Image

آخر تداعيات مكامن فساد نفط مأرب .. أُقرِّت الجرعة والقبائل تُصعِّد والحوثي يدخل خط المواجهة

صَعَّدت قبائل مأرب خلال الساعات القليلة الماضية، ضد السلطة المحلية بالحافظة التابعة لحزب الإصلاح "ذراع تنظيم الإخوان الإرهابي في اليمن" على خلفية إقرار شركة النفط اليمنية رفع أسعار المشتقات النفطية ، التي كانت تحذّر منه القبائل.

وذكرت مصادر قبلية ، بأن معاركًا عنيفة اندلعت مساء الأربعاء ، بين قبائل مأرب على راسهم قبيلة "عبيدة" ، وما أسمتها عناصر حزب الإصلاح الإخوانية، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والطيران المسيّر ، أدت لقطع الطريق الدولي الرابط بين مديرية الوادي ومنطقة صافر النفطية.

وأشارت المصادر ، إلى أن القبائل رفضت قرار الحكومة رفع أسعار البترول من 3500 إلى 9750 ريالا للإسطوانة سعة (20 لترا)، والتي أقرّتها الأربعاء شركة النفط في مأرب ، مطالبة الحكومة وسلطة مأرب التراجع عن القرار.

وأكدت ، بأن المعارك بين الجانبين خلَّف قتلى وجرحى ، في حين استمرت عمليات التحشيد باتجاه مناطق المواجهات المنتشرة على طول الطريق الرابط بين مديرية الوادي ومنطقة صافر النفطية ، والذي امتد على محيط منشأة صافر المحاصرة منذ أيام من قِبل القبائل التي تمنع دخول وخروج شاحنات النفط والغاز إليها.

وأكدت القبائل في بيان لها ، عدم ترك مواقعها القتالية حتى يتم "إسقاط الجرعة النفطية الجديدة بشكل كامل ، ومحاسبة الفاسدين ، ورفع رواتب الموظفين في مأرب إلى 1500 ريال سعودي" مساواة بما يتم صرفه لجهات أخرى.

كما هددت القبائل باستمرار حصارها لمنشأة صافر النفطية ومنع دخول وخروج قاطرات الغاز والنفط إليها ، الأمر الذي يهدد بتسبب أزمات في الغاز المنزلي والمشتقات النفطية في المناطق المحررة التي تعتمد على صافر بالحصول على تلك المواد.

وأوضحت ، بأن الطريق الدولي مفتوح أمام المسافرين ما عدا قاطرات النفط والغاز التي سيتم استهدافها في حال حاولت المرور من الطريق المؤدي إلى منشأة صافر.

وكانت شركة النفط اليمنية في مأرب قد أقرَّت الأربعاء ، رفع سعر المشتقات النفطية بحيث تصبح سعر الدبة البترول سعة 20 لترًا أكثر من 8 آلاف ريال بدلًا عن 3500 ريال السابقة ، مرجعة القرار بأنه يتوافق مع توجيهات الحكومة وقرارها رقم (3) لعام 2023م بشأن المصادقة على قرارات المجلس الاقتصادي الأعلى الخاصة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز موارد الدولة.

وعلى إثر ذلك القرار ، صَعَّدت القبائل ضد السلطة المحلية في مأرب والقوات التابعة لها والتي تشكّل عناصر حزب الإصلاح الغالبية العظمى لتلك القوات ، وكذا موظفي المؤسسات الحكومية الرسمية ، بما فيها محافظ المحافظة سلطان العرادة ، عضو مجلس القيادة الرئاسي.

وأكدت القبائل في بيانها ، ان "مسؤولي الحكومة يحصلون على عائدات يومية تصل إلى نصف مليون دولار يوميًا من عوائد مأرب النفطية والزراعية وغيرها من الإيرادات ، وكلها تذهب للفاسدين" ، حسب وصف البيان.

الحوثي في خط المواجهة
وفي حين تركّزت المواجهة بين الجانبين في منطقة "العرقين" وتوسعّت باتجاه منشأة صافر النفطية بمديرية الوادي، أكدت مصادر ميدانية ، دخول مليشيات الحوثي على خط المواجهة ، وقامت بإشعال جبهات "العكد" القريبة من جبال البلق الشرق ، جنوب مدينة مأرب ، مركز المحافظة.

وذكرت المصادر ، بأن مواجهات وقصف بالطيران المسيّر بين الحوثيين والقوات الحكومية المرابطة في تلك الجبهات الواقعة على بوابة الدخول نحو مديرية الوادي من جهة مديرية الجوبة الواقعة جنوب مأرب.

