القراءة والبحث والدراسة .. وتوسيع القدرات العقلية .. وتقوية التحصينات الفكرية ..!!

01:48 2023/12/14

يستطيع الإنسان عن طريق القراءة والبحث والدراسة ، أن يحمي قدراته العقلية من الاختراق المنهجي والتبعية الفكرية للآخرين ، وأن يدافع عن حقه في التفكير الحر والمستقل ، وأن يدافع عن حقه في إتخاذ القرار بكامل إرادته بعيداً عن الإملاءات والتدخلات الخارجية ، التي تعمل بكل قوة من أجل استغفاله والاستخفاف به واستغلاله بشكل سلبي  ، ولذلك لا يستغرب أحد أن يكون أول أمر إلهي نزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، هو الأمر بالقراءة ، قال تعالى (( إقرأ بإسم ربك الذي خلق )) ، وذلك لما للقراءة من أهمية بالغة في حياة الإنسان وتفكيره وحاضره ومستقبله ، تتمثل في منح الإنسان القدرة على بناء التحصينات القوية القادرة على حماية عقله وفكره وإرادته وحريته من الاختراق والاستغلال والاستغفال والتغرير  والتضليل ، لأن الإنسان إذا انهارت تحصيناته العقلية والفكرية ، أصبح عقله ساحة مفتوحة ومستباحة لأراء وأفكار غيره ، وأصبح عبارة عن متلقي وتابع لتلك الافكار ، بسبب الغفلة وتعطيل العقل والإكتفاء بتلقي أفكار غيره ..!!

لأنه كلما زادت قراءة الإنسان وإطلاعه وبحثه ، كلما زادت قدرته على الفهم والإستيعاب والإدراك والتفكير ، وبالتالي لن يكون لقمةً سائغة وسهله للإستغفال والتغرير والتضليل الفكري أو الإعلامي ، وكلما قلت قراءة الإنسان وإطلاعه ، حتى ولو كان متعلماً ، كلما قلت قدرته على الفهم والإستيعاب والإدراك والتفكير ، وبالتالي سوف يكون لقمةً سائغة وسهله للإستغفال والتضليل ، لذلك نجد أن الإنسان الجاهل الذي لا يقرأ ، هو الأكثر عُرضة للإستغلال والإستغفال في كل زمان ومكان ، والإنسان المتعلم الذي لا يقرأ ولا يطلع ولا يبحث لا يفرق وضعه كثيراً عن ذلك الجاهل ، من أجل ذلك كل من يريد أن يُحصِّن قدراته العقلية ، ويحميها من الوقوع في براثن الإستغفال والتضليل والتغرير ، عليه فقط بالإكثار من القراءة والإطلاع والبحث فكل كلمة ، وكل جملة ، وكل مقاله ، وكل كتاب ، وكل فكره يقرأها الإنسان مهما استصغر شأنها ، لابد أن تساهم بشكل أو بآخر في بناء تحصيناته العقلية ، ودفاعاته الفكرية ، لذلك يظل خير جليس في الزمان كتابٌ ، وأيضاً يجب الإطلاع على كل الآراء والأفكار والدراسات والبحوث ، مهما كان يعتقد الإنسان أنه مختلفاً معها ، لأنها لا بد أن تفيده بطريقة أو بأخرى في توسيع مداركه العقلية ، وتمنحه القدرة على التمييز والمقارنة ، وتساعده في الاقتراب أكثر نحو الحقيقة ..!!

لأن ...
الذي يكتفي بالقراءة والإطلاع والبحث ، حول وجهة نظر واحدة ، يكون ضحيةً للتعصب للرأي الواحد ، والفكرة الواحدة ، بغض النظر عن صوابيتها أو إنحرافها ، أو موضوعيتها ، أو مصداقيتها ، ومن المعلوم بأن المتعصب هو أسهل شخص يمكن استغفاله والتضليل عليه ، لذلك أجمع الفقهاء والحكماء عبر التاريخ ، بأن المتعصب والمتشدد والمتطرف لأي فكرة أو رأي ، أو مذهب، ( لا رأي له ) ، لذلك نجد أن الأنطمة السياسية عبر التاريخ ، تحاول بكل الوسائل حصر عقليات الجماهير في وجهة نظر واحدة ، أو في مذهب واحد ، أو في حزب واحد ، حتى يكون من السهل عليها السيطرة على قدراتهم العقلية ، وبالتالي يكون من السهل عليها توجيههم حسب ما تقتضيه سياساتها وتوجهاتها ، وحتى الدفع بهم إلى الموت في سبيلها ، لذلك فإن القراءة والبحث والإطلاع هي السبيل الوحيد أمام كل إنسان ينشد الحرية والاستقلالية الفكرية ، ويريد أن يتحرر من أغلال التعصبات السلبية التي تقيد عقله عن التفكير والبحث ، وهي السبيل أيضاً لكل من يرغب في بناء منهج فكري وعقلي خاص به ..!!

لأنه وبدون شك كلما زاد الإنسان من القراءة وتوسع أكثر في الإطلاع والبحث ، كلما زاد رصيده الفكري والمعرفي والثقافي ، وكلما زاد الرصيد الفكري والعلمي والمعرفي في العقل البشري ، كلما زادت فرص العقل من التحرر من أغلال العصبيات السلبية التي تحصره في زوايا ضيقه وتفقده القدرة على الابداع والابتكار والمشاركة الإيجابية ، وعندما يتحرر الإنسان من أغلال العصبيات الضيقة ، يكون قد تحرر من التبعية الفكرية للآخرين ، وعندما يتحرر العقل الإنساني من التبعية الفكرية للآخرين ، يكون حينها قد امتلك القدرات العقلية الكافية ، القادرة على تحصينه وحمايته من الإستغفال والتغرير والتضليل ، لذلك لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال ، إستغفال العقل الإنساني المتحرر من التعصبات السلبية ، لأنه يصبح عقلاً مفكراً . عقلاً مستقلاً . عقلاً مسئولاً . عقلاً حراً . عقلاً مبدعاً وخلاقاً ..!!