Image

الدموية المفرطة ضد اليمنيين .. شاهد حي على ملامح الدولة الموعودة

مخاطر إنشاء دولة طائفية في اليمن4

شكّل التهديد الذي تمارسه مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا، من خلال استخدام عناصر الحرس الثوري الإرهابي وعناصر حزب الله اللبناني، في تهديد اليمنيين ودول الجوار من خلال تنظيم عروض عسكرية في صنعاء، ومناطق يمنية أخرى، شكّل دلالة واضحة لما ستكون عليه أي دولة طائفية يتم التخطيط لإنشائها في اليمن.
فخلال السنوات التسع العجاف التي عشتها اليمن منذ انقلاب مليشيات الحوثي على الدولة في 21 سبتمبر المشؤوم في 2014م، مارَس الحوثيون نهج الطائفية المقيتة بكل تفاصيها ضد اليمنيين، حتى في تشكيل وفدها المفاوض الذي تكون أعضائه من طائفة وفئة ومنطقة واحدة في اليمن، وتم إقصاء وتهميش وتجاهل بقية المناطق الخاضعة لسيطرة عناصرها الإرهابية.
كما مارَس الحوثيون بحق اليمنيين أبشع الجرائم من قتل، وتنكيل، وتفجير منازل، ودور عبادة، ومصادرة أراضي وممتلكات، والقيام بعمليات اختطافات، واعتقالات، واخفاء قسري بحق آلالاف من اليمنيين بما فيهم النساء والأطفال في مخالفة لجميع قوانين الدولة التي تحفظ حقوق هذه الفئات الإنسانية خلال الصراعات والحروب.

غضب يمني في ذكرى النكبة
"النكبة" هي مصطلح يمني يُعبِر عن مدى كره اليمنيين لما يُسمى بثورة الحوثي في 21 سبتمبر 2014م، والتي احتفلت بذكرها التاسعة جماعة الحوثي الإيرانية، هذا العام مجسدة الطابع الإيراني بكل تفاصيل الاحتفاء، خاصة فيما شهده عرضها العسكري في ميدان السبعين، والذي اطلق عليها اليمنيين "عرض الحرس الثوري الإيراني في صنعاء".
وبين التهكم والاستنكار والسخرية والأسف، تفاوتت تعليقات اليمنيين حول العرض والاحتفال الذي كان للعنصر الإيراني حضورًا لافتًا فيه وبشكل علني لأول مرة وسط العاصمة اليمنية صنعاء، ما يؤكد حقيقة أن صنعاء العاصمة الرابعة التي احتلتها إيران عن طريق أذرعها الدموية في المنطقة.
وذكر اليمنيون في تعليقاتهم، بأن العرض جَسّد حقيقة الدولة الطائفية المراد إنشائها في مناطق سيطرة الحوثيين، والتي تتجسّد فيها الطابع الإيراني الصرف، مع غياب لما هو يمني أو الهوية اليمنية التي تتغنى بالحفاظ عليها مليشيات الحوثي "زورًا وبهتانًا"، حيث تجسد النهج والصبغة والطابع الإيراني دون سواه في جميع احتفالات الحوثيين الطائفية، والتي باتت متعددة، كتعدد حوزات إيران الطائفية.

احتفالات طائفية
ومنذ تسع سنوات من الكارثة، عملت مليشيات الحوثي عل  تجسيد الدولة الطائفية رغم عدم الاعتراف بها دوليًا، وذلك من خلال عمليات القمع المتوحش لكل من يعارض فكرها، إلى جانب فرض نهجها وسياستها بالقوة المفرطة، إلى جانب فرض احتفالات دينية طائفية دخيلة على المجتمع اليمني وتفرض لتمويلها إتاوات وجبايات مالية على اليمنيين بمختلف مكوناتهم الاجتماعية بمن فيهم طلاب المدارس.
ومنذ 21 سبتمبر 2014م، فرض الحوثيين سيطرتهم على صنعاء، وأسقطت كل مؤسسات الدولة، دخلت البلاد في دوامة الحرب أتت على كل شيء جميل في اليمن أنجزته ثورة 26 سبتمبر 1962م، التي قامت ضد الإمامة، وأصبحت جماعة الحوثي تُمارِس طقوس احتفالاتها بحالة من الصخب، بعيداً عن الهموم اليومية التي يعانيها الناس بفعل حروبها التي دمرت حياة اليمنيين المستقرة، وأوصلتهم إلى حافة المجاعة.
وظلت الجماعة رغم عدم إعلانها دولة طائفية خلال السنوات التسع الماضية، تمارس نهجها الطائفي الدموي بحق اليمنيين، فقامت منذ الوهلة الأولى لدخولها صنعاء، نشر عناصرها الإرهابية في شوارع المدينة، وفرض نقاط أمنية وانتشار كثيف وحراسات على المنشآت الحكومية ومنازل كافة المسؤولين التي فُرضت عليهم الإقامة الجبرية.
كان احتلالها لصنعاء، أشبه بكابوس مزعج على جميع اليمنيين، لقد انهارت الدولة بشكل كامل، ولم يعد لها وجود، وكشفت تلك الأيام بوضوح عن الوضع الذي وصل إليه البلاد، اليوم، نتيجة الحرب الحوثية، إلى مستويات مفجعة ومفزعة معيشيًا واقتصاديّا واجتماعيًا وثقافيًا وأمنيًا وصحيًا وتعليميًا، وفي جميع المستويات الحياتية الأخرى.

