Image

"ستوكهولم" ومرتبات الموظفين .. نهب أموال اليمنيين برعاية أممية

قرابة خمس سنوات مرت على إبرام إتفاق ستوكهولم، بشأن وقف الحرب في الحديدة، والذي جاء في بنوده، بأن "تلتزم جميع الأطراف بتسهيل حرية الحركة للمدنيين والبضائع من وإلى مدينة الحديدة، وموانئ الحديدة، وعدم عرقلة وصول المساعدات الإنسانية من موانئ الحديدة لليمنيين، على أن تودع (جميع إيرادات موانئ الحديدة في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن).


وفي اكتوبر 2019، قدم مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن حينها مارتن غريفيث، مبادرة تتعلق بتحصيل إيرادات ميناء الحديدة وتحويلها لدفع مرتبات الموظفين، تتألف المبادرة من خمسة بنود تتعلق بالترتيبات الفنية والإدارية لتحصيل الإيرادات ودفع رواتب الموظفين.


ومن نصوص المبادرة، "أن يتم مؤقتا ولمدة شهرين توريد الجمارك والضرائب على الواردات النفطية من موانئ الحديدة حسب القانون اليمني إلى حساب خاص ينشأ لهذه الغاية في البنك المركزي ـ الحديدة، وان تشرف الأمم المتحدة على الحساب الخاص بالتعاون مع البنك المركزي ـ الحديدة لضمان شفافية العملية، على ان يتم عقد اجتماع فني للاتفاق على كيفية دفع كافة مرتبات موظفي الخدمة المدنية، وفقا لقاعدة بيانات وزارة الخدمة المدنية لعام 2014 من الأرصدة المحصلة من كافة إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومناقشة تغطية الفجوة من الإيرادات الحالية للحكومة اليمنية".

مراوغة للنهب 


ورغم ان اتفاقية ستوكهولم، والمبادرة الأممية، نصتا بشكل صريح على ان يتم دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في اليمن من عائدات موانئ الحديدة، والتي بلغت أكثر من "اربعة ترليون و620 مليار ريال حتى مطلع العام الجاري 2023، تحاول ميليشيات الحوثي بشتى الطرق التنصل عن تلك الاتفاق، وترفض بشكل صريح وأمام الراي العام المحلي والدولي، تسليم مرتبات الموظفين التي منعتها عن الموظفين اليمنيين لأكثر من ثمان سنوات.

فضيحة المشاط


شكلت تصريحات الارهابي الحوثي مهدي المشاط، رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى لجماعته الارهابية، فيما يتعلق بملف صرف المرتبات، حالة من التخبط والفضيحة، خاصة وانه رمي المسؤولية على أطراف أخرى، متوعدًا بقصف التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، بالصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية في حال لم يتم صرفها.


وقال في كلمة بثتها وسائل إعلام حوثية، ان السعودية تتحمل مسؤولية صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة جماعته، سبقها بالقول إنه رفض شخصيًا مبادرة من السعودية لصرف مرتبات الموظفين خلال مباحثات إبريل الماضي.


وفي هروب جديد لجماعته من تحلم مسؤوليات نهبها لأموال عائدات موانئ الحديدة المخصصة أمميا لصرف مرتبات موظفي الدولة وفقا لكشوفات 2014، قال المشاط، ان السعودية تتحمل مسؤولية معالجة تداعيات انقلابهم ونهبهم للأموال منذ انقلابهم على الدولة في 2014 .
وكان المشاط قال في تصريحات سابقة، أن جماعته رفضت مقترحا سعوديا لصرف المرتبات، واصرت على أن تصرف المرتبات من عائدات النفط والغاز في مناطق سيطرة الشرعية، بحيث تورد عائداتها إلى البنك المركزي بصنعاء.


هذا التخبط، والتناقض والكذب على المكشوف، لم يكن مستغربا من قبل المشاط وجماعته الانقلابية، بحسب نشطاء يمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين إن جماعة الحوثي تريد التنصل عن صرف المرتبات من ايرادات المؤسسات الحكومية وموانئ الحديدة، وأن تكون تلك العائدات والايرادات لعناصرها القيادية خالصة.


ومنذ فتح ميناء الحديدة على مصراعيه أمام الملاحة الدولية عقب الهدنة الأخيرة في ابريل 2022، واصلت الميليشيات الحوثية تهربها وتنصلها ومراوغاتها من صرف مرتبات الموظفين، وتختلق ألف عذر قبيح؛ بغية تجويع المواطنين وتركعيهم.


ووصلت في أخر تصريحات قياداتها وعلى راسهم المشاط وصف من يطالب بصرف مرتباتهم بـ "الحمقى والغوغائيين، والعملاء ومثيري المشاكل".

نهب برعاية أممية 


وفي هذا الاطار واصلت ميليشيات الحوثي نهب ومصادرة عوائد موانئ الحديدة خاصة الوقود والتي بلغت عائدته وحدها أكثر من 200 مليار ريال منذ بداية الهدنة في ابريل 2022.
ووفقا لمراقبين ومختصين اقتصاديين، فإن عائدات موانئ الحديدة وحدها، تكفي لتغطية مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين، وصرفها بانتظام في مناطق سيطرة الحوثيين، لكن الجماعة تستحوذ على تلك الاموال وتوزعها وفقا لمحاصصة بين قياداتها ومراكز القوى فيها، إلى جانب دعم وتمويل الميليشيات الايرانية في مناطق غير اليمن.


وعلى الرغم من عائدات الوقود الخيالية، التي تنهبها ميليشيات الحوثي باستمرار، الا أنها ترفض تسليم رواتب الموظفين الحكوميين المتوقفة منذ سنوات، حسب ما تضمنته مبادرة الهدنة الأممية الأخيرة ووفقاً لما نص عليه اتفاق ستوكهولم الموقع بين الحكومة والميليشيات في ديسمبر 2018، والتي ترعى تنفيذه بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (اونمها).

" اونمها" وأموال اليمنيين 
وفيما تؤكد الاحصائيات المحلية والدولية، بأن عائدات المشتقات النفطية وحدها الواردة عبر ميناء الحديدة منذ إعلان الهدنة الأممية في أبريل 2022" بلغت ما يقارب 3.2 مليار دولار، وهي تكفي لصرف مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين بانتظام، تبقى تلك الأموال المنهوبة، تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة "اونمها"، التي تعمل على رعاية مصالح الحوثيين دون غيرهم في الحديدة.
واتهمت مصادر سياسية يمنية، البعثة الأممية (اونمها)، بأنها تخلت عن دورها، وتعمل كغطاء لمليشيات الحوثي، التي خرقت اتفاق ستوكهولم من أول يوم تم التوقيع عليه، وان ما تم الكشف عنه مؤخرا بأن الاتفاق كان عبارة عن مؤامرة ضد القوات الساعية حينها لتحرير ميناء الحديدة، تم حياكته بالتآمر مع أطراف سياسية يمنية حينها.


واستغربت اطراف يمنية عدة، صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة على وجه الخصوص من التصرفات وتعنت ميليشيات الحوثي فيما يخص صرف المرتبات، فضلا  عن التصريحات الحديثة حول هذا الأمر والتي تصف الموظفين المطالبين بصرف مرتباتهم بالعملاء وتسعى لاعتقال العشرات منهم ، رغم مساعي وجهود مبعوثها وأطراف  اقليمية ودولية للوصول إلى اتفاق هدنة، احد وأهم بنودها صرف مرتبات الموظفين.