Image

نتيجة حرب المصالح واستفحال الفساد .. عدن تعيش ظلامًا دامسًا لأول مرة في فصل الشتاء

تعيش محافظة عدن منذ أيام أزمة كهرباء خانقة فاقت الأزمات التي شهدتها المدينة الساحلية سابقًا، فقد تجاوزت ساعات الانطفاءات فيها الـ 18 ساعة في اليوم و الليلة، وتميزت هذه المرة بأنها تأتي في فصل الشتاء، الأمر الذي يشكّل حدثًا غريبًا وفريدًا عند ابناء المدينة.

وما يثير السخرية لدى سكان المدينة، بأن الأزمة الحالية تأتي بعد تصريحات رنانة صدرت عقب اجتماعات مكثفة للقيادة السياسية والحكومة المعترف بها دوليا، بضرورة معالجة أوضاع الكهرباء في عدن،، ورُصدت لها مبالغ مالية كبيرة ذهبت معظمها إلى أرصدة لوبي الكهرباء المشهور بالفساد المعلن الذي لا يجرؤ أحد على وقفه، كما تأتي في فصل الشتاء التي عادة ما تشهد الخدمة تحسنًا كبيرًا عكس بقية الفصول.

أزمة نكاية وحرب مصالح
ووفقًا لمصدر في كهرباء عدن، فإن أزمة الانقطاعات وتوقف الخدمة شبه التام هذه المرة، تأتي في إطار "حرب المصالح"، والخلافات بين المسؤولين المباشرين عن توفير الخدمات لسكان عدن، كما أنها ليست بعيدة عما بات يُعرف لدى الجميع بـ "فساد شراء الطاقة ووقود الكهرباء".

وأكد المصدر، بأن أزمة "توقف الكهرباء في فصل الشتاء" الفريدة من نوعها، تأتي في إطار الخلافات بين مسؤولي الكهرباء الفاسدين وقيادة السلطة المحلية في عدن، وعلى راسها المحافظ وزير الدولة احمد لملس، الذي يرفض الانصياع لمطالب لوبي الكهرباء، بالتوقيع على قرارات تحسن من أوضاع شلة الفساد في مؤسسة عدن للكهرباء.

وأوضح المصدر، بأن لوبي الفساد من مسؤولين ومهندسين في المؤسسة العامة للكهرباء يبحثون عن تحسين أوضاعهم ماليًا واداريًا على حساب صغار الموظفين العاملين في المؤسسة، حيث بات مشروع الكهرباء الإماراتي "بالطاقة الشمسية" الذي يجري تنفيذه بوتيرة عالية، يهدد مستقبلهم ومصالحهم المالية، وسيحد من فسادهم الذي يدر عليهم ملايين الدولارات والريالات من بعد صفقات الوقود والصيانة وشراء الطاقة.

أزمة بعد أخرى
وكانت المدينة بدأت مطلع الشهر الجاري ازمة مماثلة عندما عاد رئيس الحكومة معين عبدالملك، حيث توقعت تلك المصادر بأن المحافظ لملس برفقته، فاقموا الأزمة بقطع الخدمة عن أحياء ومديريات المحافظة، لساعات طويلة، بحجة نفاذ الوقود، وحين اكتشفوا أن المحافظ لم يكن برفقة عبدالملك، عادوا لتشغيل التيار كما كان معتاد ثلاث ساعات خدمة مقابل اربع ساعات انطفاء.
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، اكتشف مسؤولو لوبي فساد الكهرباء بأن المحافظة لملس عاد مطلع الأسبوع، ليتم قطع التيار الكهربائي بشكل كامل عن أحياء ومديريات عدن، وعمدوا إلى تشغيل ساعة واحدة كل 12 ساعة انطفاء، أي بمعدل ساعتين في 24 ساعة، بحجة نفاذ الوقود أيضًا، وهي الحجة التي تتحجج بها مصادر في شركة النفط ومصافي عدن.

ويتعمد القائمون على كهرباء عدن بمساندة وزراء في حكومة عبدالملك تربطهم مصالح فساد مالي معهم، على ممارسة سياسة عقاب جماعي بحق أنباء عدن والمحافظات المحيطة بها، لتنفيذ مطالبهم وتمرير مخالفات فساد مالي وإداري لصالحهم، دون ان ينالهم أي عقاب رادع من أي جهة مخولة لمحاسبتهم على فسادهم الموثّق أولًا، ومن ثَم على ما يقومون به من عقاب جماعي ضد ملايين البشر يخلف ضحايا من المرضى المرتبطين بخدمة الكهرباء كمرضى غسيل الكلى والربو، فضلًا عن تعطيل خدمات طبية أخرى، كما تتسبب في خسائر كبيرة بالنسبة للتجار فيما يتعلق بالبضائع التي تحتاج إلى تبريد، وتتلف أجهزة منزلية كثيرة.

