السلطات الاستبدادية.. وسياسة الأبواب المغلقة ..!!

07:35 2023/08/07

من المعلوم بأن السلطات الحاكمة الاستبدادية حول العالم تضيق ذرعا من الدور الإعلامي والثقافي والعلمي والاجتماعي الذي تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أصبحت بمثابة بوابة معرفية على مستوى العالم، يمكن الحصول من خلالها على الكثير من الأخبار والمعلومات المتنوعة والمتدفقة بكل سهولة وسلاسة عبر الفضاء الإلكتروني الخارج عن السيطرة والرقابة السلطوية، وهذا الأمر ليس بجديد على هذا النوع من السلطات، التي لا تتردد عن ممارسة سياسة الإغلاق والانغلاق الثقافي والمعرفي والفكري على رعاياها، والتي تتضايق كثيرا من كلمة مفتوح أو انفتاح ومرادفاتها وكل ما له علاقة بالفعل فتح، لذلك لا تتوقف عن استخدام كل الأساليب التي تساعدها على إغلاق وحظر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت مبررات وذرائع مختلفة، 

وهي بهكذا إجراءات انتقامية لا تستهدف تلك التطبيقات بقدر ما تستهدف ممارسة الحظر والرقابة على مواطنيها، وحرمانهم من الحصول على المعلومات بصورة حرة ومفتوحة، والجديد في الموضوع أن هذا النوع من السلطات لم تدرك بعدا بأن رد فعل شعوبها تجاه مثل هذه الإجراءات التعسفية هو اللامبالاة وعدم الاهتمام، لأن هذا النوع من الإجراءات لا يمثل شيئا بجانب تلك الإجراءات الإغلاقية والانغلاقية التعسفية والاستبدادية التي تفرضها على شعوبها...!!


فعلى سبيل المثال ماذا يمثل إغلاق وحظر السلطات الاستبدادية لوسائل التواصل الاجتماعي على رعاياها مقارنة بإغلاقها لكل الأبواب في وجوههم، ماذا يمثل ذلك مقارنة بإغلاقها مثلا لأبواب الرزق، أو أبواب السفر، أو أبواب العمل، أو أبواب المشاريع التنموية، أو أبواب الخدمات الأساسية، أو أبواب الاستثمار، أو أبواب القنوات والصحف المحلية، أو أبواب الحقوق والحريات... إلخ، دون شك هكذا إجراء لم يعد يمثل شيئا بجانب تلك الإجراءات الاستبدادية التي تمس حياتهم بشكل مباشر...!!


ودائما ما تقوم السلطات الاستبدادية بتفريغ غضبها وسخطها وفشلها في التعاطي مع الظروف والأزمات المحيطة بها فوق رؤوس رعاياها، وحتى حين تنتقم من خصومها فإنها تنتقم من رعاياها، كونهم الحلقة الأضعف أمامها، وحتى حين تسعى لابتزاز خصومها فإن معاناة أفراد شعوبها وظروفهم القاسية هي وسيلة الابتزاز المفضلة لديها، فكلما تتلقى هذه السلطات ضربات وإجراءات عقابية من العالم الخارجي والمجتمع الدولي، يكون رد فعلها الانتقامي مسلطا على رعاياها...!!


إن مجرد تفكير السلطات الاستبدادية باللجوء لسياسة الأبواب المغلقة يعكس حالة التخبط والفشل الذي تعيشه، ويعكس أنها تعيش خارج العصر ومجرياته وأحداثه وتحدياته ومتغيراته، فهي لا تدرك بأن سياسة الإغلاق والانزواء والانكفاء التي تمارسها ليست ذات جدوى، وأنها كل يوم تنعكس عليها بشكل سلبي، خصوصا عندما تصل شعوبها إلى قناعة تامة بأن هذه السلطات لا تمتلك إلا سياسة واحدة وهي سياسة الإغلاق والانغلاق، ومن يدفع ثمن فاتورة هذه السياسة هي تلك الشعوب، فمن يتجرع نتائج سياسة الأبواب المغلقة هم رعايا تلك السلطات، وليس رعايا الدول الخارجية...!!


كل ذلك رغم أن السلطات الاستبدادية تمتلك القدرة على فتح كل الأبواب المغلقة في وجوه رعاياها، وتمتلك القدرة على إخراج نفسها من كل الأزمات المحيطة بها بأقل الخسائر الممكنة، فقط بمجرد تأقلمها مع الانفتاح الحضاري والتكنولوجي الذي تعيشه البشرية اليوم، وبمجرد قبولها بحق رعاياها في الحصول على المعلومات والأخبار المختلفة من مصادر متعددة، فمتى تخرج هذه السلطات من القواقع الفكرية والثقافية التي تحاصر بها نفسها وشعوبها، متى تدرك بأن سياسة الأبواب المغلقة لن توصلها لتحقيق أهدافها وتطلعاتها كما تظن، فهذه السياسة قد عفا عليها الزمن، فالعالم اليوم قد تغير والزمن قد تبدل، فنحن نعيش اليوم في زمن الذكاء الاصطناعي الذي هو بمثابة ثورة هائلة في مجال تقنية المعلومات، والغالبية العظمى من دول العالم باتت اليوم تنتهج سياسة الأبواب المفتوحة، فهي السياسة الناجحة اليوم بما تمتلك من المرونة والإيجابية والانفتاح والتعايش السلمي والتقدم الحضاري...!!