Image

الدواء الذي تحوّل إلى سم في حاويات حديد بعدن

● تقارير المنطقة الحرة  تؤكد تلف الأدوية والهيئة العليا للأدوية تطالب بالإفراج عنها

● القضية أمام النائب العام .. حياة الناس غالية

● الهيئة العليا للأدوية شريك في تعريض حياة المواطنين للخطر

● لماذا لا تُتلف كمية ثبت بالدليل أنها لم تعد صالحة للاستخدام الآدمي ؟

 

حياة الناس ليست لعبة بأيديكم أيها المسؤولون بضمائر غير حية، فالغذاء أمانة لديكم وكذلك الدواء ..
أطنان من المواد الغذائية يتم إتلافها من حين إلى آخر في ميناء المنطقة الحرة عدن بسبب عدم صلاحيتها وأطنان أخرى تخرج من الميناء ويوزعها التجار المستوردين وهم يعلمون عدم صلاحيتها بحثًا عن الأرباح المالية حتى وإن كان ثمن ذلك حياة انسان،وهناك من لا يعرف أن حياة الناس غاليه !!

الدواء مهم للغاية لكن حينما يصبح الدواء سُمًا، فالتخلص منه أمر حتمي، لكن ما حدث ويحدث في ميناء المنطقة الحرة أمر عجيب. وهنا لا نتهم المنطقة الحرة، بل الاتهام موجّه للهيئة العامة للأدوية التي تسمح بدخول أدوية منتهية الصلاحية للسوق المحلي، والانتهاء هنا ليس تاريخ الانتاج والانتهاء ولكن طريقة الاستيراد الخاطىء عبر  الحاويات الحديد والمفروض أنها تورّد عبر حاويات مثلجة مثلما يحدث في العالم كله، إلا في اليمن حيث تتغاضى الهيئة العامة للأدوية ذلك مقابل ( ابن هادي أو ابن العليمي!!  ) ..

في الفترة الأخيرة تناولت مواقع التواصل الاجتماعي ، ومنها موقعنا ( المنتصف) قضية استيراد الأدوية عبر حاويات الحديد وأن هناك  أدوية في حاويات أصبحت تالفة في أرضية الميناء في وقت تصر فيه الهيئة العامة للأدوية إخراج تلك الحاويات .

وثائق تكشف فضائح استيراد الأدوية عبر ميناء عدن في حاويات حديد غير مبردة حصل عليها الزميل الصحفي عبدالرحمن أنيس ، وتائق تؤكد وصول الأدوية الى ميناء عدن على متن حاويات غير صالحة لنقله حيث انها تتسبب بإتلافها.

وعلى الرغم من خطورة ما ورد في التقرير ، إلا أنه لا يوجد اي تحرك حكومي حتى اللحظة لفتح تحقيق وتقديم المتسببين بتعريض حياة المواطنين للخطر ، للمحاكمة.

وبدورنا نضع هذه القضية بين يدي النائب العام للجمهورية، لعل ذلك يوقف مثل هذه الجرائم التي تعد جسيمة مع سبق الاصرار والترصد، وإحالة التجار الموردين لذلك والمسؤولين الذين يقفون مع التجار المخالفين في الهيئة العامة لهيئة الأدوية، الى التحقيق، ومعاقبة من تثبت التهم عليهم دون رأفة او رحمة، لنتخلص جميعًا من شبح الموت القادم من الدواء الذي يتحوّل إلى سم نتيجة الطمع والجشع، وغياب الرقابة المفروضة من الهيئة العليا للأدوية التي أصبحت ( حاميها حراميها) .. واليكم التفاصيل:

• وثائق تكشف فضائح استيراد الأدوية عبر ميناء عدن في حاويات حديد غير مبردة

الهيئة العليا للأدوية اصرت على الإفراج عن عشرات الآلاف من المضادات الحيوية التالفة بحجة ان الشركة المستوردة ستحرزها في مخازنها

التجار يستوردون الأدوية في حاويات حديد، كون الغرامة التي يدفعونها لهيئة الأدوية مع كل شحنة غير مبردة اقل بكثير من سعر استئجار الحاويات المثلجة.