محاولة تعطيل مشروع كهرباء
وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر هندسية في كهرباء عدن، بأن لوبي الفساد في المؤسسة العامة لكهرباء عدن، حاول أكثر من مرة تعطيل مشروع الطاقة الشمسية الذي وقع في 21 ديسمبر 2022م، بين اليمن وشركة "أبوظبي لطاقة المستقبل – Masdar" لإنشاء محطة طاقة شمسية في عدن، ، بِقُدرةِ 120 ميجاواط، والتي كان من المتوقع ان تدخل المحطة الخدمة في مطلع العام الجاري 2023م.

ووفقًا للمصادر، فإن اللوبي تخوّف على مصالحه من الفساد الذي يمارسه بضوء أخضر من الحكومة ووزراء فيها، على مدى سنوات تحت مسميات "شراء الطاقة، والوقود، والصيانة" وغيرها من الأمور التي يبتدعها اللوبي ويقوم بتوقيف الخدمة عن سكان عدن ومحيطها، كي يتم تنفيذ ما يتم اقراره من مناقصات فساد تم الكشف عنها في تقارير رسمية من قبل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، منذ العام 2018م، ومرت دون حساب حتى اليوم.

ووفقًا للاتفاقية، فأن المحطة الجديدة التي يجري انشاؤها حاليًا، ستعمل على تقليل تكاليف توليد الكهرباء والاحتياج للوقود الخاص بمحطات التوليد، كما سيساهم في الحفاظ على البيئة عبر التقليل من الانبعاثات الكربونية.

وفي اطار وقف المشروع، عمد اللوبي خلال الأشهر الماضية إلى عرقلة تنفيذ المشروع، من خلال منع منحه الأرض التي سيقوم عليها في منطقة "بئر أحمد" شمال غرب عدن، فضلًا عن عرقلة وصول المعدات والاجهزة، بالإضافة عن عرقلة الشركة المنفذة من خلال الاعتداء عليها بعصابات مسلحة فيما يُسمي "عصابات نهب الأراضي"، قبل ان تتدخل قوات العمالقة وتشكّل فصيلًا عسكريًا للاشراف وحماية العمل في المشروع الذي بدأ حاليًا يظهر إلى الوجود، وقريبًا سيتم دخوله الخدمة.

مشاريع إنارة بدون تيار
وما زاد من ارتفاع سخط الشارع العدني وسخريته، ما تقوم به مؤسسة الكهرباء في عدن من تنفيذ مشاريع بملايين الدولارات، متمثلة في تغيير "لمبات كامبات الشوارع"، حيث تشهد مديريات عدن عملية إزالة للمبات السابقة من كامبات شوارع المدينة، من قبل فرق هندسية بصحبة آليات ثقيلة، في حين التيار الكهربائي منقطع عن أحياء المدينة بشكل شبه تام.

ووفقًا لسكان في عدن، فإن "لوبي فساد الكهرباء تجاوز حده في عمليات معاقبة سكان المدينة من خلال تقديم الاعذار التي معظمها واهية حول أسباب انقطاع الخدمة، والتي منها انه يجري عملة صيانة لمحطة كذا، او انفجار محول كذا، ويستمر الانقطاع فيها أيام، فيما لا تحتاج لإصلاحها ساعات، كما كان في عهد حكومات نظام الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح"، حسب قولهم.

ووفقًا لمصادر هندسية في عدن، فإن أسباب الأزمة التي تعيشها الكهرباء في عدن، تتمثل بالمحسوبية والفساد المستشري وعدم المحاسبة والرقابة على محطات الكهرباء من أي جهة قادرة على منع ما يتم من إجراءات وفساد فيها.
ومن تلك الاسباب حسب المهندسين، اشتراك الحكومة في فساد الكهرباء وصفقات الوقود التابع للكهرباء، وكذا عمليات الصيانة وشراء الطاقة، والتي تتحكم فيها جهات اقتصادية وسياسية محسوبة على "حزب الإصلاح" منذ عهد نظام الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ، والتي تمارس فساد علني في هذا القطاع وقطاع المشتقات النفطية للمناطق المحررة.

مطالب مشروعة
ويطالب سكان عدن والمناطق المحيطة بها، بضرورة حل أزمة الكهرباء بشكل عاجل، وتوفير الكهرباء بشكل مستمر وبأسعار مناسبة، كما يطالبون بضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الأزمة، التي فشلت في حلها الحكومة والقيادة السياسية العليا في ظل التحكم فيها لوبي يبدو انه مسنود ومدعوم وأقوى من أي جهة حكومية.