الشعب اليمني .. غنيمة حرب ..!!

من يلاحظ سياسات وتصرفات بعض الاطراف المتصارعة والمتحاربة في اليمن تجاه الشعب اليمني الواقع في مناطق سيطرتها سوف يدرك على الفور بأن هذا الشعب قد أصبح من وجهة نظرها عبارة عن غنيمة حرب ، من حقها أن تمارس ضده كل صور الاستبداد والظلم والابتزاز والسلب والنهب ، ومن حقها أن تفرض عليه الجبايات والضرائب والاتاوات الباهضة التي تحتاج لها قياداتها لبناء امبراطورياتهم المالية والاقتصادية ، ومن حقها أن تصادر حقوق وحريات أفراده وتفرض عليهم القيود الكثيرة التي تحرمهم من أبسط مقومات الحياة ، ومن حقها أن تحول مناطق سيطرتها إلى سجن كبير يصبح فيه السفر والتنقل من منطقة إلى منطقة أو من محافظة إلى محافظة من الصعوبة بمكان بعد أن قطعت الطرق الرئيسية بين المناطق والمحافظات اليمنية ..!!

نعم من يشاهد حال أبناء الشعب اليمني في مختلف المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطات الحاكمة المختلفة ، سوف يرثى لحال هذا الشعب ، كيف تحول بين عشيةٍ وضحاها من شعب يتمتع بالحرية والعزة والكرامة إلى غنيمة حرب لهذا الطرف أو ذاك ، من شعب يتمتع بالسيادة والاستقلال إلى شعب مستعمر ومحتل بالوكالة من عدة قوى إقليمية ودولية ، من شعب يتمتع بكامل حقوقه وحرياته الإنسانية والسياسية إلى شعب يعاني من القمع والاستبداد والظلم ، من شعب واحد موحد إلى شعب ممزق ومقطع الأوصال ، من شعب يتمتع بالأمن والأمان والاستقرار إلى شعب يعاني من الخوف والاضطرابات والفوضى والعنف والحروب والصراعات ، من شعب يتمتع بالديمقراطية والتعددية والمشاركة السياسية إلى شعب تحكمه أطراف تقوم مناهجها الفكرية والسياسية على التسلط والاستبداد والقمع والرأي الواحد والحزب الواحد والحاكم الواحد ..!!

وكم هو محزن ومؤلم أن يتحول شعب بكل ما يمتلك من امكانيات وقدرات وتاريخ وحضارة إلى غنيمة حرب تعبث بامكانياته وخيراته وثرواته الأطراف المتحاربة حسب مصالحها وأهوائها ومصالح وأهواء القوى الخارجية الداعمة لها ، دون أي اعتبار لمصالح هذا الشعب ودون مراعاة لظروف وأحوال أبنائه القاسية والمأساوية التي لا تسر صديق ولا عدو ، حتى في المفاوضات الجارية بين هذه الأطراف الشعب اليمني هو آخر من يعلم ، نتيجة التكتيم الاعلامي الذي يكتنف هذه المفاوضات ، وكأن هذه الأطراف تتفاوض بشأن شعب آخر في كوكب آخر ،  والملاحظ في هذه المفاوضات أن مصالح هذا الشعب هي آخر ما تفكر فيه هذه الأطراف بعد وضع مصالحها ومصالح الداعمين لها في مقدمة شروط وبنود التفاوض ، وهذا أمر طبيعي عندما يكون الشعب عبارة عن غنيمة حرب من وجهة نظر الأطراف المتفاوضة ..!!

لك الله يا شعب اليمن ها هي السنوات تمر ولا مؤشرات تلوح في الأفق على نجاح مساعي السلام ، السلام الذي أصبح اليوم مطلب وحلم كل أبناء اليمن بعد أن انهكتهم وأفقرتهم وعذبتهم الحروب والصراعات ، وبعد أن أدركوا أنهم عبارة عن غنيمة حرب تحت رحمة الأطراف المتحاربة والمتصارعة ، والتي تبذل كل جهدها لإفشال كل مساعي ومبادرات السلام المتعلقة بالشأن اليمني ، لأن تحقيق السلام ووقف الحرب ليس من مصلحتها ، فالسلام سوف يحرر الشعب اليمني من قبضتها ولن يستمر كغنيمة حرب كما هو في ظل الوضع القائم ، ولن يكون من حقها الاستمرار في اضطهاده وابتزازه ونهبه وسلبه ، وهذا الأمر سوف يحرمها من الثروات والأموال الطائلة التي تحصل عليها من الضرائب والجبايات والاتاوات الكثيرة والمتعددة والباهضة التي تفرضها على هذا الشعب المغلوب على أمره خارج نطاق النظام والقانون ، وما يوكد كلامي هذا هو موقف الاطراف المتصارعة ورغبتها في استمرار الأوضاع كما هي عليه ( اللا حرب واللا سلم ) ، فلا هي بالتي استمرت في الحرب حتى تحسم المعركة لأي طرف ، ولا هي بالتي قبلت بالسلام الشامل والعادل ، وهذا ما يؤكد بأن الوضع الحالي هو الوضع المثالي بالنسبة لها ، كيف لا وهذا الوضع يمنحها الفرصة في التعامل مع الشعب اليمني كغنيمة حرب ، من أجل ذلك سيظل السلام حلم بعيد المنال للأسف الشديد . نقطة آخر السطر ..!!