امن المنطقة الحرة وجمرك الميناء رفعوا خطابات إخلاء مسؤولية عن استهلاك الأدوية الواصلة ، ودوّنوا عددًا من محاضر "إثبات حالة"

- يفتح العمّال باب حاوية حديدية تم انزالها في ميناء الحاويات بعدن ، يتقدم احد الضباط برتبة نقيب إلى الحاوية ويتحسس كراتينها ثم يفتح إحدها لفحص محتوياتها ، اخرج عينة ونظر إلى لونها باستغراب ، ثم جال ببصره يمنة ويسرة وعلامات الاندهاش تغزو وجهه مما رآه في تلك الكراتين.

امضى الضابط وقتًا في تفقد البضاعة ، ثم دوّن في تقريره الملاحظات التالية :

1- الحاوية غير مبردة منذ وصولها الى ميناء عدن قبل ستة اشهر.

2- يوجد رطوبة على الكراتين.

3- يوجد نمل وبيوت العنكبوت بين باكتات الادوية.

كانت تلك الشحنة مملوكة لشركة ( فارما بيديا ) للاستيراد. "الوثيقة رقم 1".

رفع الضابط الذي يشغل منصب رئيس قسم الادوية والمخدرات في شرطة المنطقة الحرة تقريره إلى شرطة المنطقة الحرة مقترحًا لإتلاف الشحنة ، لكن الهيئة العليا للأدوية ترفض ذلك ، وتطلب الإفراج عن الشحنة على ان يتم تحريزها في مخازن الشركة المستوردة تحت إشرافها.

وصلت تلك الشحنة إلى ميناء عدن في 14 نوفمبر 2020م قادمة من باكستان ، وبعد ستة أشهر كاملة من بقاءها في الميناء ، وجّه مدير عام الهيئة العليا للأدوية الدكتور عبدالقادر البابكري ، خطابًا في تاريخ 27 يونيو 2021م إلى مدير جمرك ميناء عدن للحاويات يطلب فيه الإفراج عن الشحنة وتحريز الكمية التي تحوي ستة أصناف دوائية في مخازن شركة فارما بيديا تحت إشراف الهيئة. " الوثيقة رقم 2".

في تاريخ 5 يوليو 2021م وجّه العميد عبدالسلام العمري مدير عام شرطة المنطقة الحرة خطابا الى مدير عام الهيئة العليا للأدوية بعدن ، كان مضمون المذكرة : (( نرجو منكم إعادة النظر في الإفراج وأمر التحريز فقد تغيرت الوان الأصناف الطبية جراء تعرضها لدرجة حرارة عالية )) " الوثيقة رقم 3" ،
لكن هيئة الأدوية تصر على الإفراج تحت ذريعة ان كمية الحاوية المقدرة بعشرات الآف من الباكتات بين قوارير وامبولات واشرطة، ستحرز في مخازن الشركة المستوردة.

أخيرًا، يقرر مدير الجمرك تسليم الإفراج لمندوب الهيئة العليا للأدوية ، كاتبًا في توجيهه ( على مسؤولية الهيئة العليا للادوية )." الوثيقة رقم 2".

السؤال : 
لماذا لا تُتلف كمية ثبت بالدليل أنها لم تعد صالحة للاستخدام الآدمي ؟ وما الجدوى من مطالبة تاجر بتحريز عشرات الآلاف من باكتات وقوارير الأدوية في مخازن شركته ؟ وهل تم تحريزها فعلًا ام بيعت في السوق ؟ .. أسئلة لا يعلم اجابتها الا الله في عرشه ثم مسؤولي الهيئة العليا للادوية في ارضه.

