Image

مؤشرات معيشية مميتة.. بنك ومالية عدن أمام المساءلة الدولية

مؤشرات معيشية مميتة في المناطق المحررة..
ـ بنك ومالية عدن أمام المساءلة الدولية 
ـ فشل احتواء انهيار العملة وتنفيذ الاصلاحات المالية

أكدت مصادر مصرفية وأخرى اقتصادية في عدن، فشل الجانب الحكومي في احتواء أزمة انهيار العملة المحلية "الريال" أمام العملات الأجنبية، ما دفع المجتمع الدولي لمساءلة قيادة البنك المركزي في عدن عن أسباب ذلك الفشل الممتد على مدى عامين كاملين.
وأشارت المصادر إلى أن التقاء سفراء الاتحاد الاوروبي لدى اليمن في عدن "الثلاثاء"، يأتي لمعرفة حقيقة التقارير الدولية المرفوعة من الدول والمنظمات المشرفة على عملية تنفيذ مصفوفة الاصلاحات المالية التي تعهد بنك عدن ووزارة المالية بتنفيذها، والتي تشير إلى وجود محاولات التفاف على تلك الاصلاحات للوصول إلى السحب من الوديعة السعودية الأخيرة.

لا احتواء لانهيار العملة 
وفي هذا الصدد تشهد العملة المحلية "الريال" منذ نهاية العام الماضي 2022، انهيارًا متواصلًا أمام العملات الأجنبية وصلت إلى مستويات قياسية لم تصلها من قبل ، وفقًا لمصادر مصرفية في عدن، مؤكدة استمرار الانهيار على ضوء فشل البنك المركزي والجهات الحكومية في معالجة أسباب الانهيار المتمثل بشكل رئيسي بالمضاربة بالعملة الأجنبية، وفشل البنك في تنفيذ سياسة الاصلاحات المالية التي تعهد بها أمام المانحين والجانب السعودي والاماراتي قبل حصوله على الوديعة الجديدة.

اجتماع عدن 
وذكرت المصادر بأن اجتماع عدن بين قيادة البنك المركزي، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي امس الثلاثاء، وقف امام التقارير المرفوعة من قبل الجهات المشرفة على عملية الاصلاحات التي تعهدت بها الحكومة والبنك، بوجود تجاوزات بشأن التحايل على تلك الاصلاحات التي اشترطتها الدول المانحة وعلى راسها السعودية والامارات من اجل تقديم وديعة جديدة للبنك المركزي.
وأفادت المصادر، بأن الاجتماع تطرق بشكل مستفيض إلى تلك التجاوزات التي هدفت من ورائها الحكومة وبنك عدن للوصول إلى السحب المباشر من الوديعة السعودية الجديدة، لتغطية فشلها وعجزها عن توفير حلول ومعالجات لأزمة توقف صادرات النفط والغاز جراء الهجمات الحوثية، إلى جانب محاولة الاستفادة من الوديعة في تغطية رواتب ومصاريف أعضاء الحكومة والعاملين معها في الخارج، وهو ما يعد مخالفًا لما تم الالتزام والتعهد به أمام المانحين.
ووفقًا للمصادر فقد حاولت قيادة البنك المركزي تبرير ذلك بأنها تواجه صعوبات وضغوط نتيجة ندرة الموارد الداخلية وتراكم الالتزامات، وأكدت لسفراء الاتحاد الاوروبي استمرار التزامها بعملية الاصلاحات، وبناء قدرات العاملين في البنك والمالية الذي يشرف عليه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

تدقيق دولي
إلى ذلك، أكدت مصادر مصرفية في عدن، اتجاه الازمة المصرفية والنقدية في اليمن نحو دعوة شركات تدقيق عالمية لمراجعة أعمال البنك المركزي اليمني وقوائمه المالية للفترة من 2021-2023، نتيجة عدم خضوع حسابات وقوائم مالية للبنك المركزي للرقابة منذ نقل البنك إلى عدن في سبتمبر  2016م.
واشارت المصادر، إلى أن وجود حسابات تابعة للبنك والحكومة لم تخضع للرقابة، تسببت في مشكلة وفرضت تعقيدات بالغة في علاقة المؤسسات النقدية والمصرفية اليمنية، بالمؤسسات والصناديق المالية الدولية، مؤكدة بأن مثل تلك الخطوة ستفقد اليمن السيادة على عملياته المصرفية، والتي ستوضع تحت الرقابة الدولية، إلا أنها ستضع حدا للتصرفات المالية المخالفة التي تنتهجها الدوائر الرسمية منذ نقل البنك إلى عدن، وتحرم اليمنيين الاستفادة من التعهدات والمنح المالية المقدمة من مجتمع المانحين الدوليين.

