الشاطر رحيل موجع واليم
رحيل الأخ العزيز العميد الركن علي حسن الشاطر شكل فاجعة أليمه بعد حياة حافلة بالعمل والعطاء والانضباط الوظيفي والعمل الإداري والصحفي الذي شكل نموذجا حيا يشار له بالبنان من الأصدقاء والخصوم.
علي حسن الشاطر لم يكن شخصية عادية؛ فهو واحد من أهم الأسماء والشخصيات التي برزت خلال العقود الثلاثة الماضية من خلال عمله في التوجيه المعنوي الذي تحول إلى خلية نحل وموجه لكثير من الخطط والأفكار.
إضافة إلى النقلة النوعية التي صاحبت فترته لتتحول مؤسسة التوجيه في عهده إلى قلعة إعلامية متكاملة الأركان مليئة بأدوات العمل والإبداع والارشفة الدقيقة لتاريخ متنوع قبل أن تجتاح المليشيا العاصمة التاريخية صنعاء.
كان التوجيه المعنوي للقوات المسلحة التابع لوزارة الدفاع بمثابة مؤسسة توازي وزارة الاعلام والثقافة للتعبئة ونشر الثقافة الوطنية، مثلما عبرت صحيفة 26 سبتمبر عن فكر الثورة والجمهورية وابراز الانجازات التي تحققت في عهد الرئيس الشهيد الصالح رحمة الله تغشاه وما تلى ثورتي سبتمبر وأكتوبر والوحدة اليمنية الخالدة.
تميزت ادارة الشاطر علي للتوجيه المعنوي بالانضباط والانجاز الإداري، وطور من أساليب عمله وممارساته، واستقطب عدد من الكفاءات العسكرية والمدنية والعلمية وحتى شيوخ الدين المتنورين من يمنيين وعرب.
امتاز العميد الشاطر في عمله بالصرامة والدقة والتفاني في العمل، وقد تخرج من هذه المؤسسة كثير من الصحفيين والاعلاميين المتميزين سواء من كانوا يؤدون الخدمة العسكرية أو من عملوا لفترة قبل انتقالهم لعمل آخر، بل أن هناك الكثير ممن يعتبر فترة عمله في المؤسسة شرف كبير تعلم منها حب الوطن والالتزام والانجاز.
كانت صحيفة 26 سبتمبر واحدة من أهم الصحف الاسبوعية الرسمية وكانت صفحاتها تحمل تنوعا في الموضوعات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والفنية، مثلما كانت ذات قيمة صحفية، عرفت بتميزها بالتحليلات السياسية الهامه، واستقطبت كبار الكتاب في مختلف المجالات من خارج الوطن وداخله.
أتاحت الصحيفة التي حملت اسم أعظم الثورات في التاريخ (26 سبتمبر) مساحة متميزة لقامتين عظيمتين هما الشاعر والمفكر الراحل/ عبد الله البردوني والراحل والمفكر الشاعر/ عبد العزيز المقالح اللذين شكلا ثنائي مدهش ومخزون ثقافي وأدبي أثرى المشهد الأدبي والاجتماعي والفكري عن طريق التوجيه المعنوي وصحيفة سبتمبر.
وقد اعتبرها البعض المعبر الحقيقي عن سياسة الحكم وتوجهاته الحالية والمستقبلية؛ ومفتاح لكثير من النوافذ والأبواب، كما تميزت باعمدة للعديد من الأسماء المخضرمة التي تحول بعضها للأسف لاحقا مائة وثمانون درجة لا لشيء سوى أنهم كانوا يضمرون في بطونهم ودواخلهم العداء للثورة والجمهورية.
استمر الشاطر خلال فترة رئاسة صالح على رأس هذه المؤسسة وكان التوجيه المعنوي متنوع في أسلوب عمله واصداراته، وامتلك المطابع الحديثة التي يطبع فيها اصداراته وكتبه وصحيفته وتطور الأداء ليتوسع العمل ليقوم بطباعة الكتب والإصدارات الخاصة بأسعار تنافسية وبجودة عالية، مما ساعد على تحسين أوضاع العاملين في هذه المؤسسة التي جمعت بين الانضباط العسكري والحس التجاري والادارة المتميزه.
كنت عندما اقوم بزيارة إدارة التوجيه أشعر انني في مكان له هيبته ومكانته وكأنه جزء من دار الرئاسة، وكان هناك تكامل بين التوجيه والرئاسة لقرب العميد من مؤسسة الرئاسة سواء من خلال صداقته مع الرئيس أو بوجود الأستاذ عبده بورجي سكرتير رئيس الجمهورية والعلاقة المتميزة التي تجمع بين الشاطر علي والأستاذ علي
الانسي مدير مكتب الرئاسة حينها.
فهناك تعاون مستمر ومثمر وتناغم في العمل بين تلك الشخصيات التي تعشق العمل وتتفاني في تحقيق الإنجاز.
تميز العميد علي الشاطر بعلاقته الشخصية بالرئيس صالح، والصداقة التي أمتدت بينهما لأكثر من أربعة عقود من العمل، كان يفهم الرئيس ويعرف ما يريد حتى وأن لم يتكلم، وكان جريئأ وشجاعا في طرح ارائه وظل وفيا مخلصا حتى بعد مغادرته للسلطة، بقي يعمل مع الزعيم في المؤتمر كمستشار وأحد المقربين منه، عرف عنه قربه من الوسط الاعلامي والصحفي ورجال الفكر والثقافة والفنون من مختلف التيارات ويهتم بهم وبشؤونهم ويتابع أحوالهم.
رحل الشاطر جسدا بعد أن تعرض للمضايقات والمحاكمات والهجوم العنيف سواء عبر الصحافة الصفراء ايام ما كانت الحريات مفتوحة والصحف المعارضة بالعشرات أو من قبل بعض الذين لم يعجبهم الانضباط والمسؤولية الذين كانوا يعتقدون أن كل شيء يحدث جزء من الفساد،د لا أكثر من محبي العشوائية.
حتى جاءت أحداث الربيع العربي وجدها الكثير من الخبثاء فرصة للانتقام ليس من الشاطر وحسب وإنما من رؤوس النظام ومؤسسات الدولة ابتداء من 2011 المشؤوم حتى اجتياح مليشيا الحوثي للعاصمة صنعاء، وحتى آخر يوم من حياته.
لكنه كان يتحلى بالذكاء والفطنة وبحكم خبرة السنين والأحداث ظل قويا متماسكا هادئا لم ينجر ابدا وراء الترهات والمهاترات وكانت له وقفات ومقالات في صحيفة الجمهورية وغيرها يحذر من انهيار البلد ويكتب بحس ومسؤولية غير أن موجة الفوضى كانت قد طغت على الكثير من الغوغائيين والساعيين وراء الشعارات الزائفة.
رحل الشاطر الرجل الذي كان دمث الخلق ربطته علاقات واسعة بالاعلاميين والمثقفين داخل اليمن وخارجه ينفع ولا يضر كما كان الكثير يطلقون عليه.
خالص العزاء والمواساة بهذا الرحيل الموجع والأليم نشاطر أبنائه بسام وباسم وغسان ولشقيقه الاخ عبد الله وكافه محبيه وأصدقائه وزملائه عظم الله اجورهم جميعا وأحسن عزاهم.
وانا لله وانا اليه راجعون