وجهة نظر في الأزمة السورية

11:22 2023/09/03

لا جديد في ما نسمعه من تصريحات أو مواقف سياسية إزاء الأزمة السورية التي ابتدات مع ما كان يسمى بالربيع العربي أو ربيع الإسلام السياسى منذ عام 2011م.


هذه أزمة غير مسبوقة يتداخل فيها العامل المحلي مع العامل الإقليمي والفاعل الدولي المتمثل في الولايات المتحدة الامريكية.  


نحن امام قضية مركبة يستلزم تفكيكها قدرا كبيرا من الواقعية السياسية والبراغماتية والصراحة والمهارات الدبلوماسية  ومن غير ذلك سوف تبقى هذه الأزمة تدور حول نفسها بينما تزداد عذابات الشعب السوري من العقوبات والحصار  الاقليمي والدولي فهذا الشعب الكريم لم يكن قبل تفجر الأزمة يعيش في بحبوحة ورفاهية لكنه كان يعيش حد الكفاية والاكتفاء والقبول. 


كان أطفاله يذهبون في بداية العام الى مدارسهم بملابس جديدة وحقيبة مدرسية تحتوي كل ما يحتاجه التلميذ من قرطاسية واقلام. 
امس كنت أتابع توجيهات وارة التربية السورية الى المدارس بالتسأهل في الزي المدرسي واكتفاء التلميذ بما تيسر له من دفاتر مدرسية.


ناهيك عن معاناة كارثية لأهلنا في سورية ونقص في الغذاء والدواء والخدمات وتهاوي قيمة العملة المحلية. 
اعتقد ان جوهر استمرار الأزمة هو إرادة أمريكية صهيونية في احداث انهيار في نظام الحكم عن طريق ما يسمى باللجنة الدستورية وهي عبارة عن فخ واداة ضغط وتدمير لهياكل الدولة السورية وان تلك الجهات المشبوهة تريد أن تنال ما عجزت عن تحقيقه من هدف أساسي عن طريق الحرب وتسخير الجماعات الارهابية التي دمرت بلد بأكمله وهذا الان يبدو مستحيلا مع استعادة الدولة والجيش الامن والاستقرار في أغلب ربوع سورية فيما عدا الأراضي التي احتلها نظام اردوغان في شمال سورية والامريكان ومليشيات قسد الانفصالية في شرق وشمال شرق سورية.


لا يوجد حاكم عاقل في العالم وليس الرئيس بشار الاسد يقبل ان يستجيب لتمنيات الأجندة الدولية بالتنحي او قبول الاعيب مصممة لخلخلة نظام الحكم  ويدخل نفسه ومعه بلده في نفق صراعات  لا نهاية لها. 
الدساتير تكتب وتعدل بارادة وطنية مخلصة تستجيب لمتطلبات الواقع والتطور السياسي ولا تكتبها لجنة مسيسة باشراف الأمم المتحدة ومن يختبيء خلفها فلا يوجد دستور دولة في العالم كتبته الامم المتحدة أو الجماعات المناوئة للسلطة.


المدخل الطبيعي لإيجاد حلول واقعية للأزمة السورية هو دعم وتحرك عربي جاد لوحدة وسلامة وسيادة سوريا على ترابها الوطني اولا وانسحاب الاحتلال التركي والامريكي ثانيا ثم العمل على إيجاد سبل دعم اقتصادي متنوعة عن طريق ضخ استثمارات وشراكات في القطاع الخاص وتلبية الحاجات الانسانية لبلد نكب بالحرب ثم الزلزال المدمر  والتركيز على تنشيط عجلة الاقتصاد السوري الذي هو وعاء لاستيعاب عودة المهجرين السوريين من الدول المجاورة فهذا الشعب الذي عرفته دول الجوار بالنشاط والابتكار والاعتماد على نفسه قادر على تجاوز الصعوبات. 


اما ان يبق الطرح يلف ويدور حول الانتقال السياسي فهذه اسطوانة لا يسمعها احد في دمشق لان غاياتها معروفة وعندما تستعيد الدولة السورية بعض من عافيتها سيكون هناك أفق لجلوس السوريين على طاولة مستديرة في عاصمتهم العتيدة الشام ويتحاورو فيما بينهم وفق الثوابت الوطنية  من غير املاءات خارجية وتدخلات وتوغلات دول في الأرض السورية ثم يقرروا نظامهم السياسي وشكل الدستور  وانتخاب رئيسهم ومؤسساتهم السياسية بعيدا عن استجلاب الهويات الفرعية الاثنية أو المذهبية فأنت امام دولة شبه علمانية تحكم بهوية اسلامية فما الحاجة إلى هدمها وتحطيمها ومن يطالب بالانتقال الديمقراطي المزعوم عليه ان ينظر إلى ماذا حصلت عليه العراق وليبيا و غيرهما وحتى الكبيرة مصر لولا لطف الله ووعي الشعب المصري لاهداف المؤامرة. 
* كاتب واكاديمي من العراق استاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الاخوين في أفران المغربية