الفهم أولًا !

03:16 2023/08/28

يحدث كثيرًا أن يُعاني المرء في حياته من حالة نقص وضمور في خلايا المخ، مما يؤدي ذلك إلى تقلص فهمه وإداركه على كثير من الأمور والمواضيع المكررة والمُستهلكة، لا نعرف الأسباب التي أدت ببعض الأشخاص لتسلق اغصان هشة لمناطحة جذور شجرة مثمرة تمتد جذورها على إمتداد هذا الوطن الكبير.

 وهنا تبدو فكرة التسلق والمناطحة مستحيلة، فالأولى خطيئة والثانية جريمة أخلاق لا يبررها منطق ولا يشفع لها أي مُبرر .

هكذا يبدأ المرء بالبحث عن " جريمته الأخلاقية الخاصة "و التي من الواضح أن يدفع ثمنها على مدار حياته البائسة، ثم يبدأ بتصديق قصته التي يتداولها بعض الناس، ويروجون لتلك الإسفافات غير آبهين بتدنيس ماء الوجه الذي سرعان ما تلوث وتغير لونه وفاح عفنه، يتماشى مع كل المرض الذي أصابه وتحدث عنه، وهو يهمس لنفسه قائلاً : "أنا أستحق هذا".

يحتاج هؤلاء إلى الفهم أولًا، وأن يدركوا أن جريمتهم الأخلاقية ليست موجودة في سجل القيم والمبادئ، وليست معلقة سوى على جدران أقدارهم الحتمية ونهاياتهم المخزية، وعليهم أن يتوقفوا عن التفتيش في دواخل الآخرين، ويفحصوا شبكة علاقاتهم الإجتماعية، وتقاليد وعادات المجتمع الذي نشأوا فيه، إذ يتعلم المرء كيفية مقاومة أطماع النفس وخضوعها للإرتزاق، وإلا عليهم الإستسلام للعبة المصادفات ودول الأيام.

إن مجد المرء وعبقريته يكمن في معاندته للظروف والتغلب على هوس التقيؤ العفن، والتفوق على نفسه دون أن يمس الآخرين بسوء، وتجنب إلقاء اللوم على الآخرين بتهم كيدية فارغه عفى عليها الدهر وبار سوقها، وهذه هي الطاقة الجوهرية لما نُسميه النأي بالنفس وإحترام العِشرة وتحشيم الكلمة.