حزب المؤتمر .. والظروف البيئية المحيطة ..!!

08:27 2023/08/23

لم يعد يخفى على أحد الدور الكبير الذي تلعبه البيئة في حياة البشر ، وتأثيرها الكبير على أداء الإنسان وإنتاجه وسلوكياته ونمط حياته ، وكذلك الحال بالنسبة للأنظمة السياسية ففاعليتها وأدائها يتوقف على نوعية البيئة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية المحيطة ، فإنه من الصعب إقامة نظام مدني وديمقراطي وحديث ومتطور ، في بيئة تهيمن على أفرادها التعصبات المذهبية والطائفية والمناطقية والقبلية والجهوية والأسرية ، وفوق هذا وذاك يعاني معظم سكانها من الفقر والجهل والتخلف ، إن هكذا بيئة قاسية وبائسة ليست مشجعة لقيام نظام سياسي مدني وديمقراطي متقدم ومتطور في نطاقها ، فقوى الممانعة والرفض سواء الدينية أو القبلية أو المناطقية أو الطائفية تحول دون تحقيق ذلك ، فهي تعمل مجتمعة على إفشال أي محاولة لإقامة هكذا نظام ، وما يساعدها في ذلك هو تفشي ظاهرة الجهل والفقر لدى غالبية السكان ، فهي ترى أن بقاءها واستمراريتها مرتبط ببقاء الأوضاع كما هي عليه ، فأي تطور أو تحديث في حياة أفراد المجتمع قد يدفعهم باتجاه التمرد على نفوذها ، خصوصاً فيما يتعلق بالمجال السياسي ، فقيام نظام ديمقراطي تعددي حتماً سيمنح أفراد المجتمع مساحات واسعة من الحرية ، وهذا أمر يتناقض مع ثقافة العبودية والتبعية والولاءات الضيقة ، التي تفرضها عليهم قوى الهيمنة الدينية والقبلية والمناطقية ..!!

وهذا هو حال المجتمع اليمني ومحاولة اتهام حزب المؤتمر بالتقصير في إدارة شئون الحكم خلال فترة حكمه من بعض قوى المعارضة ، وأنه لم يعمل كما يجب في تطوير وتحديث الدولة اليمنية ، فيه تجاوز وقفز فوق الظروف القائمة والبيئة المحيطة ، وفيه تجني كبير على هذا الحزب وقياداته الوطنية ، فكيف يمكن تطوير مجتمع وتحديثه في وقت قياسي ، في ظل وجود بيئة محيطة رافضة لكل صور التحديث والتطوير ، تهيمن عليها كل عوامل التخلف والجهل والتعصب ، وفي ظل وجود قوى نفوذ تبذل كل جهدها في سبيل إفشال أي مساعي لتطوير المجتمع وتحديثه ، وتحول دون حصوله على نظام سياسي مدني وديمقراطي وتعددي ، ورغم كل ذلك فقد تمكن حزب المؤتمر بذكاء وحنكة قيادته السياسية من تخدير تلك القوى عن طريق سياسات ذكية ، يقرأها البعض على أنها تنازلات ، بينما القراءة الصحيحة لها أنها إرضاءات شخصية استدعتها الحاجة لتمرير الخطط التنموية والتحديثية الشاملة، وصولاً إلى إحداث نقلة نوعية في حياة المجتمع اليمني في مختلف مجالات الحياة ، على مراحل متتالية وخطط خمسية مزمنة ..!!

وعلى حين غرة من الزمن استطاع المؤتمر وبدهاء وحكمة قيادته السياسية ، أن يتجاوز عوامل الظروف البيئية المحيطة بما فيها قوى الممانعة والرفض ، ليشرع في إرساء قواعد نظام سياسي ديمقراطي تعددي مدني ، وصولاً إلى جعل الشعب اليمني يحكم نفسه بنفسه . وهذا في حد ذاته يعتبر إنجاز كبير وعملاق يحسب لحزب المؤتمر وقياداته الوطنية ، لأنها قد تمكنت من تجاوز العديد من العقبات والظروف البيئية المحيطة الممانعة والرافضة وحققت هكذا إنجاز حضاري ومدني عظيم ، بغض النظر عما حصل بعد ذلك من تكتل وتحالف القوى الدينية والقبلية والمناطقية والطائفية في خندق واحد وساحةٍ واحدة وبدعم قوى خارجية ، ضد حزب المؤتمر وضد انجازاته السياسية والمدنية والديمقراطية ، في إطار مؤامرة كبيرة داخلية وإقليمية ودولية كانت أكبر من قدرات وطاقات وإمكانيات حزب المؤتمر ، سهلت مهمة تلك القوى ومن يقف خلفها في الانقضاض على انجازات حزب المؤتمر وفي مقدمتها الانجازات السياسية والمدنية والديمقراطية ، وللأسف الشديد إنضمت إليها حتى قوى المعارضة اليسارية المحسوبة على تيار الحداثة والتطور ، التي أدوشت الشعب بشعاراتها التقدمية والحداثية ، لتسقط في نهاية المطاف في مستنقع التخلف والجهل بدوافع الحقد السياسي ضد المؤتمر وقياداته ،ولتتضح الصورة للجميع بأن المؤتمر كان ولا يزال وسيظل هو الحزب الوطني الرائد والحامل الحقيقي لمشروع التطور والحداثة والتنوير واقعاً وحقيقة وسلوكاً وممارسة ، فعن أي حداثة ومدنية يمكن الحديث بعد تلك الحداثة والمدنية التي حققها حزب المؤتمر خلال فترة حكمه ، ومن لم تعجبه حداثة ومدنية حزب المؤتمر فليغرف من بحر حداثة ومدنية القوى الحاكمة اليوم ..!!