Image

تبعات فوضى 2011 وانقلاب الحوثيين وحروبهم.. انتشار عصابات محمية لسرقة أغطية المجاري وأسلاك الكهرباء

تتواصل معاناة اليمنيين الذين يعيشون تبعات فوضى 2011، وانقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية الإيرانية في 2014 والحروب التي تسببت بها،
وصولًا إلى اقحامهم في مواجهة العالم، على خلفية مهاجمة السفن التجارية والملاحة في البحر الأحمر وباب المندب.

وأكدت تقارير دولية، ارتفاع معدلات الفقر والجوع في أوساط اليمنيين بنسبة 90 بالمائة، جراء تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، والصراع الذي تسببت به جماعة الحوثي عقب انقلابها في 2014 الناتج عن فوضى 2011.
وأشارت التقارير إلى أن حالة الفوضى التي تعيشها مناطق الحوثيين، وتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، واتساع حالة الفقر والجوع، دفعت أشخاصاً في صنعاء وإب إلى سرقة أسلاك الكهرباء وأغطية الصرف الصحي لبيعها خردةً والاستفادة من ثمنها.

سرقات ليلية في صنعاء
ووفقًا لصحيفة "الشرق الاوسط"، شكا سكان في أحياء عصر ومذبح والسنينة بمديرية معين في العاصمة المختطفة صنعاء، من تعرّض أغطية ممرات مياه الصرف الصحي، أو ما يُعرف بـ"الريكارات" في مناطقهم، وعلى مقربة من منازلهم للسرقة على أيدي عصابات مجهولة تنشط أثناء فترات الليل.
وعادةً ما تحدث غالبية السرقات في صنعاء خلال فترات الليل، بينما لا تزال تلك العصابات تنشط حالياً في شوارع وأحياء متفرقة، حيث تقوم بأعمالها تحت وطأة الحاجة.
وأفاد بعض السكان في صنعاء باستمرار بقاء الكثير من ممرات مياه الصرف الصحي بالقرب من منازلهم بعد أن تعرّضت أغطيتها الحديدية للسرقة من قِبل العصابات، دون وجود أي تدخل من قِبل الجهات المعنية، الأمر الذي يعرّضهم وأسرهم لمخاطر صحية.

عصابات محمية بالحوثيين
ووفقًا للصحيفة، فقد تحدثت مصادر محلية عدة في صنعاء عن وجود شكاوى بالجملة حول انتشار عصابات محمية من الحوثيين، متخصصة بنزع وسرقة الأغطية الحديدية لمجاري الصرف الصحي لغرض التكسب غير المشروع من ورائها وبيعها لمحال الخردة أو الحديد.
وأشارت المصادر إلى تعرّض أغطية مجاري الصرف الصحي في عدة مناطق واحياء وشوارع العاصمة للسرقة من قبل تلك العصابات، ما يهدد حياة سكان المدينة للأمراض جراء انبعاث الروائح الكريهة منها، كما أنها تشكّل خطرًا على حياة الاطفال في حال ظلت مكشوفة خوفًا من الوقوع فيها.

سرقات متعددة
بالانتقال إلى محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) التي يعاني سكانها في الوقت الحالي "انتكاسة حقيقية وشاملة" في شتى مجالات الحياة، وعلى رأسها الجانب المعيشي والأمني. 
و تفيد مصادر محلية بأن المحافظة ومديريات تابعة لها تشهد تصاعداً ملحوظاً في جرائم سرقة الكابلات والأسلاك التابعة للكهرباء العمومية المتوقفة عن الخدمة منذ سنوات.
وتركزت أعمال السرقة لأسلاك وكابلات الكهرباء في نطاق شوارع وأحياء متفرقة بمديرتيّ الظهار والمشنة، في وسط وضواحي مدينة إب، وفي مناطق تتبع مديريات المخادر وجبلة وبعدان في المحافظة ذاتها، بحسب المصادر.
وقدّرت مصادر عاملة في فرع مؤسسة الكهرباء  بإب، كمية المسروقات من الكابلات والأسلاك النحاسية على أيدي عصابات تنتشر في مناطق متفرقة من المحافظة، بأنها بلغت خلال الأشهر القليلة الماضية أكثر من سبعة أطنان، وتقدر قيمتها بملايين الريالات اليمنية.
وتشير المصادر إلى تعرّض أطنان أخرى من تلك الأسلاك النحاسية للتلف والنهب والسرقة طوال فترة الأعوام التسعة الماضية من زمن الحرب، في ظل انقطاع التيار الكهربائي الحكومي عن المحافظة ومدن يمنية أخرى منذ اندلاع الصراع.

