30 من نوفمبر الاستقلال يتحقق وبريطانيا تغادر الجنوب اليمني مهزومة.
الثورة التي أجتثت الاستعمار الانجليزي من جنوب اليمن ، وقضت على امكانية الامبراطورية التي لا تغيب عليها الشمس في أن تستمر بحكم واستغلال جنوب اليمن طويلا .
كانت ثورة أكتوبر في عام 1963 وخروج الانجليز في 30 نوفمبر في عام 1967 واقعاً محزناً للإنجليز وذلك بعد الضربة التي أدت إلى تفكك القوة البريطانية سياسيا واقتصاديا، بعد تأميم قناة السويس من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر واستقلال الهند ، وخسرت بريطانيا الكثير من مستعمراتها ووجدت نفسها ترى لوجودها ينحسر ويضعف، دون أن تستطيع لملمة قوتها وطموحها.
زادت رغبة أبناء اليمن في جنوب الوطن الآحرار في تحقيق الاستقلال، وفي 14 أكتوبر استفاق الجنوب بكل احراره وبكل مجتمعه وأتفقوا حول خيار الاستقلال ،وتحقيق الوطن الحر الذي يريدون تأسيسه، نشطت الحركة السياسية ونهض دور المثقفين والشعراء وبدأ العمل المسلح في عدن ،والذي استهدف الجنود الانحليز ومركباتهم العسكرية، كانت عدن كل يوم تشهد عمليات مسلحة منظمة، كانت الدوائر ومؤسسات الانجليز هدفا لتلك الهجمات وكانت الضحايا في تزايد في صفوف الانجليز.
حاول بريطانيا فرض العديد من القيود، زادت حملات المداهمات والاعتقالات ،كانت هناك حالة طوارئ في مدينة عدن وكانت الشوارع مكتظة بالجنود الانجليز، وتوسعت عملية الاستهداف ضد المدنيين، عملية المراقبة والرصد كانت كثيفة لكنها لم تمنع جنوب اليمن من تحقيق خيار الاستقلال في النهاية.
تطورت الحركة المسلحة الثورية إلى الريف؛ ردفان كانت له البداية حيث زادت الاعمال المسلحة ضد القواعد العسكرية الانجليزية ،وحاولت بريطانيا اخماد تلك الهجمات و زادت الغارات وزاد القصف المدفعي وتدخلت الدبابات، ومرت سنوات دون أن يحقق الانجليزي أي تقدم في اضعاف الحركة المسلحة والنشاط الثوري في جنوب اليمن والذي توسع إلى الضالع والأزرق وغيرها من المحافظاتالجنوبيةللوطن.
في فترة قصيرة تطور العمل الثوري والسياسي في الجنوب اليمني ،و توسع الكفاح المسلح في كل المناطق اتفق الجميع في الجنوب على الاستقلال، شعر الانجليز أنهم فقدوا السيطرة وأن كل قوتهم تقف ضعيفة أمام خيار الاستقلال ،فبدأت بريطانيا بإجلاء جنودها وتفكيك قواعدها العسكرية ونقل المؤسسات والمراكز المالية والإقتصادية .
كانت ثورة 14 أكتوبر ثورة ايقظت لدى اليمنيين، الشعور بالإنتماء إلى الارض والتأريخ والجذور التي لا يمكن أن تنحاز للمستعمر، وكان 30 من نوفمبر انعكاس للرغبة للحرية وازاحة قرن وربع القرن من السيطرة الكاملة والبطش الإنجليزي ،الذي سيطرة على عدن بالقوة واخضع المناطق الجنوبية للحديد والنار ،ولسياسة فرق تسد وعملت بريطانيا إلى توسيع أجندتها وخياراتها لتعزيز تواجدها الطويل، ولتأمين وجودها في الهند والسيطرة على الممرات المائية والمضايقات.
يمضي على جلاء أخر جندي بريطاني في 30 من نوفمبر منذ مايقارب 56 عام، منذ أن تحققت الهزيمة لبريطانيا وصارت منكسرة واستطاع اليمنيي أن يعيدوا رسم واقع جديد، يرتبط بهم بعيدا عن سياسات الانجليز ومشاريعهم في استغلال المنطقة، كان نوفمبر هو الحرية والاستقلال والهزيمة، التي فرضتها ايادي الابطال لاعادة الوطن لواقعه السياسي والطبيعي.
*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.
28 نوفمبر 2023.