طريق النصر الكبير والدائم ..!!

10:02 2023/10/31

ليس من السهولة بمكان العثور على طريق النصر الحقيقي ، فلا يدرك هذا الطريق إلا من تمكن من الانتصار على ذاته وأهواء نفسه وأطماعه ومصالحه الشخصية والحزبية والمذهبية والطائفية ، ولا يدرك هذا الطريق إلا من استطاع ترتيب أولوياته بالشكل الصحيح ، ولا يجد هذا الطريق إلا من ترفع عن كل الخلافات البينية والأخوية ورماها خلف ظهره ، ولا يعثر على هذا الطريق إلا من جعل الإيجابية منهجه وسبيله وفكره ، ولا يدرك طريق النصر إلا من حرر عقله من التعصبات والخرافات والولاءت الضيقة ، ولا يجد طريق النصر إلا صاحب العقل المنفتح والمفكر والمتدبر والمدرك لكل ما يجري حوله من أحداث ومؤامرات ودسائس ، وأول خطوة في طريق النصر هي أن تستطيع التمييز بين الأعداء والأصدقاء ، بين من يريدون لك الخير ومن يريدون لك الشر ، بين من يريدون لك الفائدة ومن يريدون لك الخسارة ، بين من تتلاقى وتتوحد معهم معتقداتك وافكارك ومبادؤك وبين من تتنافر وتختلف معهم في ذلك ، فالغباء والحماقة والسلبية والتعصب والجهل والطمع وحب الذات وحب المصلحة قد تجعل الإنسان يخدم أعداء وطنه وأمته ودينه بعلم أو بدون علم ، وليس هناك ما هو أسوأ من أن يصبح الشخص أداة في يد الحاقدين والمتآمرين على دينه ووطنه وأمته ، فالاستمرار في إثارة الخلافات بكل أشكالها بين أصحاب القضية الواحدة والهدف الواحد هو أكبر خدمة مجانية يقدمونها لأعدائهم والمتربصين بهم ..!!

فالدهاء السياسي للعدو قد يدفع بالحمقى والأغبياء ، إلى الوقوف في صفه وتبني مواقفه وسياساته والدفاع عنها بل والقتال في سبيلها ، مستغلاً  عواطفهم وانفعالاتهم ومعتقداتهم وقضاياهم وتعصباتهم ، والدهاء السياسي للعدو قد يجعلهم يقاتلون أعداءه نيابةً عنه ، فيضرب عصفورين بحجر ويخلص من عدوين في وقت واحد وهو يضحك ، ولا يحدث ذلك إلا عندما تكون الشعوب في غفلة من أمرها ، تجعلها لا تدرك من هو العدو من الصديق ، وهيهات هيهات تحقيق النصر لمن لا يفرق بين عدوه وصديقه ، بين فائدته وخسارته ، فكم تسبب ذلك الأمر في دخول البعض معارك ليست معاركهم ، وفي تقديمهم خدمات مجانية كثيرة لأعدائهم ، وإلحاق الأضرار الكبيرة بمصالح أوطانهم وأمتهم ، فكم سجل لنا التاربخ من أحداث يرتدي فيها الأعداء والمتآمربن والحاقدين ثياب الناصحين والتقاة والزاهدين ، فقد يصل الحال بهم إلى استغفال الحمقى وتصوير الصديق بالعدو والناصح بالمتآمر ، حتى إذا ما اتيحت لهم الفرصة ظهروا على حقيقتهم وكشروا عن أنيابهم ذئاب مفترسة تنهش جسد الضحية بدون رحمة ولا شفقة ..!!

فمن يريد النصر عليه أن يبحث عن الطريق الموصلة إليه ، فليست كل الطرق تؤدي إلى النصر ، فطريق التعصبات الحزبية والمذهبية والطائفية لا تقود إلى النصر بل إلى الهزيمة والضعف والذل والهوان ، وطريق التباكي على الماضي والجلوس على أطلاله وإثارة الخلافات حوله لا تقود إلى النصر بل إلى الإنقسام والتشرذم ، من يريد أن يشق طريق النصر الحقيقي عليه أن يخلع كل التعصبات الحزبية والمذهبية والطائفية والمناطقية من على كاهله ، فهذه التعصبات هي من تثقل كاهل الرجال وتصيبهم بالعجز والخوار والانكسار والفشل ، من يريد أن يسير في دروب النصر عليه أن يرمي خلف ظهره كل الخلافات والصراعات القديمة والجديدة ، ويبني جسور المحبة والتسامح والتصالح ، بينه وبين اخوانه الذين تجمعهم الاهداف والغايات والمبادئ الواحدة ، ولا يسمح لنزعات نفسه وتعصباتها أن تجره إلى مربعات التعصب والكراهية ، ومن تعشعش الأحقاد والكراهية في قلبه لن يعثر على طريق النصر ولن يسير في دروبها ، فهذه الطريق لا يسير فيها إلا أصحاب النفوس العظيمة والمتسامحة ، قد ينتصر الحاقد واللئيم ولكن انتصاره مؤقت لا يدوم فسرعان ما يجره حقده إلى الهزيمة والفشل ..!!