  الأمم المتحدة حذّرت من أن "صافر ستستمر في تشكيل تهديد بيئي لأنها تحتفظ ببقايا النفط اللزج وتظّل معرضة لخطر التفكّك".
وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لفرانس برس إن الوضع في منطقة البحر الأحمر واليمن "خلق تحديات تشغيلية ومالية غير متوقعة" لمشروع قَطر "صافر" وتفكيك أجزائها، ما يصعّب مواصلة العمل عليه.
وأوضح أن "بعد تفكير مطوّل، لم يكن أمام الأمم المتحدة خيار سوى تعليق المشروع في الوقت الحالي وقد أبلغت السلطات بذلك". وأضاف: "نواصل متابعة التطورات على الأرض بعناية شديدة وعن كثب".
يقول أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت بدر السيف لفرانس برس، إن الحوثيين "سيستخدمون كل البطاقات المتوفرة لهم لتشويه صورة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة".
ويعتبر أن تأخير مشروع صافر "يتناسب مع الدعاية المناهضة للولايات المتحدة التي يجيد (الحوثيون) حشدها".
ويتخوف ان تطالب هجمات البحر الاحمر إحدى سفن صافر القديمة والجديدة الراسيتين في ميناء راس علي قبالة سواحل الحديدة على البحر الأحمر، خاصة وان مليشيات الحوثي تحاول استغلال كل ما يشوه التحالف الامريكي، فضلًا عن مساعيها  بالحاق الضرر باليمنيين عبر التخلص من النفط الموجود في خزان صافر الجديد، بعد تصريحات الجهات الحكومية بأنها تعتزم استغلال عوائده في مشاريع انسانية او صرف رواتب الموظفين.
ويوضح إدريس الشامي، الرئيس التنفيذي لشركة "صافر" النفطية الوطنية المعيّن من جانب الحوثيين، لفرانس برس أن هناك "خطر كبير"من إصابة إحدى السفينتين بصاروخ طائش مع تعرض المنطقة إلى ضربات.

مخاوف أممية
وتبدي مصادر في الأمم المتحدة تخوفها من تعرّض طاقم السفينة للخطر، حيث بموجب أحكام اتفاق التسليم الذي أُعلن الصيف الماضي، ستدير سفينة "اليمن" شركة متعاقدة مع الأمم المتحدة لمدة ستة أشهر على الأقل.
وتشير الأمم المتحدة إلى أنه من المقرر أن يغادر أفراد الطاقم بموجب شروط عقدهم، لكن سفينة "اليمن" ستبقى تحت إدارة الشركة.