العنف والاضطهاد والحرب ضد مأرب وسكانها وثرواتها !

07:42 2023/12/22

من جديد نحاول أن نضع شكلاً من أشكال التعايش في مأرب التاريخ والمجد التليد ، ولكننا سرعان ما نصل الي طريق مسدود لإن ما تعيشه مأرب، أخطر بكثير من كونه مخطط ، بل أنه واقع استنزاف واستعباد وهيمنة سياسية ، تريد فرض وجودها من خلال تحويل سكان مأرب الاصليين لهنود حمر لا وطن ولا أرض ولا ثروات لهم ، وهم في أي لحظة يتعرضون لحرب كبيرة وأسلحة ثقيلة تقصف في كل الاتجاهات ، وتدمر ، وتلحق الضرر وفق مخطط سياسي أكثر عنفاً وأكثر كارثية.

القوى المتطرفة والمتمترسون في مأرب و الذين استولوا على القرار السيادي بها ، لا يأبهون بما يفكر به أبناء مأرب وشبابها ، وماهي أمنياتهم ومقدراتهم بل أن واقع مأرب صار يتجه لتكون هناك عصا غليظة يستخدمها الحاكمون الجدد الذين أذاقوا أبناء مأرب كل الويل والعذاب والقمع .

الكيان الهزيل الحاكم في مأرب الذي أوجدته الفوضى، هو عدو التنمية و السلام في مأرب ، وهو من يقوم بإضطهاد سكان هذه المحافظة ، ويتجه إلى معاملة قبائل مأرب على أنهم لا يستحقون أن يعيشوا في محافظتهم ، ويستثمروا امكانياتهم . هذا الطرف العنيف والمتشدد يلقى دعماً خارجياً وداخلياً لفرض إرادته بكل الإمكانيات .

خلال السنوات السابقة من الحرب وإنهيار الدولة حصل هذا الكيان على أموال كبيرة وترسانة أسلحة ، والتي سيطر عليها وتملَّكها من خلال نهبه للثروات الطبيعية المنتجة من حقول نفط مأرب .

وعندما يتجه لاستخدام القوة والأسلحة فإنه يعتمد على المرتزقة الذين تم جلبهم من خارج مأرب ، والمغرر بهم من الذين ينفذون خططه في الهيمنة واستعباد مأرب أرضا وإنسانا.
هذه القوة يستخدمها هذا الكيان ضد الشباب المأربي المحبط ، حيث يعيش سكان مأرب في أسوأ وضع لهم ، ويتم التضيق عليهم ، وإذا ما حاولوا رفض قرارات اللصوص الجدد ، خرجت كتائب ومعسكرات وأسلحة هذا الطرف لتقتل وتدمر وتمارس كل أشكال الانتهاك و القتل، بل أن ترك هذه القوة المتطرفة لتقوم بهذا السلوك الوحشي يعتبر أكثر أشكال و أنواع الانتهاك وجريمة حرب كبيرة ومنظمة.

إنها لأحد الكبر أن تقوم هذه الفئات الحاكمة و المتشبعة بالحقد الدفين والكراهية ، والتي رضعت هذا الحقد منذ عشرات السنين ضد مأرب وقبائلها وأبناءها ، تلك القوى المتوحشة والمتخومة بالمال والسلاح و بالاستفراد مما تبقى من مأرب وأبناءها ، ومحاولة تطويعهم بالقوة  ومحاولة تحريكهم بشكل وحالة من البؤس والقلق والفزع ، املاً في اختراق حياة هؤلاء الشباب الذين يبحثون في حياتهم ومستقبلهم ، وأي نافذة أمل للحرية ليتنفسوا منها الصعداء . وكما أن خيارات هؤلاء وأهدافهم هي العيش الكريم لكنهم يرفضون أي قوة عسكرية او حزبية مريضة ، و لن يخضعوا لأي إغراء بالمال.

هذه القوى المتطرفة عندما يحكمون الناس ويطبقون بأنيابهم القذرة والمسمومة على الشعب والقبائل والأمة اليمنية عموماً ، وأبناء مأرب خصوصاً فهم لا يتورعون عن استخدام كل الموبقات.

فها هي تشهد عليهم مديرية الوادي بمأرب ، مديرية النفط والغاز والزراعة والضرائب والإيرادات المالية الكبيرة والتي كانت تمثل 70‎%‎ من مدخلات الجمهورية لخزينة الدولة ، فلم يقوموا ببناء منشأة واحدة لمديرية الوادي والصحراء ، ولم يرصفوا طريقًا واحدًا ، أو يُعبِّدوا تلك الطرق التي تم بناءها من قبل وصولهم للسلطة بمأرب ،والتي أصبحت مدمرة بسببهم ، ولم يُعبِّدوا طريقاً هم يمشون فيه يومياً ، ويسترخصون على قبائل مأرب وخصوصاً قبيلة عبيدة وأبناءها إصلاح شيء لهم وبناء مشاريع لمديريتهم و لمحافظتهم من ثرواتهم المسروقة والمنهوبة لصالح فئة قليلة هي من تستغل مأرب وتحاربها وتقتل أبنائها ، وهذا المتطفل الجديد على مأرب يمنع ويحارب مستقبل أبناء مأرب ، وهم اكثر من ضحى ، وقدم الشهداء والتضحيات عن مأرب. 

