اليمن لم تعد تحتمل المجازفات

10:00 2023/12/25

لم نصدق أن مظاهر الحرب والصراع في اليمن قد تزحزحت من على كواهلنا التي أوهنتها الحرب الهوجاء على مدى ثماني سنواتٍ حالكة ، حتى بدأت تتراءى لنا خيالات حربٍ ربما قد تكون أقسى وأعتى من سابقتها ، ومن عدوٍ أشرس من الذي قبله.

فكيف يرتمي المتعافي من مرضٍ ، إلى براثن علةٍ أخبث ، بينما لا يزال في فترة نقاهته؟. 

ان العدو الصهيوني عدوٌ للجميع ، عدوٌ لا يرحم ، وهذا ما يجعلنا نتمنى زواله والى الأبد ، ولكن في نفس الوقت هناك توجسٌ من القادم ، وهل لا نزال نملك الطاقة لتحمل أي حربٍ أخرى؟

هل لذلك المريض الذي بدأ يتماثل للحياة أن يتعرض لوعكةٍ جديدةٍ بينما علته الأولى لم تشفَ بعد؟

هل لهذا الوطن الذي تمزق وأُريق دمه وانهارت مؤسساته ، والى آخر كل ذلك الوجع ، القدرة على استقبال وجعٍ جديد مماثل لسابقه وربما أصعب؟

هل نحن على استعدادٍ لنعيش تجربةً أخرى نرمى فيها داخل أراشيف المجتمع الدولي والجامعة العربية ، ونزداد حرباً منسيةً مضافةً الى حربنا المنسية الأولى التي لم يلتفت إليها أحد او يشجب ويندد مسؤولٌ دوليٌ أو عربي؟
نحن لا نستحق كل هذا البؤس ، ولا نقوى على اي مجازفةٍ من أي نوع ، فبلادنا قد نالت حصتها من الوجع وأكثر.

نحن نستحق أن نحيا كباقي شعوب الأرض ، أن نبني مستقبلنا ، ونؤسس حياتنا داخل بلادنا.
اليوم يعيش الكثير من ابناء الوطن خارج وطنهم يترقبون بنبضاتٍ متبعثرة بشارات الفرج ليعودوا إلى أوطانهم ويحيوا كباقي الناس ، لذا فإن أي بوادر نيران أخرى تزيد من جمرات قلوبهم ، وتقتل آمالهم بالعودة. اليمنيون في الخارج يبتهلون للخلاص ولمّ الشمل، وأظن ان من أبسط الأشياء الواجبة علينا ان نسعى بكل جهدنا للسلم بعيداً عن أي مجازفة.

الأوطان وشعوبها تحتاج للمسؤولية ، وتحمل المسؤولية ، يعني الجدية في إعادة الوطن إلى وضعه الطبيعي ، بحيث يعود المغترب المتلهف للعودة وكله ثقة ان لديه وطن لا يمسه شيء.

مصير اليمن اليوم مجهول رغم ان الانفراجة كانت قد بدأت بالشروق .

فهل يا تُرى سنعيد التجربة المُرة ، أم أننا سننجو ، وسيُقدر لنا العيش كما يعيش الجميع ؟!