Image

ركود اقتصادي ونقد تالف وسياسة قوة .. مؤشرات حية على انهيار مناطق مليشيات الحوثي

تشهد مناطق ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، حالة من الركود الاقتصادي الكبير في ظل استمرار سياسة الجماعة القادمة من خارج الزمن، المتعمدة على "النهب والسلب والمصادرة وفرض الجبايات، واستحداث كيانات اقتصادية لصالح خدمة عناصرها" لا اقتصاد دولة.
إن الأزمة النقدية المستفحلة وتفاقمها من فترة لأخرى أمر متوقع، ولا أحد يستطيع تحديد المستوى الذي ستصل إليه هذه الأزمة، فالأوراق التالفة التي يجري تداولها منذ سنوات في صنعاء وجزء من المناطق شماليّ اليمن، واستخدامها في معظم التعاملات في الأسواق والمجتمع، تناقصت وتلفت وتلاشت تدريجياً من عملية التداول النقدي والمالي اليومي.

سياسة التربح السريع
ووفقًا لمصادر اقتصادية في صنعاء، فإن المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، تشهد منذ عامين حالة من الركود في عمليات التبادل التجاري خاصة في مجال المنتجات الزراعية، والسمكية، المصدرة للخارج والتي تسامهم في رفد الاقتصاد الوطني بما نسبته 19 بالمائة.
وأوضحت، بأن سياسة التمسك فرض وجهات نظر الجماعة التي لا تتناسب مع الوضع والزمن الراهن، في المجالات الاقتصادية والمعتمدة على التربح والكسب السريع، وفرض مزيد من الضرائب والإتاوات والجبايات على التجار والمزارعين، وجميع النوافذ الاقتصادية، واستمرار رفضها لمبادرات السلام الأممية والدولية، أدت لتوقف العديد من الدول عن استقبال المنتجات الزراعية، والأسماك، والمواد المعدنية الأخرى.
تلك الطريقة أدت لحالة من الركود، وتكدس المنتجات في مناطق جغرافية معينة، خاصة في ظل استمرار رفض الميليشيات الحوثية التعامل بالعملة الورقية الجديدة، وتمسكها بالعملة القديمة التي باتت متهالكة، ولا تصلح للتداول اليوم في الاسواق، او عقد صفقات تجارية بها على المستوى المحلي.
 
عملات تالفة 
وعقب نهب احتياطي البنك المركزي من قبل عصابة الحوثي والمقدرة بأكثر من أربعة مليار دولار عقب انقلابها على الدولة، وعملية نقل البنك المركزي من صنعاء وعدن، توقفت عملية طباعة العملة الورقية المسماة بالقديمة في مناطق الحوثيين، وظلت تستخدم سيولة نقدية محدودة في اطار جغرافية سيطرتها، الأمر الذي زاد من تهالك تلك الأوراق النقدية التي باتت اليوم على وشك الاندثار والتحول إلى فتات.
ووفقًا لمصادر مصرفية يمنية، فإن الميليشيات أقدمت على ضخ كمية من الأوراق النقدية التالفة التي كانت على وشك استبدال طباعتها من المصرف المركزي، للأسواق المحلية للتعامل والتداول بها، لتعويض توقف عملية الطابعة للعملة في مناطقها، الأمر الذي فاقم الأزمة النقدية في مناطقها، ووصلت الحالة إلى استبدال العملة المحلية في كثير من المعاملات بالعملات الأجنبية ومنها "السعودي والدولار".

اختفاء فئات من العملة
وشهدت الأسواق المحلية، اختفاء عدد من العملات المحلية ذات الفئات الصغيرة نتيجة تلفها، وعدم طباعة كميات منها، فاختفت فئة الـ المائة ريال الورقية، والخمسمائة، وسبقتها اختفاء فئة 250 ريال.
 وجاء اختفاء تلك العملات نتيجة استمرار تداولها في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين الذين يفرضون تداول الأوراق النقدية القديمة بالذات التالفة منها من الفئات 50 ــ 250 ريالاً، إضافة إلى الفئة النقدية من فئة 500 ريال التي بدأ يُلاحَظ تهالكها وتناقصها من الأسواق.
واعتبر مصدر مصرفي، التشوهات النقدية في الأسواق وأسعار الصرف، المشكلة الأبرز في اليمن على المستوى النقدي والمصرفي، والتي تتمحور حولها خطط الإصلاحات في هذا الجانب، مرجعاً سببها إلى المضاربة، واستنزاف الاحتياطي من العملات الصعبة.
وقال إن هناك استقراراً نقدياً في الأوراق المالية من الفئات 100 ريال و200 و1000 ريالاً الجديدة، وخصوصاً في مناطق الحكومة اليمنية، بينما لا يزال الحوثيون يرفضونها في سياق ما وصفها بحربهم على الاقتصاد اليمني والعملة الوطنية التي يتهمهم بالتسبب بالإضرار بها وتجزئتها.

