متى تفهم الشرعية أن السلام المجاني لا يجبر الحوثي على السلام؟
هروب الشرعية ودول التحالف لتقديم تنازل مجاني لمليشيات الحوثي بفتح المطار ورفع حصارها لميناء الحديدة، ظنا منها أن مليشيات الحوثي ستتعامل مع ما قدمته تحالف الشرعية على أنه مبادرة حسنة النية وهي خطوة تهدف إلى الاسهام في وضع مشروع السلام على طاولة المفاوضات. إلا أنها فهمت من قبل الحوثي أن فتح الميناء والمطار ما هو إلا اعتراف بقوتهم.
فالمليشيات لا تؤمن بالحوار بقدر إيمانها بالقوة، فهي لا تفهم ما يعرف بالقنوات الدبلوماسية ولا تهتم بالسلام باعتباره خطوة لإنهاء الحرب. وهذا ما على الشرعية أن تستوعبه وتدرك أبعاده لتتمكن من فرض واقع جديد يضعها أمام مسؤوليتها التاريخية، التي تتجسد بالهدف الأساسي للحرب وهو استعادة الدولة، وأنها الانقلاب لا تقديم التنازلات المجانية.
السلام الذي يقف وراء منح صلاحيات الرئيس هادي لمجلس القيادة لم يساهم بأي نجاح حقيقي بقدر ما انعكس على الشرعية بخسارة كبيرة، رغم حجم التنازلات التي قدمها الرئيس العليمي للحوثيين والمتمثلة برفع الحصار عن ميناء الحديدة ومطار صنعاء.
ولم يقدم الحوثيون أي مقابل، فلم ترفع المليشيات حصارها عن تعز كما كان متوقع مقابل رفع الشرعية والتحالف حصارهم للميناء والمطار.
بل كان عاملا مشجعا ليقابل الحوثي مبادرة رشاد العليمي بحصار ميناء الضبة الخاص بتصدير النفط وخنق الشرعية اقتصاديا. ولم يكتفي بذلك، بل استخدم اتفاقية فتح ميناء الحديدة لاستيراد الغاز ومنع بيع غاز مأرب في مناطق سيطرته، سعيا منه لمنع الحكومة من الاستفادة من عائدات الغاز بخنقها اقتصاديا.
والسؤال هنا ما الذي جلبته اتفاقية فتح ميناء الحديدة من مكاسب سياسية للشرعية رغم كل هذه التنازلات؟
غير أن الحوثي لا يزال يحاصرها ما جعلها تعاني من وضع اقتصادي صعب، ولن يكون مجدي استعطاف الدول لإنقاذها من الأزمة الاقتصادية ما لم تبحث عن مخرج يضع مليشيات الحوثي أمام معادلة حقيقية يدرك نتائجها الكارثية عليه. وهذا لن يتم إلا من خلال إعادة تفعيل حصار الميناء والمطار ووضعه ضمن مقايضة للمليشيات برفع حصارها عن تعز أيضا، وعن ميناء الضبة ليعود لنشاطه بتصدير النفط والغاز.
وحدها القوة تصنع السلام يا دكتور رشاد، وليس بكثرة التنازلات. فتنازلات لا تأتي بالسلام العادل، ولا يراها الحوثي إلا استسلاما، وبما أنك تؤكد في خطابك أن يدك ممدودة للسلام وأيضا مستعدة للحرب، فدعنا نرى فعلك بعد أن فشلت جهود السلام التي قدمت لها ما لم يقدمه أحد من قبلك ولا من بعدك، لنرى فيك القوة كما رأينا فيك اليوم.