اسماء الاصناف المنتهية

كانت اسماء أصناف الأدوية المنتهية التي أصرت هيئة الأدوية على الإفراج عنها كي تحرز في مخازن الشركة المستوردة كالتالي :

1- المضاد الحيوي لينزوليد ( اوكسازوليدينون مضاد حيوي للعدوى البكتيرية الخطرة ) كمية 5000 علبة.

2- دواء باراسيتامول ( 24 الف علبة ).

3- ليفوفلوكساسين ( يستخدم لعلاج العدوى البكتيرية التي لا يمكن علاجها بمضادات حيوية اخرى). ( 30 الف قارورة و 15 الف باكت ).

4- ميثيكوبال ( صنفين اقراص وامبولات ). ( 40 الف باكت). "انظر الوثيقة رقم 4".

غرامات مريحة للتاجر

يتحايل كثير من تجار ومستوردي الأدوية ، فبدلًا من دفع مبلغًا كبيرًا لاستئجار حاوية مبردة من بلاد المنشأ ، ياتون بالأدوية في حاويات حديدية حارة ، ويدفعون عند وصولهم غرامة اثنين مليون ريال للهيئة العليا للأدوية التي تكرر استلام الغرامة منهم في كل شحنة. " الوثيقة رقم 5".

اذا استأجر التاجر حاوية مبردة سيدفع خمسين الف دولار منها خمسة الف دولار ثمن إيجار الحاوية و 45 الف دولار مبلغ ضمان يرد حين عودة الحاوية المبردة للشركة التي اجرتها ، ولكن للربح السريع يإتي التاجر بالادوية في حاويات حديدية حارة ويدفع غرامة اقل بكثير مما سيخسره لو استأجر حاوية مبردة.

ومن ناحية اخرى تستفيد الهيئة العليا للأدوية من ذلك حيث تأخذ غرامة اثنين مليون ريال على كل حاوية غير مبردة ، دون اتخاذ أي إجراء اضافي ضد المستورد الذي يكرر دفع الغرامة مع كل شحنة.

محاضر إثبات حالة

حصلنا على عدة محاضر ( اثبات حالة ) ، وقعها المسؤولون في أمن الميناء والجمرك تحسبًا لأي مساءلة قانونية مستقبلًا نتيجة استهلاك المواطنين لأدوية بشرية تُستورد بطريقة مخالفة لبروتوكولات استيراد الادوية.

في 23 اكتوبر 2023م ، جاء في محضر إثبات حالة انه تم معاينة وتفتيش حاوية نوع حديد ( غير مثلجة ) ، تتبع شركة الجبل فارما للأدوية ، لكن تم صرف شهادة إفراج للأدوية التي تحتويها من قبل الهيئة العليا للادوية. " الوثيقة رقم 6"

كما حصلنا على صورة من مذكرة وجهتها الهيئة إلى مدير جمرك الميناء تطلب فيها الإفراج عن الحاوية المذكورة وعليها توقيع مندوب الهيئة بأن الأدوية مطابقة للمواصفات !!. " الوثيقة رقم 7"

ليس ذلك محضر إثبات الحالة الوحيد الذي طالعناه ، وجدنا العديد من محاضر إثبات الحالة ، منها محضر اثبات حالة بتاريخ 25 نوفمبر 2023م يفيد بمعاينة وتفتيش حاوية نوع حديد غير مثلجة تحتوي على شحنة أدوية واصلة من تايلند باسم المستورد ( محلات الجبر التجارية ) ، ويفيد المحضر بانه تم صرف شهادة إفراج للأدوية من قبل الهيئة العليا للأدوية . " الوثائق رقم 8 +9".

كما عثرنا على محضر اثبات حالة بتاريخ 1 نوفمبر 2023م تفيد أيضًا بمعاينة وتفتيش حاوية نوع حديد غير مثلجة تحتوي على أدوية بشرية واصلة من الهند ، باسم المستورد / معمل النور للأدوية ، " الوثيقة رقم 10"  ، وتم صرف شهادة إفراج للأدوية من قِبل الهيئة العليا للأدوية أيضًا.."االوثيقة رقم 11".