صبغة طائفية وحالة احتقان
وخلال الأشهر الماضية، صعّدت حالة الاحتقان متمثًا بالنقد الحاد ضد جماعة الحوثي في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قوبلت باعتداءات متكررة على منتقدي الجماعة، إذ اعتدى مسلحون مجهولون، الاسبوع الماضي على الأكاديمي والناشط السياسي إبراهيم الكبسي، وسط صنعاء، بالضرب المبرح، كما حطموا سيارته. وسبق أن اعتدى مسلحون في 24 أغسطس الماضي، بالضرب على الصحافي مجلي الصمدي أمام منزله، والذي قال إن العصابة توعدته بالمزيد "إن لم يكف عن الكتابة".
ويُعتقد بشكل واسع أن العصابات تتبع جماعة الحوثي التي تهدد دوماً معارضيها وتتهمهم بالخيانة وخدمة أعدائها. وكثف الكبسي انتقاداته في مواقع التواصل الاجتماعي. وفي آخر منشور له انتقد الاحتفالات والاستعراضات العسكرية للحوثيين. وكتب: "هذه أموالنا وإيراداتنا ومرتباتنا التي تعبثون بها في استعراضاتكم العسكرية واحتفالاتكم الدينية المسيّسة".
وأضاف، مخاطباً الحوثيين: "كيف تريدوننا أن نعتبر حشودكم جيشاً وطنياً يحمي الوطن، ونحن نراه يؤدي قسم الولاء الطائفي لفداء الوثن؟ هذا ليس أمننا، ولا جيشنا لأنه يحمي كيانكم ويبني مشروعكم بإفقارنا، وعلى حساب حقوقنا".
ويطغى على صنعاء اللون الأخضر هذه الايام، حيث تحتفل جماعة الحوثي بالمولد النبوي باستعراض مُبالغ فيه، والذي يتزامن مع احتفالهم بسيطرتهم على العاصمة، وهي الصبغة الخضراء الطائفية التي اعتمدتها الدولة الفاطمية الشيعية في احتفالاتها أبان حكمها لمصر في القرون الوسطى.

دموية مفرطة
وخلال الثمان سنوات الماضية، جسّدت جماعة الحوثي نهجها الطائفي ضد اليمنيين بشكل دموي، تحدثت عنه التقارير الحقوقية المحلية والدولية.
حيث تحدث أحدث تقرير حقوقي صادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات ، عن ارتكاب مليشيات الحوثي أكثر من 127 ألف انتهاك بحق المدنيين اليمنيين، منذ انقلابها في سبتمبر 2014م، بينها أكثر من 14 حالة قتل.
وأفادت الشبكة، في تقرير أصدرته، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، (10 ديسمبر)، أن فريقها الميداني وثّق نحو (127260) واقعة انتهاك طالت المدنيين تورطت بها ميليشيا الحوثي خلال الفترة من 21 ديسمبر 2014م وحتى 30 يونيو 2022م.
وأضافت، أن الميليشيات تسببت في قتل (14557) مدنياً، بينهم (3618) طفلاً، منهم (412) طفلاً رضيعاً، و(1974) امرأة، وفقاً لآلية الرصد والتوثيق الذي قام بها الفريق الميداني للشبكة من خلال النزول المداني للفريق.
كما تسببت ميليشيا الحوثي في إصابة 33438 مدنيا، بينهم 5875 امرأة، و4334 طفلاً.
وبحسب التقرير، فإن ألغام الحوثيين الأرضية تسببت خلال الثمان السنوات من عمر الانقلاب، في مقتل 3673 مدنيًا بينهم، 647 طفلاً، و462 امرأة، وإصابة 3135 مدنياً، بينهم 741 طفلاً 362 امرأة. فيما أصيب نحو 798 مواطنًا ومواطنة بإعاقات دائمة بينهم 397 طفلاً.
وذكر التقرير، أن ميليشيا الحوثي قامت باعتقال واختطاف نحو 16804من المدنيين، ولا يزال 4201 مختطف مدني في سجونها ممن تم التأكد من معلوماتهم وصحة بياناتهم، بينهم 389 سياسيًا و340 إعلاميًا و176 طفلا و374 امرأة.
وأكد التقرير أن هناك 1317 مواطناً لا يزالون مخفيين قسريًا بينهم 84 امرأة ، و76 طفلاً، كما أخضع الحوثيون 4012 معتقلاً ومختطفاً ومخفياً قسراً للتعذيب النفسي والجسدي واتخاذهم دروعًا بشرية وتصفية داخل سجون الحوثي منهم 463 معتقلاً تم اتخاذهم دروعاً بشرية.
وكشف التقرير عن مقتل 671 معتقلاً داخل سجون الحوثي بسبب التصفية، والإهمال، ونوبات قلبية بعد حرمانهم من وصول العلاج، والفشل الكلوي، والشلل إثر التعذيب من بينهم 98 معتقلاً حُقنوا بحقن سامة ولفظوا أنفاسهم بعد أيام من خروجهم.
وحول الانتهاكات التي طالت المنشآت العامة، رصد الفريق الميداني للشبكة خلال 8 سنوات 8475 واقعة انتهاك، منها 935 حالة تضرر وإغلاق للمرافق الخدمية والصحية، و1279 حالة نهب واستيلاء على المرافق الحكومية.
كما وثق نحو 4018 حالة قصف واستهداف مبانٍ حكومية، و60 حالة تضرر معالم أثرية، و3370 حالة انتهاك طالت دور العبادة، و62 حالة تفخيخ وتفجير لدور العبادة، و132 حالة تفجير جسور عامة، و1433حالة نهب سيارة تابعة للدولة.