دولرة الاقتصاد
ويتوقع مصرفيون وخبراء اقتصاد، ان تختفي العملة الورقية المحلية في مناطق الحوثيين في ظل الاستمرار في تعنت الجماعة الارهابية الرافضة استخدام التداول بالعملة المحلية الجديدة، ما يتيح المجال أمام العملات الأجنبية "الدولار والريال السعودي" للسيطرة على التعاملات الاقتصادية في الاسواق المحلية اليمنية.
وأشاروا إلى ان ظاهرة "دولرة الاقتصاد اليمني وسعودته"، يفاقم من الأزمات التي تعيشها البلاد، إلى جانب بروز الاقتصاد الخفي، وتنازع صلاحيات الدولة وفقدان الدورة المالية، واستهداف المنشآت النفطية والموانئ، وتوقف تصدير النفط والغاز، والعديد من المنتجات اليمنية للخارج.
كما تضيف تلك العمليات المالية المستحدثة نتيجة تلف العملات في مناطق الحوثيين، واستمرار ارتفاع فارق التحويلات بين مناطق الشرعية والجماعة نتيجة رفض العملة الجديدة، أزمات جديدة للبلاد إلى جانب لاضطرابات السياسية والأمنية، واستمرار رفض الحوثيين لجهود السلام المبنية معظمها على الجانب الاقتصادي.

انهيار عقاري
كل تلك الازمات وعدم استيعاب الحوثيين للمشكلة الرئيسية المتمثلة بالتداول المالي والنقدي، وفقدان القدرة على توفير الاوراق النقدية للتعاملات اليومية، دفع بجميع جوانب الاقتصاد في مناطق الحوثيين إلى الهاوية خلال الأشهر القليلة الماضية.
وذكرت مصادر عقارية في صنعاء، أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مناطق الحوثيين وصلت إلى قطاع العقارات الذي يشهد حالة ركود كبيرة لم يسبق لها مثيل، في عملية بيع وشراء الاراضي والعقارات، إلى جانب عملية ارتفاع إيجار المنازل في ظل عدم وجود تداول اقتصادي وحركة بيع وشراء للمنتجات المكدسة في الشوارع بشكل فضيع.
وترجع المصادر الركود في العقارات على توقف صرف المرتبات من قبل الحوثيين، حيث يعيش القطاع الكبير من الموظفين المعتمدين على المرتبات، والتي تدفعت ممن لديه عقارات إلى عرضها للبيع من اجل توفير لقمة العيش اليومية، حيث عد ذلك أحد أسباب الركود في هذا المجال.
كما تسببت عمليات نهب ومصادرة الاراضي من قبل مليشيات الحوثي ومحاولة التحكم بهذا القطاع عبر ما يسمى بالهيئة العدلية التي أنشأتها الجماعة بديلة للقضاء، فضلًا عن سيطرتها على قطاع عقارات وأملاك الأوقاف، تسبب بتوقف من لديه القدرة على شراء العقارات تخوفًا من مصادرتها من قبل عناصر الحوثي التي لا يحكمها قانون، وانما البلطجة واستخدام القوة في سلب حقوق الناس.

الانهيار الكبير
ومع انهيار أهم سوق يرفد الاقتصادي اليمني، وينعش الحركة اليومية في الاسواق والمدن "العقارات"، واستمرار الركود، وتكدس المنتجات الزراعية، وتوقف صادرات الاسماك واحجار الزينة، وغيرها من الموارد التي تعود على الاقتصاد المحلي بالعملة الصعبة التي ترفع قيمة العملة المحلية وترفد موازنة الدولة بالعملة الاجنبية، يبدأ مؤشر الانهيار الكبير للاقتصاد الكلي يتحرك نحو السالب.
كما يعد اختفاء العملات المحلية نتيجة تلفها وعدم تعويضها بطبعات جديدة، إلى جانب استمرار رفض الميليشيات مقترحات صرف المرتبات وفقًا لعملية سياسية، وهدنة طويلة الأمد المقدمة من الأمم المتحدة والمجتمعين الدولي والإقليمي، إلى توقف المعاملات التجارية الخارجية والتي تأتي كعقاب دولي على الجماعة الرافضة للسلام.
تلك المؤشرات والتوقعات، التي تؤكد بأن المجتمع الدولي يتجه نحو استخدام المقاطعة الاقتصادية الشاملة للحوثيين; نتيجة رفضها مقترحات السلام واستمرار تعاملها مع جهات إيرانية في مجال النفط والغاز، وهي واقعة تحت عقوبات دولية، إلى جانب اكتشاف العديد من العلاقات التي تربط عناصر من الجماعة مع شبكات دولية لها علاقة بتجارة الاسلحة والمخدرات والدعارة والأعضاء البشرية.

تعاون وتطويق
ومع استمرار تعاون الحكومة الشرعية والتحالف التحالف العربي، مع  دول عظمى مثل الولايات المتحدة والصين وبريطانيا والاتحاد الاوروبي، في عملية مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات والعناصر الارهابية، وتطويق المياه اليمنية الاقليمية لمنع أي تواصل بين الجماعة وإيران، تتجه الأوضاع في مناطق الحوثيين نحو الإنهيار الكبير في جميع مجالات الحياة، وعلى راسها الاقتصاد العمود الفقري لجميع النشاطات الأخرى.
ويرى اقتصاديون إن تزايد حديث الجماعة حول الحفاظ على مناطقهم من أي تدخلات اجنبية "عدوان"، خاصة فيما يتعلق بالعملة المحلية، وبالقوة القاهرة، في ظل استمرار غلاء الأسعار وعدم تسليم المرتبات ، وفرض مزيد من الجبايات، مع فقدان أبسط الحقوق والحريات، سيكون له الأثر الكبير في اندلاع ثورة بدأت مؤشراتها تلوح بالأفق مع استمرار واتساع اضراب المعلمين والموظفين في مناطق الحوثيين.