العلاقات البشرية .. والنزعة المادية والسلطوية ..!!

11:32 2023/12/24

بدون شك بأن معظم العلاقات بين الجنس البشري تحكمها المصالح المادية والسلطوية على كل المستويات الفردية والمجتمعية والدولية ، فمن أجل المادة والسلطة قتل الإنسان أخيه الإنسان ، ومن أجل إشباع الحاجات والرغبات المادية والسلطوية والتوسعية شنت المجتمعات والشعوب البشرية الحروب ضد بعضها البعض ، وأباحت لنفسها سفك الدماء ونهب الأموال والممتلكات وحتى انتهاك واستباحت الحرمات ، في مشهد كارثي ومأساوي يظهر مدى توحش البشر عندما تصبح المادة واشباع الشهوات الهدف المنشود ، وعندما يصبح الصراع على السلطة والملك والتوسع والهيمنة الغاية القصوى ، عندها تصير الدماء والأنفس لا قيمة ولا أهمية ولا وزن لها ، فكم سقط من البشر في سبيل ذلك ، سقط الكثير الكثير من الملايين ، من أجل أن يستحوذ فرد أو أسرة أو جماعة أو طائفة على السلطة والحكم ، وتهيمن وتسيطر على الأموال والثروات ، نعم إن النزعة المادية عندما تسيطر على النفس البشرية تجعلها تستهين بكل التضحيات البشرية التي تسقط في سبيل إشباع تلك النزعة المادية السلطوية ، فكم قرأنا عبر التاريخ البشري عن تلك الأرقام الكبيرة للضحايا خلال الحروب والصراعات ، من أجل إشباع نزعة الملك والسلطة لتلك الأنفس البشرية التي استحوذت المادة والملك على تفكيرها وكل تفاصيل حياتها ..!!

تلك الأنفس التي استحوذ الشر عليها وأعمى بصرها وبصيرتها ، وجعلها لا تعير بالاً لحجم وأعداد الضحايا الذين يتساقطون في سبيل إشباع حاجاتها وغرائزها المادية والسلطوية ، فهي لا تتوقف عن دق طبول الحرب وحشد الجيوش والذهاب بهم إلى محارق الموت ، تلك الأنفس الشريرة التي لا وجود في قاموسها الفكري والثقافي للقيم الإنسانية وقيم التسامح والتعايش السلمي ، تلك الأنفس التي لا ترى في الحياة أكثر من كونها ساحة حرب مفتوحة ومتواصلة ومستمرة لا نهاية لها ، والتي لا تشعر بالسعادة إلا وهي تشاهد الدماء تسفك والأنفس تزهق ورائحة الموت تملأ الأرجاء ، تلك الأنفس العدوانية التي لا ترى في الحياة أكثر من كونها مادة وسلطة وملك وشهوات وهيمنة وتسلط على رقاب الناس ، تلك الأنفس التي استحوذ الشيطان عليها وعلى تفكيرها ، وجعل منها أدوات لتنفيذ مخططاته الشيطانية والإجرامية ، بعد أن فرَّغ تفكيرها من الإيجابية والفضيلة والرحمة ، وجعلها تتفاخر فقط بالقتل وسفك الدماء والعدوان وقهر الآخرين وغلبتهم وسلب حرياتهم ومصادرة حقوقهم وحرياتهم ، تلك النفوس التي ترى في السلام والتسامح العدو الأكبر ..!!

نعم لن نبالغ إذا قلنا بأن النزعة المادية والسلطوية عند البعض ، قد حولت حياة البشر إلى جحيم لا يطاق ، وعلاقاتهم إلى عداواة وأحقاد وكراهية وصراع لا منتهي ، وتسببت في صناعة المزيد من الانقسامات بين أبناء المجتمع الواحد والوطن الواحد ، وتسببت في تحطيم وتخريب كل شيء جميل في هذه الحياة ، وتسببت في قيام علاقات فردية وأسرية ومجتمعية مشوهه ، لا مكان فيها للتسامح والتراحم والتعاون والتكافل والإخاء والتعايش السلمي ، وتسبتت في بروز ثقافة فكرية مشوهه ، لا مكان فيها للحوار والقبول بالآخر والشراكة مع الآخر ، ثقافة جاهلية متخلفة تمجد وتعظم القوة والغلبة والقهر في التعامل مع الآخرين ، وتجيز ممارسة الاستبداد والطغيان عليهم واذلالهم وسلبهم ونهبهم واستعبادهم ، ثقافة ينتج عنها إنشاء وتكوين مجتمعات بشرية منحرفة وعدوانية ، كل ذلك من أجل إشباع النزعة المادية والسلطوية لأرباب السلطة وأعوانهم واتباعهم ، ثقافة تقوم على منح الأقلية كل الحقوق والامتيازات والسلطة والحكم وتحرم الأغلبية من أبسط مقومات الحياة وحتى من حقهم في الحياة بكرامة ، وتحرمهم من إقامة علاقات بشرية سوية ، وفي ظل استمرار وهيمنة هكذا ثقافة سلبية وعدوانية لن تنعم المجتمعات البشرية بالسلام والأمن ، ولن تتمكن من إقامة علاقات إنسانية وإيجابية فيما بينها كما ينبغي .. للأسف الشديد ..!!