سرقة الآثار
ولم تقتصر جرائم السرقة في إب اليمنية على أسلاك الكهرباء، إذ تكشف المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن انتشار غير مسبوق لعصابات أخرى متهمة بسرقة الآثار القديمة، وسرقة المواشي، وسرقة حقائب النساء، وسرقة منازل وممتلكات السكان، والسطو على سلع مختلفة من على متن شاحنات النقل الثقيل في الطرق الرئيسية.
ويتهم سكان مدينة إب بعض مُلَّاك محطات الكهرباء التجارية ومسؤولين آخرين يديرون شؤون المحافظة، بالوقوف خلف دعم وتمويل تلك العصابات بغية الاستفادة من تلك الكابلات النحاسية التابعة لقطاع الكهرباء الحكومي.

تجارة رائجة 
تأتي هذه الحوادث في وقت تشهد فيه أسعار النحاس في السوق المحلية ارتفاعاً ملحوظاً، حيث يبلغ سعر الكيلو جرام من النحاس ما يعادل نحو 3 دولارات، كما تستخدم تلك المادة الحيوية في اليمن على نطاق واسع في قطاعات مختلفة، منها البناء والنقل وغيرهما.

وفي مناطق الشرعية
ولم تقتصر السرقات في مناطق الحوثيين وحدها، بل وفي المناطق المحررة الواقعة تحت سيطرة عناصر حزب الإصلاح "ذراع تنظيم الاخوان الارهابي في اليمن"، شريك الحوثيين في الفوضى والحروب ضد اليمنيين.
حيث تشهد المناطق المحررة في تعز العديد من جرائم السرقة من قبل عصابات تابعة لقيادة محور تعز العسكري الخاضعة لسيطرة الإصلاح، تتمثل في سرقة محتويات المنازل التي يتم اقتحامها بالقوة، فضلًا عن سرقة المواشي، إلى جانب ممارستهم لسرقات وتهريب مشتقات النفط والغاز إلى مناطق الحوثيين.
كما يتم في تعز ومأرب ولحج وعدن، سرقة أسلاك الكهرباء خاصة خطوط الضغط العالي، وبيعها في محلات الخردة، فضلًا عن سرقة حديد الانشاءات، وصولًا الى سرقة عبّارات المياه من تحت جسور الطرق كما حدث في جسر طريق العند – طور الباحة في لحج.

تدهور الأمن وانتشار الفقر
ويرجع عدد من المختصين الاجتماعيين، أسباب انتشار السرقات في البلاد، إلى انهيار المنظومة الأمنية نتيجة فوضى 2011 وانقلاب وحروب الحوثيين التي تلتها، وانتشار العصابات المسلحة التي تشكّلت عقب تلك الفوضى والانقلاب والحروب التي تخوضها مليشيات الحوثي ضد اليمنيين على مدى تسع سنوات.
كما يرجعون ذلك إلى انهيار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتدهورها ودخول البلاد في حالات فقر ومجاعة وصلت إلى حدود غير مسبوقة، جراء الفساد المنتشر في جميع المناطق "المحررة و غير المحررة"، والذي تمارسه عناصر ما يُعرف بسلطات الأمر الواقع في عدن وصنعاء.

أسباب وجيهه
وتنتشر حالات الفقر بشكل كبير في أوساط السكان جراء تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي جراء الممارسات المخالفة للقانون من قبل القائمين على الحكم في البلاد، ومنها نهب أموال الإيرادات المختلفة، وكذا التصرف بالمعونات والودائع والمنح المقدمة من المانحين، والتصرف بها لتنمية المصالح الشخصية، وصرف مرتبات عناصرها المحيطة بكل مسؤول وقائد من تلك العصابات الرسمية.
ويرى المختصون الاجتماعيون، أن حالات السرقة التي تمارس من المسؤولين بشكل رسمي، والتي تسببت بتدهور العملة وارتفاع الأسعار، دفعت العديد من الأشخاص إلى البحث عن مصدر لتوفير لقمة عيشهم وأسرهم بعد وصولهم إلى مرحلة المجاعة الحقيقية، بطرق غير مشروعة ومنها السرقة، كسلوك ناتج عما يجري من فساد وسرقة في الدوائر والمؤسسات الرسمية.