عذراً فلسطين .. لا زال العرب هم العرب ولا زالت إسرائيل هي إسرائيل !

01:19 2023/12/08

عندما نلقي نظرة متعمقة على مقاتلي المقاومة الفلسطينية ومقاتلي حماس الأبطال المرابطين في مدينة الصمود بغزة العزه ، نجدهم مجموعة من المقاتلين الذين لا ينظرون إلى خلفهم أثناء المواجهة، وعقيدتهم أنهم لا يتوقعون ان يقاتل عنهم اي شخص ، والفرق بينهم وبين عدوهم الصهيوني ، ان مقاتلي حماس لا يفكرون في التراجع والاختباء بينما سكان المستوطنات الصهيونية ، يتحركون و جوازات سفرهم البديلة في جيوب قمصانهم ، وهم مستعدون للهروب والجريء السريع نحو مطار بن غوريون الإسرائيلي في تل ابيب للمغادرة ، بعد ان رحلوا جميع مقتنياتهم وأموالهم التي سرقوها من السكان الأصليين لفلسطين.

ومن اجمل ما شاهدنا، أن شعب فلسطين العربي الحر في الداخل الفلسطيني، عندما قاموا بتنظيم مهرجان الأزياء الفلسطينية من عكا حتى رفح ، ولم يحملوا سلاحاً، حتى ان تلك الأزياء التي تم الاستعراض بها ، لا تختلف عن تلك الأيادي العظيمة التي يستطيعون بها مواجهة المعتدين في اي وقت من أوقات المعركة والجهاد المقدس في غزة.

إن غزة تتعرض لمحرقة وحرب إبادة غير مسبوقة في تاريخ الحروب ، فأصبح الموت قريباً من كل فرد من سكان غزة ومن أطفالها ونساءها وكبار السن دون تمييز ، فهي بحق حرب إبادة وحرب دينية ضد الشعب العربي المسلم في غزة بقيادة الصهاينة والغرب ، ومن كل صهيوني معتدي ، والفرق بينهما ان ابن غزة يستطيع قتل الصهاينة المعتدين حتى وهو في كفنه ، بينما الصهاينة لا يستطيعون قتل الفرد الفلسطيني حتى ولو كان الفلسطيني امام جنود الاحتلال من الرعب المسيطر على الغزاة المعتدين الصهاينة ، كما قال ربنا سبحانه في محكم كتابه الكريم ( لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة او من وراء جدر ) صدق الله العظيم.

العدو الصهيوني يعرفون جيدأ ما هو المتوقع من المقاومة في غزة ، فمقاتلي حماس والمقاومة يقتدون بالرسول محمد علية الصلاة والسلام وبصحابته في هذه المعركة من خلال مشاهدتهم وهم في قمة من الاستبسال والفداء والإقدام، وعدم الاهتمام بالموت فهم قوم يأملون الشهادة ، ولا يفكرون في الفرار ، فهم يجاهدون حسب التوجية المعنوي للرسول وصحابته كما قال الله في كتابه الكريم ( ولا تهنوا في ابتغاء القوم أن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون  وكان الله عليماً حكيماً).

ان من اهم عوامل نصر فلسطين هو توحيد الجبهة الداخلية ، من خلال توحيد الصف الفلسطيني اولاً ، فهو بداية الانتصار ، و توحيد الفلسطنيين في كل مناطق الضفة الغربية وداخل اسرائيل وفي الشتات ، لان ذلك سوف يعمل بجد لإحراز الانتصار ، و طرد القادة الفلسطينيين الخونة الذي ينساقون امنياً مع الصهاينة. هو بداية الانتصار لو كل الفلسطينيين يداً واحدة لتحقق النصر منذ زمن .
الفلسطينيون الذين في الخارج لو وحدوا كلمتهم وعملوا حملات إعلامية وتوعية للغرب وللعالم كما يعمل اللوبي الصهيوني، لتحقق النصر وتغيرت المعادلة لصالح شعب فلسطين الذي يجاهد من اجل تحرير ارضه ومقدسات المسلمين.

ونحن نحمد الله ان هذه المعارك التي يكثر فيها الشهداء في غزة ، لا يتواجد فيها ذلك الشباب العربي الذين يجلسون خلّف أمهاتهم، والا لكانت هزيمة الفلسطينيين اقرب مما يتصوره العرب، ولذلك نرجو من الفلسطينيين ان لا يسمحوا بتوجه العرب المتفرجين على هذه الحرب الى الانضمام لهذه المعركة ، فمن تعوّد على الإختباء خلف مرضعته ومربيته الأجنبية، لا تتوقعوا ان يتمكنوا من رفع البندقية في وجه هذا الاحتلال الصهيوني النازي والارهابي ، كما قال الله عز وجل ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً) صدق الله العظيم.

فرضت حرب غزة دمارا هائلا  ليس في فلسطين فقط ،لكنها في الواقع مثلت ضرب للبنية السياسية العربية ككل، وبذلك كشفت هذه الحرب عن حقيقية كل دولة عربية على حدة، وحالة من المصير المجهول لوضع عربي صار يختزل الضعف والهوان والخوف.

تركت أمريكا لنفسها رمزية متطرفة بقيادة المتطرقين اليهود في الادارة الأمريكية ، وهي تنكر أن إسرائيل لم ترتكب أي جريمة في فلسطين ،وزارة الخارجية الإمريكية تستبعد أن تكون إسرائيل قد قتلت مدنيين واطفالًا، بينما تصر الإدارة الإمريكية زوراً وبهتانا أن حماس قامت بحالة اغتصاب بعد 7 أكتوبر.

تفتقد المنطقة العربية لحالة التوازن ،بينما السلطة الفلسطنية صارت جزءًا من أدوات الحرب على فلسطين،  مع صمتها وعدم خروجها عن التعاطي السلبي، والذي يجري في غزة وكأن الظروف تستدعي من الرئيس الفلسطيني أن يظل معزولا برؤية ضعيفة ،وغير وطنية ولا ترتبط بموقف ثابت يرفض العدوان على شعبه .

كارثة العرب أنهم يتوقعون أن ما تمر به غزة سوف لن يؤثر ولن تكون له تداعياته عليهم ، وسيذهب العرب لنسيان هول الجرائم والدمار والخذلان الذي عاشه  الفلسطنيون، مقابل أنظمة تركت فلسطين مقابل مصالح الرؤساء والحكام، هذا لن يحدث بل  سيدفع لحالة من التغير مستقبلا ستكون أكبر وأوسع نطاقًا، في تحدي للواقع الغربي الذي يحدد ويضغط على الدول العربية وشعوبها وفق مخططاته ومصالحه.

نصر الله فلسطين وشعبها المجاهد البطل ، والخزي والعار لكل الحكام الخونة و من ساهم ويساهم في ضياع القضية الفلسطينية، والمجد للشعوب العربية الحرة المناصرة لفلسطين ، وستبقى فلسطين حره عربية في ضمير كل عربي وقلوب الإنسانية جمعا.

*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.