صراع على فساد النفط 
وتؤكد مصادر مستقلة في مأرب ، بأن ما يجري حاليًا في المحافظة يصب في صالح مليشيات الحوثي، ويأتي في اطار صراع الفاسدين على النفط والغاز ، مشيرة إلى أن موارد النفط بعد توقف توريد عائداتها إلى صنعاء في 2015م ، باتت تذهب إلى سلطة مأرب المحلية والحكومة المتواجدة في الخارج.

وأوضحت ، بأن تلك الموارد تتمثل في الإنتاج النفطي الذي يبلغ 25 الف برميل يوميًا ، يذهب منه 10 ألف لمصافي مأرب ، و 15 ألف يُصدَّر للخارج أو لكهرباء عدن بعد توقف التصدير للخارج. ويباع جزء منه محليًا لاستخدامات عديدة ، وإنتاج غازي يومي بـما يعادل 21 برميل نفط مكافئ.

وأفادت ، بأن الكمية المُصدرة من الكمية المنتجة من النفط والغاز يتم بيعها بالسعر العالمي للنفط والغاز (77$ للبرميل) لتحقيق عائدات سنوية تصل إلى 1.3 مليار دولار ، تذهب كلها للفاسدين في السلطة المحلية والحكومة ، ولا يتم توريدها للبنك المركزي في عدن.

قيمة عوائد منشأة صافر
وحول عوائد منشأة صافر النفطية الواقعة تحت حماية قوات القيادي في تنظيم الإخوان علي محسن الأحمر ، فمتوسط إنتاجها يتراوح ما بين 9 - 10 ألف برميل يوميًا ، أي (1.5 مليون لتر) يباع اللتر للمستهلك من البنزين بـ 175 ريال ، فيما متوسط سعر اللتر غير المدعوم في مأرب وغير مأرب 1200 ريال ، وهذا يعني بأن السعر غير المدعوم يزيد عن 7 أضعاف السعر المدعوم.

وفي حين يتم بيع نصف الكمية لبعض الجهات بالسعر الفعلي ، والتي تذهب لمنظومة الفساد الكبيرة والمعقدة المستفيدة من الدعم ، والتي تبلغ قيمتها أكثر من 500 ألف دولار يوميًا على الأقل (750000 لتر × 0.7 دولار)، يتقاسمها أطراف الفساد المتعددة وأهمها سلطة مأرب من حزب الإصلاح ، والقادة العسكريين والأمنيين في مناطق النفط والغاز والمنشآت ، وكلها تنتمي لحزب الإصلاح ، فضلًا عن بعض شيوخ القبائل والنافذين وبالذات شيوخ قبائل عبيدة ، الذين منهم الموظفين الكبار في شركة صافر ووزارة النفط ، وبعض المسؤولين الكبار في الحكومة الشرعية. يضاف لهؤلاء عددًا كبيرًا من المستفيدين الصغار ممن يبيعون حصصهم بالسعر المدعوم في السوق السوداء.

مكمن الفساد المتسبب بالاشتباك
ومن خلال التحليل السابق لعمليات البيع والشراء في عمليات النفط والغاز بمأرب وتوزيعها على شبكة الفساد ، يتضح لنا سبب ما يجري حاليًا من مواجهات بين الجانبين ، حيث تشكّل الزيادة ضربة لمصالح تلك الأطراف التي كانت تستفيد من عملية البيع وفقًا للسعر المدعوم ، بحيث سيتم إلغاء الكمية التي كانت تستفيد منها والتي تباع بالسعر الفعلي في السوق.

وتشير المصادر إلى أن من يقف وراء معارضة القرار يتصدرون له بالنيابة عن شبكات الفساد التي ذكرناها ، رغم ان أن الدعم لم يُلغى بشكل كلي ولا زالت الأسعار المقترحة تقل عن ثلث الأسعار الفعلية ، إلا أن الفاسدين لا يريدون أن يخسروا جزءًا من مكاسبهم الكبيرة والتي يعتبرونها حق من حقوقهم.

ويمكن القول ، أن الاشتباكات التي تدور في مأرب هذه الأيام هي اشتباكات متفق عليها بين أطراف لوبي فساد النفط ، هدفها إيصال رسالة للجهات التي طالبت بتحسين الإيرادات الحكومية وضبطها (السعودية ، الإمارات ، صندوق النقد الدولي، سفراء الدول المانحة) مفادها أن رفع الدعم عن مشتقات النفط والغاز يؤدي إلى عنف وفوضى ، ومن ثم فإن المطالبة بمزيد من خفض الدعم قد تجر إلى فوضى وعنف غير مسيطر عليه.