الأمن والجمارك يخلون مسؤوليتهم

قبل عام ونصف وتحديدًا في 2 يونيو 2022م ، تم إرسال مذكرة مشتركة حملت توقيعين : مدير عام جمرك المنطقة الحرة محسن قحطان ومدير عام شرطة المنطقة الحرة العميد عبدالسلام العمري ، كانت المذكرة موجهة لمحافظ عدن ، ومنسوخة للنائب العام ورئيس محكمة استئناف عدن ومدير أمن عدن والهيئة العليا للأدوية.

جاء في المذكرة الموجهة للمحافظ لملس : (( نحيطكم علمًا بأن هناك شحنات أدوية تصل إلى ميناء المنطقة الحرة محملة بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الأدوية ، وقد تم اتخاذ إجراءات من قبلنا برفع مذكرات إلى الهيئة العليا للأدوية ، كما تم أخذ تعهدات على مستوردي الأدوية بعدم استيراد أي أدوية بحاويات ، ولكن لا زالت توصل بعض شحنات الأدوية محملة بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الأدوية ، ويتم الإفراج عنها من قبل الهيئة العليا للأدوية )).

واختتمت المذكرة المشتركة الموجهة لمحافظ عدن بالقول : (( وعليه فإن أمن المنطقة الحرة وجمرك المنطقة الحرة يخلون مسؤوليتهم عن وصول أي أدوية بحاويات غير مبردة وغير مخصصة ، وتتحمل مسؤوليتها الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية )). "الوثيقة رقم 12".

وسبق ذلك قيام مدير عام شرطة المنطقة الحرة العميد عبدالسلام العمري بإرسال خطاب إلى رئيس هيئة المنطقة الحرة حسن حيد يحذّر فيه من أن الأدوية تصل إلى الميناء بحاويات حديد ، ثم تنقل بعد تنزيلها من الحاويات إلى ثلاجات مبردة ، في حين يجب أن تكون مبردة منذ بداية تصديرها من بلاد المنشأ ، محذّرا من أن هذا الأمر يشكل خطرًا على حياة المواطنين المستهلكين للادوية "الوثيقة رقم 13"

تلا ذلك توجيه مدير جمارك الميناء محسن قحطان إلى مدير الرقابة الخارجية وقسم المعاينة في الجمارك بعدم السماح بتفريغ الأدوية إلى ثلاجات مبردة بعد وصولها ، وإخراجها من الميناء بنفس الحاويات التي وصلت بها، كون الهيئة العليا للأدوية على عِلم بوصولها في حاويات غير مبردة. " الوثيقة رقم 14".

"وجهة نظر هيئة الأدوية"

حاولت التواصل هاتفيًا وبرسائل الواتساب مع الدكتور عبدالقادر البابكري رئيس الهيئة العليا للأدوية ، وعرضت عليه طرح وجهة نظره في هذا الأمر حرصًا على عدم تغييب وجهة النظر الأخرى ، وقد رد علي بأنه مسافر خارج البلاد ، واجمالًا  التعقيب متاح للجميع حتى يصل من طرف الهيئة العليا للأدوية.( عبدالرحمن أنيس).

ختامًا
لا يمكن أن تمر هذه القضية مرور الكرام بل على جهات الاختصاص إيقاف استيراد الأدوية عبر حاويات الحديد، وإلغاء حصول الهيئة العليا للأدوية على غرامة الاثنين مليون ريال التي من أجلها يغضون الطرف عن مشكلة كبيرة جدًا تحول الدواء إلى سم قاتل يدفع معها الناس حياتهم، علاوة على ذلك أنهم يقومون بدفع مبالغ مالية كبيرة مقابل الحصول على هذا السم ( الدواء).
هذا امر يتضرر منه كل مواطن وكل مستهلك للدواء من الصيدليات ، الغني والفقير ، الصغير والكبير ، المسؤول وعامة الناس ..  
فهل نرى تحقيقًا جديًا في هذا الأمر ؟!