وحتى لا يتركوا لمأرب منجزاً واحداً ، فها هم يدمرون وبشكل متعمد ما تم انجازه من قبل من تنمية ، إننا نعرف ويعرف أبناء مأرب الأحرار أن هذه الطغمة الفاسدة ، والتي لا تنتمي للوطن الكبير والتي تحكم مأرب منذ فوضى الربيع العربي في 2011م ، وصلت للسلطة عبر الفوضى والانقلاب على الدستور والقانون والتقطعات ، بل وتم فرضها من قبل قوى قليمية ودولية خارجية ومعادية ، وذلك مقابل تفكيك سيادة الوطن  وتمزيق النسيج المجتمعي والقبلي لأبناء وقبائل مأرب الأصيلة والشجاعة والوفية و لسيادة ووحدة اليمن بعد تدمير المنطقة المركزية من اليمن.

ان بقاء هذا الكيان الهزيل والطغمة الفاسدة في حكم مأرب ، لتقوم بالإستيلاء على ثرواتها من قبلهم و التي يتم نهبها وتهريبها للخارج ، فهم ليسوا سوى مجموعة من الناهبين واللصوص ، وبدلاً من تطبيق عدالة القانون والدستور وإعطاء مأرب نصيبها من عوائد النفط والغاز ، والمنهوبة والمسروقة لأكثر من 12 عاماً، ها هم يطبقون عدالة الإنتقام والغوغاء ضد كل من يطالب بحقة ،في العيش الكريم والمساواة والكرامة ، ونصيب أبناءها في الثروة. فأين عوائد التنمية المرصودة لمأرب ومناطق الامتياز النفطي خلال ال 12 عام الأخيرة ؟!

ولم ولن يتبقى من النظام الاجتماعي في مأرب ، إلا مجموعة من الشباب الذين يتحركون داخل مدنهم وقراهم وهم في شبه غيبوبة ،ينتظرون انطلاقة لفرض وجودهم وهم سيجدون هذه الفرصة ، لكي تأتي ليصنعوا الحرية لإنقاذ هذه البلدة الطيبة واهلها الصامدون ،اهل التاريخ والنضال المشرف المعروف للقاصي والداني.

ان اخطر ما  قد يصيب ذلك الشباب الطموح من أبناء مأرب هو ذلك الجيش الإعلامي الحزبي المقنع والحاقد ، والذي يلمع ويدافع عن الفساد في اروقة سلطة مأرب ، ومحاولة تجميل وجه حكام مأرب البائسين ، بالرغم من النشاط السيئ والعنف المفرط وحالة الحرب التي لا تنتهي على سكان مأرب وقبائلها ، لذا فإن من يحكم مأرب اليوم وصل لمستوى من الاستبداد والفساد ، وهو يريد فرض مصلحته وتكريس هذه المصلحة السياسية الضيقة ، على حساب سكان مصالح مأرب و الهدف الكبير هو الإخلال بالواقع التأريخي والسكاني لمأرب ، لصالح تمدد هذا الكيان وتوسع عامله الديمغرافي السياسي لمن لا ينتمي لهذه الارض.

وختاماً، فإن ابناء مأرب وقبائلها وشبابها الطموح في ذمتنا وتحت مسؤليتنا ، ونحن أصحاب الفكر المستقبلي ، فعار علينا أن تمر تلك السنوات ونحن فقط ننوح ونضع أيدينا على وجوهنا بانتظار صلاح الدين المأربي ، أو بطل من الخارج لانقاذنا ، بينما هولاء يضعون السلاسل في أعناق أبناء مأرب ، ويكمموا الأفواه ، واشتروا سكوت و ضمائر بعض الوجاهات الاجتماعية بالمال المدنس ، وتركهم في موكب التيه

كمّا نؤكد أن الله القوي العزيز سيسألنا جميعاً باي ذنب قتلت هذه الأنفس ،والتي تزهق  للشباب وللفتية الصغار، وهم يغادرون أهلهم ولا يجدون أي منقذ ، ليخرجوا الي سبل السلام والعيش الكريم والتحرك الحر؟

مأرب مهددة من توسع خيار العنف الذي صار يطبق من قِبل هؤلاء ، الذين أتوا في حين غفلة وأخذوا يتسللون ويضعون مخطط وجودهم .. هؤلاء الذين يرفضون أن يتحدث سكان مأرب، بأن يكون لهم الحق في إدارة محافظتهم، واستثمار ما فيها من خيرات.

وبمجرد أبسط الأحداث والأزمات يتحرك هذا الطرف ليخرج قوته ، ويبطش بلا حدود ، وينفذ سياسة القتل والعبث ، ويقصف بكل أسلحته مناطق القبائل ومناطق سكانية لإبناء مأرب ، ويقصي أبناء هذه المحافظة من التوظيف ، ويمنع المشاريع والطرقات والمدارس والمستشفيات لينهب الأموال ويستثمرها في الخارج ، هذه هي الكارثة ، و هذا هو الاستغلال والإقصاء.

وأخيراً ، ندعو السلطات الشريفه والوطنية ، وأصحاب الأيادي البيضاء داخل مأرب ، كما ندعو الشباب إلى أن يكون لهم دور في العمل الوطني ، بحيث نتخذ خطوات حقيقية لحماية مأرب ، ومنع واقع الحرب والعنف الذي يُستخدم ضد مأرب وسكانها.

حماك الله يا مأرب العز ، وأبعد عنك الأشرار وعباد المال وتجار الوطنية الزائفة ، والذين يعيشون كطفيليات في الموسسات والمنظمات الإقليميه والدولية ، (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) صدق الله العظيم.

*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.