26 سبتمبر .. ثورة شعب أراد الحياة ..!!

09:27 2023/09/24

في زمن التطورات العلمية الكبيرة التي شهدتها البشرية في مختلف مجالات الحياة ، والتي جعلت الإنسان يضع قدميه على سطح القمر ، ويحلق عالياً في سماء العلم والمعرفة ، كان المواطن اليمني تحت سطوة النظام الإمامي الرجعي يعيش عصور الجهل والتخلف ، نتيجة حالة العزلة التي فرضها عليه ذلك النظام ، ليجعله غارق في مستنقع الجهل والتخلف ، ليمارس عليه كل صور الخرافة والكهانة والشعوذة ، وبينما كانت شعوب العالم تتمتع بالرفاهية والحياة الهانئه التي وفرتها لها الاختراعات العلمية الكثيرة في كل مجالات الحياة ، كان الشعب اليمني يعيش فصولاً من التعاسة والشقاء والعذاب ويعاني مرارة وقسوة الحياة وشطف العيش ، تحت سطوة نظام كهنوتي كان يستغل الدين الإسلامي لصناعة هالة من القداسة حول نفسه ، ليصنع في نفوس أبناء اليمن حالة من الشعور بالدونية والنقص ، وليجعل خدمتهم وطاعتهم له وخضوعهم له جزء من الدين ، حتى لا يشعروا بالتذمر وهو ينتزع منهم قوتهم وقوت أطفالهم ، وهو يمارس ضدهم أبشع أساليب الإفقار والتجويع والإذلال ، وهو يفرض عليهم المزيد من الجبايات والضرائب والمكوس ، التي تفوق قدرتهم وطاقتهم ليضطر البعض إلى بيع ما يملك بأبخس الأسعار لكي يتمكن من البقاء على قيد الحياة ، والبعض الآخر كان يهاجر خارج الوطن ، فقد كانت سبل الحياة شبه معدومة ، وكانت كل أبواب الأمل والتفاؤل موصدة ..!!

ولن أبالغ إذا قلت بأن الموت كان العنوان الطاغي لفترة الحكم الإمامي البغيض ، فمن لم يمت من الجوع كان يموت من الأمراض والأوبئة التي كانت تقضي على أسر بأكملها ، ومن لم يمت من الأمراض كان يموت من الحروب القبلية التي كان يغذيها ذلك النظام لإشغال القبائل عن التفكير في ظلمه وتعسفه وبغيه وطغيانه ، ومن لم يمت في الحروب والثآرات القبلية كان يموت في سجون ومعتقلات الإمامة ، لتصبح الهجرة خارج الوطن هي الخيار المتاح لمن يريد الحياة ، وقد ترتب على تلك السياسات الإمامية العدوانية حالة من النزيف البشري ، الذي جعل معدلات الزيادة السكانية في اليمن تراوح مكانها إن لم تكن تتجه في الإتجاه السلبي ، في محاولة لتفريغ البلاد من أهلها الإصليين ، ليتمكن ذلك النظام من السيطرة على ممتلكاتهم وأراضيهم وتوزيعها على أعوانه والموالين له . حتى وصل الحال ببعض الأسر المقربة من ذلك النظام إلى إمتلاك أراضي ووديان شاسعة ، ليتحول أصحابها إلى مجرد أجراء وعمال عندها ، في حالة تعكس طغيان وتعسف النظام الإمامي البائد ..!!

كل تلك الصور من الوحشية والطغيان والاستبداد التي تناولناها في هذا المقال والتي ليست أكثر من نماذج لصور أكثر وحشية وطغيان ، تجعل من يوم ال 26 من سبتمبر 1962 م ، يوم قيام الثورة اليمنية المباركة ، يوم ولادة جديدة لشعب بأكمله ، كيف لا وقد منحهم حق العيش بكرامة وحرية ، ومنحهم حقوقهم وحرياتهم الإنسانية المفقودة ، وأزال عنهم طغيان وجبروت الإمامة وجعلهم ينعمون بالجمهورية والحرية والمواطنة المتساوية ، لوجعلهم يشعرون أنهم جاؤا إلى هذه الحياة من جديد ، بعد أن كانوا مدفونين بالحياة ، لتغلق أمام ناظريهم أبواب السلبية الإمامية الرجعية الكهنوتية ، التي كانت توحش حياتهم وتزيد كربتهم وتضيق أنفاسهم ، ولتتفتح أمامهم أبواب الإيجابية والتفاؤل والرزق والعلم والمعرفة والحياة الواسعة ، كل ذلك بفضل ثورة 26 سبتمبر بعد فضل الله تعالى ، وهو ما يجعل من يوم 26 سبتمبر يوم ميلاد شعب ، ففي هذا اليوم المبارك بدأت مرحلة خروجه من رحم المعاناة والظلم والجهل والتخلف والظلام والطغيان والكهانة ، إلى تور العلم والتعليم والعدل والمساواة والجمهورية ورحاب الحرية والعزة والكرامة ، وفي ذلك قال شاعر الثورة الشهيد محمد محمود الزبيري ( إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر ) ، نسأل الله الرحمة والغفران لأرواح شهداء وثوار 26 سبتمبر  الأبرار ..!!