الحوثي : زمن العودة للعصور الغابرة.

08:51 2023/09/26

منذ سقطت العاصمة صنعاء بيد العصابات الحوثية، واليمن تخطو خطوات سريعة نحو الماضي بكل صور التخلف التي تجاوزتها ثورة 26سبتمبر 1962م.
اليوم، وبعد سنوات من حياة التخلف في كنف حكم (أحفاد النبي) مع ان النبي ليس له أحفاد، بل (اسباط)، ومن يزعمون أنهم أحفاده هم بالحقيقة أحفاد ابي طالب الذي مات مشركًا، وعلى دين قريش..!
ثمان سنوات عجاف كانت كافية لعودة الشعب اليمني إلى ما قبل عام 1962م، بمعزل عن المظاهر المادية التي تعبر عن حالة تقدم مادي يتمثل في الوسائل، والأدوات المادية التي تستخدمها الجماعة وتوظفها في تحقيق أهدافها في فرض قيم الجهل، والتخلف، والفقر على الشعب اليمني، هذه الجماعة التي تلعن أمريكا، وتعتمد اعتمادًا كليًا في تسويق أفكارها المتخلفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي المنتج الأمريكي الأكثر شهرة عالميًا مثل الفيسبوك، وإكس، و الواتس آب، تطبيقات أمريكية مرتبطة بأجهزة استخبارية أمريكية _إسرائيلية، تعد الأكثر استخدامًا للجماعة التي تسوق من خلالها جهلها، وتخلفها، وكل أساطير كهانتها. 
كما يتمنطق رموز الجماعة أجهزة الآيفون الأمريكية، وحتى سيارتهم الفارهة، والبنادق، والمسدسات التي يحملونها هي صناعة أمريكية، ثم يرفعون على قارعة الشوارع والأرصغة لافتات تطالب الشعب بمقاطعة المنتجات الأمريكية، تمامًا كعدائهم للسعودية، وحروبهم ضدها فيما (صعده)، وأسواقها، وهي معقل الجماعة، غارقة بالمنتجات السعودية من المواد الغذائية إلى الكماليات بمختلف أشكالها التي تُعرض في أسواق صعده، هي صناعة سعودية، والعملة التي يتداولها سكان صعده هي الريال السعودي، والدولار الأمريكي، وهذا ما عُرفت به صعده منذ قيام الثورة، فالريال اليمني ليس له قابلية في صعدة حتى اليوم.
في أسواق صعده لا تجد زبادي الهناء، ولا زبادي نانا، ولا يماني، بل تجد منتجات المراعي، وادنوك، وكل المنتجات الغذائية الخليجية، حتى علب المياه المعدنية، فيما يرتدي قادة الجماعة اثواب ( الدفة وشماغ الأمير)، وهي منتجات سعودية، والقاطرات التي نشاهدها في مكاتب الجمارك جميعها تحمل أرقامًا سعودية، وتنقل منتجات السعودية، ولم تتوقف لحظة حتى في أيام الحرب، بينما المنتجات الزراعية التي تنتجها صعده، تذهب النسبة الكبيرة منها للأسواق السعودية، بل إن علاقة الجماعة بالسعودية قد تكون أكثر حميمية من علاقة الجماعة مع إيران، وإن حدث فتور في هذه العلاقة خلال السنوات الأخيرة و رغم ان الرياض لم تقطع رعايتها، و دعمها المادي للحوثي، وجماعته، والعديد من رموز صعده ،حتى اليوم تدفع الرياض للحوثة مقابل حماية الحدود، وضبط مهربي الأسلحة والمخدرات وحتى القات، وأتحدى أي مُهرب يقوم بتهريب مثل هذه المواد، وخاصة القات إلى السعودية لان جماعة الحوثي له بالمرصاد، وهم حريصون على أمن واستقرار المملكة، ربما أكثر من بعض السعوديين، لكن الحوثي وجماعته استطاعوا خلال ثمان سنوات، أن يعيدوا الوعي الوطني، والثقافة الوطنية إلى الزمن الغابر، زمن صراعات بني العباس مع بني أمية، حتى يخيل للمتابع أن من يقود البلاد اليوم هو الطاغية  أبو مسلم الخرساني، ويساعده الطاغية عبد الله ابن حمزة.
فكل ما يجري في البلاد من سلوكيات، ومفاهيم ثقافية، ودينية مقتسبة من سلوكيات أولئك  الطغاة الذين أذاقوا الأمة، والشعب اليمني الويلات.
ثمان سنوات حققت فيها جماعة الحوثي إنجازات كبيرة على صعيد الوعي الوطني، ودفعت غالبية الناس الواقعين تحت سيطرتها إلى نسيان كل ما زرعته الثورة في ذاكرتهم، وتبنوا ثقافة الكهانة بسرعة ملفتة رغبة من البعض، ورهبة من البعض الآخر، فالمتحمسين لثقافة الكهانة الحوثية هم مجاميع من المهمشين اجتماعيًا وسياسيًا ممن يعانون عقدة الشعور بالنقص، ولم يكن لهم دورًا في السابق يقومون به، فاحتضنهم الحوثي، وجعل منهم رموزًا، وقادة، وأصحاب قرار فقبلوا أن يكونوا عبيدّا للجماعة، وخدامًا مخلصين لها مقابل المكانة التي حلوا فيها بأمر الجماعة، التي اختارت أصحاب العُقد، والمرضي النفسيين، ممن لم يكن في مخيلتهم يومًا الوصول إلى ما هم فيه اليوم، والغير قادرين على التخلي عن ما حققوه مهما طالتهم إهانة الجماعة، فهم على استعداد لتقبيل أحذية قادة الجماعة مقابل إبقائهم في مواقعهم حتى مجرد عبيد اذلاء، لا يهم طالما سيبقون جزءً من الجماعة، يستعرضون على العامة من الناس بمكانتهم التي منحتهم إياها الجماعة.
ظواهر التخلف تشمل التربية والتعليم والثقافة، والمناهج التي حشوها بقصص خرافية، ودونوا على صفحاتها أسماء ليس فيها رموزنا الوطنية، بل أصبحت ملازم الصريع حسين الحوثي، وهذرمة والده بدر الدين، أساسًا لتشكيل الهوية الإيمانية للأجيال، فيما اشعار معاذ الجنيد حلت في النصوص العربية، بديلًا عن طه حسين، وشوقي، والعقاد، والبردوني، والمقالح، وجراده، ولطفي جعفر امان، والنعمان، والزبيري، وتخيلوا العقليات التي قد تشكلها مثل هذه الثقافة الهابطة التي تعظم عصور الكهانة، ورموز الجهل، وتطمس رموز التنوير..
الانكي من كل هذا أن الجماعة تعمل بوتيرة عالية على طمس تراث، وثقافة، ومعتقدات  المذهبين الشافعي والزيدي، وهي، وإن كانت تحاول تكريس الثقافة الزيدية ظاهريًا، وتطمس كل ما له علاقة بالشافعية، غير أنها في الحقيقة تدمر الثقافة الزيدية على حساب تكريس القيم الشيعية الإثناعشرية المناهضة لكل ما هو شافعي، وكل ما هو زيدي،وفي كل هذا تمضي اليمن نحو العصور الغابرة بكل حماس، وتفاني.