ثورة 26 سبتمبر .. ثورة إنسانية ..!!

07:55 2023/09/08

عندما تكون الثورة التحررية ذات بعد إنساني يرتفع رصيدها وتتعاظم مكانتها بين الثورات ، فالتورات التي يكون للبعد الإنساني فيها حضور ، هي بحق ثورات عظيمة وخالدة ، وما يمنحها العظمة هو تحريرها للإنسان من براثن العبودية والاستبداد والظلم والطغيان ، واستعادة كرامته وحقوقه وحرياته ، فليس هناك ما هو أعظم من إنتزاع حقوق وحريات الإنسان من تحت سطوة أنظمة الحكم الاستبدادية والقمعية ، فذلك هو الجهاد المقدس بعينه ، فمن أهم موجبات الجهاد في الإسلام هي الدفاع عن الحقوق والحريات الإنسانية ورفع الظلم عن المظلومين ومقارعة الطغاة والجبابرة والظلمة في كل زمان ومكان ، الذين يستعبدون البشر ويسلبونهم حرياتهم وحقوقهم وكرامتهم ، ويمارسون ضدهم كل صور الظلم والاستبداد ، فالإنسان هو إنسان بكرامته وحقوقه وحرياته التي منحها الله تعالى له ، والإنسان يفقد آدميته بمجرد فقدانه لتلك الصفات ، وبذلك فإن البعد الإنساني يمنح الثورة زخماً عظيماً ، لأنه يحدث تغيير كبير في حياة الإنسان ، وهل هناك ما هو أعظم من حصول الإنسان على حريته المصادرة وكرامته المهدورة وحقوقه المنهوبة ، انه شعور لا يعادله أي شعور آخر في الحياة على الإطلاق . وهو ما يمنح الثورة العظمة والخلود ..!!

وثورة ال 26 من سبتمبر 1962م هي بحق ثورة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، لأن البعد الإنساني فيها هو البعد المحوري والجوهري ، فالحكم الإمامي الكهنوتي الاستبدادي كان يستهدف الإنسان اليمني ، كان يستهدف إنسانيته وكرامته وحقوقه وحرياته ، كان يتعمد تجهيله وإفقاره وتخلفه وعزله عن محيطه البشري والحضاري ، وجعله يعيش في غياهب القرون الغابرة ، وفي ظلمات الجهل والتخلف ، وكانت الجغرافيا اليمنية الواقعة تحت قبضة الإمامة عبارة عن سجن كبير ، وكان البؤس والشقاء والجهل والجوع والفقر والمرض والموت ، هي العامل المشترك بين كل اليمنيين ، ما دفع الكثير منهم للهجرة والهروب للخارج فراراً من ذلك الوضع المزري والكارثي ، ولن نبالغ إذا قلنا بأن الوضع الإنساني في اليمن خلال فترة حكم النظام الإمامي من أسوأ الأوضاع الإنسانية التي عاشتها البشرية خلال تاريخها ، فالنظام الإمامي لا يوجد في قاموسه الفكري والسياسي أي مفردات تتطرق للحقوق والحريات الإنسانية ، فقد كان ينظر للإنسان اليمني نظرة العبد التابع والأجير الخادم ، والمطلوب منه هو تسخير كل جهده ووقته في خدمة النظام القائم على الطبقية والتمييز العنصري ، والذي يمنح سلالة معينة كل الحقوق والامتيازات ويحرمها على بقية المواطنين ..!!

تلك المعاناة التي كان يتجرعها الإنسان اليمني خلال فترة حكم النظام الإمامي ، والتغييرات الإيجابية الكبيرة التي أحدثتها ثورة 26 سبتمبر في حياته على كل المستويات وفي كل المجالات ، جعلت منها ثورة إنسانية بامتياز ، لأن البعد الإنساني كان له حضور طاغي في أحداث ونتائج تلك الثورة ، وذلك لحجم المتغيرات الإيجابية التي طرأت على حياة الإنسان اليمني بعد ثورة 26 سبتمبر ، من أهمها حصوله على حقوقه وحرياته الإنسانية التي كانت مصادرة ومسلوبة خلال حكم الإمامة ، كما فتحت أمامه كل أبواب العلم والمعرفة والثقافة والحضارة ، وتوفرت له كل الخدمات التنموية والتطورات العلمية والتكنولوجية التي وصلت إليها البشرية ، ليبدأ باللحاق بركب الحضارة البشرية التي تخلف عنها كثيرا بسبب السياسات الرجعية والاستبدادية التي كان ينتهجها النظام الإمامي الكهنوتي ، ولن نبالغ إذا قلنا بأن ثورة ال 26 من سبتمبر قد أعادت للإنسان اليمني إنسانيته وكرامته واعتباره ، ونقلته نقله نوعية في كل المجالات وخصوصاً في المجال الإنساني ، وهو ما يجعلها في مقدمة الثورات الإنسانية في تاريخ البشرية ..!!