محاولات فاشلة
ووصفت مصادر اقتصادية في عدن، محاولات البنك استباق تلك الخطوة بإطلاق برنامج لتأهيل المحاسبين القانونيين المتخصصين بتدقيق ومراجعة حسابات شركات ومنشآت الصرافة، وكذا أعلن البنك المركزي اليمني في عدن عن إصدار اللائحة المالية التنظيمية لحماية المستهلك المالي، وهي خطوات فشلت في الحد من انهيار العملة ومعالجة الازمة المصرفية والنقدية في البلاد.
وأوضحت، بأن خطوات البنك رغم اشراف الوكالة الأميركية للتنمية ووزارة الخارجية والتنمية البريطانية عليها، إلا انها لم تستطيع توفير إطار حماية فعال للمستهلكين الماليين.
كما فشلت سياسة البنك في استعادة استقرار العملة المحلية واحتواء السوق النقدية والمصرفية ووضع حد للمضاربة وتبديد مخاوف المتعاملين في سوق الصرف بعد توقف صادرات النفط بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير، والناتجة عن استمرار التجاذبات السياسية والفساد المستشري في المؤسسات الحكومية.
مؤشر حضرموت
وما يؤكد فشل بنك عدن ومن خلفه الحكومة في احتواء أزمة انهيار العملة واستمرار اتجاه الأوضاع المصرفية والمالية نحو الانهيار الكامل، الخطوة التي أعلنتها السلطة المحلية في حضرموت كبرى محافظات اليمن واكثرها أهمية اقتصادية لوجود أهم منابع النفط والغاز فيها، بعد إرسال الايرادات إلى البنك المركزي في عدن.
وأكدت السلطة المحلية بحضرموت عدم ايفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه توفير الخدمات وعلى رأسها ملف الكهرباء، ما دفعها لاتخاذ قرار تسخير إيرادات المحافظة لتلبية احتياجات الخدمات للمواطنين.
وأفادت بأن البنك المركزي في عدن لم يعمل على تنفيذ توجيهات رئيس الحكومة بتخصيص دعمٍ للسلطة المحلية بحضرموت، وإن توجيهات الحكومة ظلّت حبيسة أدراج البنك المركزي بعدن، وعلى ضوء ذلك، تم اتخاذ قرار ايقاف توريد إيرادات المحافظة إلى البنك المركزي في عدن.

مؤشرات مميتة 
وفي ظل كل ذلك، تعيش المناطق المحررة وعلى راسها عدن أوضاعًا معيشية مميتة ، حد وصف سكان المدينة في ظل استمرار انهيار العملة أمام العملات الأجنبية، والتي تتمحور حول 1543 إلى 1533 ريال للدولار الواحد، ما ينعكس سلبًا على ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والبضائع المختلفة، بحيث لم يعد باستطاعة العديد من الأُسر شراء احتياجاتهم الغذائية اليومية.
وانعكس فشل البنك والحكومة في معالجة انهيار العملة على جميع الخدمات بما فيها الكهرباء التي تواصل الانقطاع لساعات طويلة في فصيل الشتاء البارد، الامر الذي يجعل المواطنين في عدن متخوفين من وضع الكهرباء في فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعًا كبيرًا في درجة الحرارة.
كما تشهد عدن والمناطق المحررة ارتفاعًا جنونيا في قيمة المشتقات النفطية التي وصل سعر عبوة البنزين سعة 20 لتر إلى 27 ألف واربعمائة ريال في عدن.
كما تشهد المناطق المحررة ومنها عدن، فترات تأخير طويلة فيما يتعلق بصرف مرتبات الموظفين، تصل في بعض الجهات خاصة الموظفين النازحين إلى توقف 8 اشهر، ما يسبب معاناة كبيرة على أُسر النازحين الذين وصل بهم الحال للتسول لتوفير لقمة العيش للبقاء على قيد الحياة.