الإسلام دين السلام ..!!
بكل صراحة .....
تطول سنوات الحروب والصراعات أو تقصر ، لا بد في نهاية المطاف من الجلوس على طاولة المفاوضات والحوار ، فالحرب حالة شاذة واستثنائية ، والسلام هو الحالة الطبيعية والدائمة ، فكل الحروب في تاريخ البشرية ، سواء طال أمدها أو قصر ، كان السلام في نهاية المطاف ، هو النتيجة الحتمية لها ، وما تلك الدماء التي تسفك ، والمدن التي تدمر وتحطم ، سوى قرابين لإرضاء غرور ونزوات وأطماع الحكام والملوك والسلاطين ، في كل زمان ومكان ، لذلك حظي السلام بعناية فائقة جداً في الديانات السماوية ، فكان السلام شعاراً للديانة المسيحية ، وظل المسيح عليه السلام يدعوا أتباعه ، لنشر السلام حتى مع أعدائهم ، لكن للأسف الشديد ، لم يتمسك الملوك والأباطرة ورجال الدين المسيحيين بذلك ، حيث كانوا عبر التاريخ أكثر من غيرهم سفكاً للدماء وشناً للحروب على الأمم الأخرى ، وأكثر من غيرهم في التوسع والاستعمار على حساب الآخرين ، تحت تأثير الأطماع التوسعية والسلطوية ، ضاربين عرض الحائط ، بالسلام الذي هو شعار ديانتهم السماوية ..!!
وهذا دين الإسلام العظيم إسمه مشتق من السلام ، فالسلام والإسلام ، مشتقان من مصدر واحد ( سلم ) ، وهذا من حيث المبدأ ، يدل دلالة قاطعة ، على مكانة وأهمية وعلاقة الإسلام بالسلام ، ودليل على الإرتباط الوثيق والتماهي الكبير بين السلام والإسلام ، كما أن رب هذا الدين العظيم قد جعل أحد أسمائه الحسنى هو ( السلام ) ، والله تعالى عندما جعل السلام أحد أسمائه الحسنى ، هو لهدف عظيم وجليل ، يتمثل في ترسيخ مفهوم وقيمة السلام في وجدان ومشاعر المسلمين ، بهدف توضيح أهمية السلام في حياتهم ، وتعاملاتهم ، وأخلاقياتهم ، ولم تكتفي التشريعات الإسلامية بذلك بل جعلت من السلام التحية الرسمية لأتباع الإسلام ، وهي ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ، والرد ( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ) ، وفي هذا إشارة واضحة على المكانة الكبيرة للسلام ، في المنهج الإسلامي الوسطي ، بحيث تظل كلمة السلام دارجة على لسان المسلم ، لترسيخها في ذاكرة المسلم ووجدانه ، بهدف تحويلها من لفظ ومفهوم ، إلى سلوك وأخلاق ومعاملة ..!!
ولم تتوقف التشريعات الإسلامية عند هذا الأمر بل جعلت من السلام آخر كلمة ينطقها المسلم ، وهو يؤدي أهم عبادة فيه ، وهي عبادة الصلاة ، حيث يقوم المسلم في نهاية الصلاة ، بتحريك رآسه ناحية اليمين ، ويقول ( السلام عليكم ) ، ثم يحرك رأسه ناحية اليسار ، ويقول ( السلام عليكم ) ، وهذا مؤشر مهم جداً ، على المساعي الحثيثة للإسلام ، لترسيخ السلام في حياة المسلم ومعاملاته وتصرفاته ، ولم تتوقف التشريعات الإسلامية عند هذا الحد بل جعلت من السلام واجب ديني ، وأمرت كل مسلم بالدخول في عالم السلام ، في كل أحواله وظروفه ، قال تعالى :- (( ادخلوا في السلم كافة )) ، كما أوجب الإسلام على أولياء أمور المسلمين بالجنوح للسلم في ساحات المعارك ، إذا جنح الطرف الآخر للسلام ، وفي هذا دليل واضح وصريح ، بأن الإسلام ليس دين حرب ، ولا مكان للحرب في تشريعاته ، إلا عند الضرورة القصوى ، كحالة استثنائية ، في حالة رد العدوان والدفاع عن النفس ..!!
وقد ذهبت التشريعات الإسلامية إلى أبعد من ذلك للتأكيد على أن الإسلام هو دين السلام ، حيث جاءت في المنهج الإسلامي العديد من التشريعات ، التي تنهى المسلمون عن الاعتداء على الآخرين ، وتسمح لهم برد العدوان فقط ، قال تعالى (( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )) ، هذا التشريع الإسلامي العظيم ، هو بمثابة قاعدة عامة ورئيسية وحاكمة من قواعد الدين الإسلامي ، الواضحة وضوح الشمس ، والتي تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك ، بأن الإسلام ليس ديناً للعدوان ، ولا للإرهاب ، بل ديناً للسلام . إن ديناً عظيماً يعطي السلام كل هذه المكانة العظيمة ، والأهمية البالغة ، لا يمكن أن يكون ديناً للقتل ، ولا يمكن أن يكون ديناً للإرهاب ، وإنه من الظلم والإجحاف إتهام هذا الدين بالإرهاب والتطرف ، لأن ذلك يتناقض تماماً مع تشريعاته الإنسانية والحضارية ، التي تُمجِّد السلام ، وتدعوا إلى السلام ، وتحث على السلام ، وتوجب السلام ، وتجعل من السلام إطاراً عاماً لحياة المسلم ، وتجعل من الحرب الاستثناء لهذه الحياة ..!!