الفكر الإرهابي .. والسلوك العدواني.

03:42 2023/09/07

الفكر الإرهابي المتطرف، والمتشدد هو كل فكر يقوم على العنف، والتهديد، والوعيد ضد الآخر ، فكر لا يحترم الآخر، ولا يقبل بالآخر، ولا يعترف بالتعدد، والتنوع الديني، والفكري والثقافي ، فكر منطوي على نفسه مغلق متحجر جامد ، يكفر الآخر ، ويوزع صكوك الغفران، ومفاتيح الجنة على أتباعه ليوردهم المهالك والموت في سبيل السلطة والحكم ، ويبيح الدماء ، ويصادر الأموال ، وينتهك الأعراض ، وينشر الفساد والخراب في الأرض ، ويهلك الحرث والنسل ، ويستعمر العقول الصغيرة، والفارغة، والجاهلة والمتعصبة، والمتخلفة بالخرافات، والأساطير والأوهام ، وللأسف الشديد كل ذلك بإسم الدين ، رغم البون الشاسع بينه وبين الدين ، والفكر الإرهابي ليس محصور على أتباع ديانة، أو حضارة بذاتها، بل إنه موجود عند أتباع كل الديانات والحضارات ، الذين رضوا على أنفسهم أن يسلكوا طريق التطرف، والتشدد، والإرهاب ، ويسيروا بها في دروب العنف، والكراهية، والعداوة، والسلبية ..

ومهما حاول أتباع بعض الجماعات الدينية المتطرفة والمتشددة والإرهابية ، تقمص دور الاعتدال والتسامح، إلا أن أنياب الذئاب التي يخفونها سرعان ما تظهر، وتنكشف في أبسط حوار، أو نقاش، أو جدال مع الآخر ، فسرعان ما يلجأون للتهديد، والوعيد، والاستقواء بأي مصدر من مصادر القوة، أو السلطة  التي يمتلكونها لإرهاب الآخر، وقمعه، ومصادرة حقه في التعبير والرأي ، عقولهم صغيرة، وأفكارهم محدودة وضيقة ، وثقافتهم بسيطة وسطحية تسقط عند أول طريق للحوار والنقاش ، يستخدمون الكذب، والدجل، والخداع، والتزييف، والخرافات، والأساطير لنشر أفكارهم، واستغفال عقول عامة الناس، يدَعون الورع، والزهد، وهم أشد الناس حرصًا وحبًا للدنيا ، يتهمون كل من يعارضهم بالزندقة، والردة، والكفر، والنفاق ، هوايتهم المفضلة القتل، وسفك الدماء، وقطع الرقاب، وسبي النساء، وهتك الأعراض، والسلب، والنهب ، لا يخلوا نقاشهم من الفجور في الخصومة، وإتهام المخالفين لهم بأبشع التهم الكاذبة والخادعة ، يعانون من أمراض، واضطرابات نفسية مستعصية تدفعهم لممارسة أبشع الاعمال، والسلوكيات الإجرامية ،والوحشية ضد الآخرين ، كما أنهم يرضعون الحقد، والكراهية، والعدواة من كتب، وخطب، ومحاضرات ودروس قياداتهم ..

والفكر الإرهابي يلجأ للإرهاب، والتطرف، والتهديد، والوعيد، والعنف بسبب ضعف حجته، وهزالة أفكاره، ومعتقداته ; لأن الفكر الذي يمتلك الحجح القوية, والأفكار العظيمة, والمعتقدات الصحيحة, لا يحتاج أتباعه للعنف، والتهديد، والوعيد، والارهاب ، فهذه أساليب العاجزين فكريّا، والمفلسين أخلاقيّا ، لذلك من السهولة بمكان التعرف على أتباع الفكر الإرهابي بمجرد حوار قصير معهم ، فهم سرعان ما يتهافتون نحو العدائية، والسلبية، والكراهية ، وسرعان ما يلجأون للتهديد والوعيد ، وهذا السقوط الأخلاقي، والقيمي، والإنساني أمر طبيعي عند من لا يمتلكون الحجة، والبينة، والأفكار القوية والصحيحة ، فصاحب الفكر الصحيح يمتلك الحجج القوية التي تغنيه عن التشنج، والتعصب، والعدائية والتهديد، والوعيد ، وتجعله يدير الحوار مع الآخر بالحكمة، والموعظة الحسنة ، ويتسم بالهدوء، والعقلانية، والثقة بالنفس، والإيجابية، ويلتزم بالموضوعية في الطرح والنقاش ..

وإن تعددت وتبدلت طرق وأساليب الجماعات المتطرفة والمتشددة، إلا أن جميعها في النهاية يجمعها الفكر الإرهابي المتطرف، والمتشدد، والرافض للآخر ، والمعادي لكل من يختلف معه في الرأي ، والفكر الإرهابي هو نتيجة اختلال نفسي، وعقلي . فالإنسان الصحيح نفسياً وعقلياً ، لن ينساق ابدًا خلف الأفكار الإرهابية، والمتطرفة، والمتشددة ، فهو ينظر للأمور بمنظار الشرع القائم على الرحمة، والحكمة، والموعظة الحسنة ، وبميزان العقل القائم على احترام حقوق وحريات الآخربن، والقبول بالتعدد، والتنوع الديني، والفكري، والثقافي ، والفكر الإرهابي هو التعبير الواضح عن الأنانية المفرطة، وحب الذات الجامح ، وهو النموذج الصريح للاستبداد، والطغيان الفكري والسياسي ، والفكر الإرهابي هو التعبير عن السلبية في أبشع صورها ، وهل هناك ما هو أكثر سلبية من إكراه، واجبار الآخرين على اعتناق أفكار ومعتقدات هم غير مقتنعين بها ؟

وتظهر بشاعة الفكر الإرهابي إذا استحوذ اتباعه على سلطة، أو نفوذ في مكان ما في العالم . فهم لا يترددون عن استخدام تلك السلطة في ممارسة الإرهاب الفكري، والسياسي، والسلطوي ضد الآخرين ، واستلاب حقوقهم ومصادرة حرياتهم عن طريق السلطة الارهابية، والاستبدادية التي بين أيديهم ، فالإرهابيين منهجهم واحد، وإن تعددت مسمياتهم، وأساليبهم، وإن تغيرت الأقنعة التي يلبسون ، فكل من يصادر حق الآخرين في التعبير عن الرأي هو إرهابي ، وكل من يتهدد، ويتوعد الآخرين بمصادرة حرياتهم بسبب أرائهم فهو إرهابي ، وكل من يسعى إلى فرض أفكاره ومعتقداته بالقوة، والإكراه فهو إرهابي وهكذا ، فالفكر الإرهابي يأتي من مشكاة واحدة ، ويتلقاه بالقبول أصحاب النفوس الخبيثة، والقلوب الحاقدة على كل شيء جميل في هذه الحياة .