Image

ماذا بعد ثماني سنوات من تعنت مليشيا الحوثي بإغلاق المنافذ البرية؟!

بعد إغلاق مليشيا الحوثي جميع المنافذ الرئيسية التي تربط المحافظات مع بعضها، زادت حياة المواطنين عذابا وألما وقهرا.
 
في تعز على سبيل المثال، يموت الناس بين الحين والآخر. فمن لم يمت بانقلاب حافلة من أعلى هيجة العبد يموت غرقا بالسيول المتدفقة للوديان والسوائل التي تم اتخاذها طرقا بديلة عن الطرق الأسفلتية التي أغلقتها مليشيا الحوثي.
 
وبين مبادرة وأخرى يتعقد المشهد من جديد. يتم الاتفاق على فتح مطار صنعاء وميناء الحديده مقابل فتح المنافذ البرية بين المحافظات، فيتفاجأ الجميع بتنفيذ الاتفاق لصالح طرف واحد (مليشيا الحوثي) وعدم تنفيذ ما هو لصالح الشرعية. 
 
والنتيجة أن المنافذ البرية مازالت مغلقة وأن مطار صنعاء وميناء الحديدة أعيدت لهما نبض الحياة من جديد وكأن المليشيات تصرخ بصوت عال (الحلم وحده لا يكفي).
 
الآثار المدمرة الناتجة عن إغلاق مليشيا الحوثي المنافذ البرية ربما لا تقل إيلاما عن الآثار المدمرة التي أنتجتها الآلة الحربية للمليشيات من قنص وقتل في جميع المحافظات، ما تسبب به إغلاق المنافذ البرية كانت نتائجه كبيرة من الخسائر في الأرواح والأموال. وهنا نستطلع العديد من الآراء والمتابعات والأحداث نتاج ذلك.
المواطن معين السقاف يقول: إغلاق المنافذ البرية أفقد أسرا كثيرة أبناءهم وربما أيضا العائل الوحيد لهم، فنحن نشاهد حالات كثيرة من انقلاب حافلات أو بوابير كبيرة من أعلى الهيجة إلى أسفلها نظرا لصعوبة المرور بهذا الطريق الصعب، ولو كانت الطرق الرئيسية مفتوحة كما كانت قبل الحرب ما حدثت مثل هذه الأمور المرعبة.
 
 المواطن عزام المقطري يقول: شاهدنا السيول تجرف باص أجرة محملا بالركاب لم نستطع أن نتدخل، فالسيول كبيرة والطريق غير مؤهل لسير المركبات، لكن لأن مليشيا الحوثي أغلقت الطرق الرئيسية اضطر مثل هؤلاء استخدام هذه الطرق وهذه هي النتيجة. الموت ولا شيء غيره.
 
مدير مكتب الإعلام بمديرية المقاطرة جواد الحوفكي قال: تدفق مياه السيول تسببت بقطع طريق نجد كربة – الصُحى، الطريق البديل الرابط بين محافظتي لحج وتعز، مؤكدا أن قيادة السلطة المحلية بالمديرية بذلت جهودا في فتح الطرق الرئيسية بالمديرية، لكن دون جدوى حيث توفيت طفلتان في قرية الزيادي بمديرية تبن الواقعة على ضفة وادي تبن شمال المحافظة. كما أن الطفلة صبور فضل “11 عاما” ونصرة حلمي “10 أعوام” غرقتا في حفرة عميقة لتجمع مياه السيول داخل الوادي.
 
وأضاف أن الأهالي لم يتمكنوا من انتشال الطفلتين إلا بعد أن فارقتا الحياة.
 
المواطن مراد المحضار علق قائلا: تصر مليشيات الحوثي أن تقتل المواطنين الأبرياء بشتى الطرق واصرارهم على إغلاق المنافذ البرية يعتبر جريمة حرب، فكم سمعنا عن حوادث متعددة بسبب وعورة الطرق البديلة وكم قرأنا من أخبار عن موتى وعن انقلاب حافلات بسبب هذه الطرق الملتوية وغير الصالحة للمركبات أو السيارات، خاصة وأن الطرق البديلة هي طرق لمرور مياه السوائل ففي مديرية الملاح قطعت السيول الطريق  الرابط بين محافظتي لحج والضالع في سائلة “بلة” لساعات طويلة، وشوهدت مئات المركبات وشاحنات البضائع التجارية متوقفة على جوانب السائلة منذ وقت الظهيرة وحتى المساء.
 
كما جرفت مياه السيول مركبة عسكرية في وادي الرجاع، بمديرية طور الباحة، بينما نجا من كان على متنها بأعجوبة، وتوقفت حركة التنقل في وادي السحر وسوق الخميس بمديرية القبيطة شمال المحافظة، وهي طرق بديلة للطرق الرئيسية تؤدي نحو المحافظات الشمالية، مواصلا حديثه بالقول: تدفقت السيول في منطقة صبر بمديرية تبن وقطعت الطريق بين منطقة صبر والوهط، وحاصرت عدد من منازل المواطنين وتسببت بوفاة طفلين ،هما عبدالقادر عطاء أحمد 17 عاما، وشقيقته البالغة من العمر 13 عاما.
 
المواطن عبدالله محمد سعيد: تأثرت منطقتنا بشكل كبير بسبب إغلاق الطرق الرئيسية والتي مازالت المليشيات الحوثية ترفض رفضا قاطعا فتح الممرات الرئيسية والآمنة، فهل تصدقون أننا عثرنا على 22 جثة لأشخاص جرفتهم سيول الأمطار الغزيرة، قبل اسبوعين تقريبا في طريق حيفان - طور الباحة، ما بين محافظتي تعز ولحج. تخيلوا كيف حال عوائل وأسر هؤلاء الذين رحلوا الى عالم اخر بسبب قذارة المسؤولين الحوثيين الرافضين إلى فتح الممرات الآمنة لكن ماذا عسانا أن نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل.
 
المواطن أبو علي يقول: أخطر مكان هو طريق قعطبه شرق مدينة تعز. هنا الموت يواجه كل المسافرين والناجين من هذه الطريق لهم عمر جديد، فالمسافر من خلالها مفقود حتى يخرج منها وقد وقعت حوادث كثيرة ومتعددة وخسائر بالجملة لكن لم نسمع عن أي حلول ولم تقم الشرعية أو التحالف أو الأمم المتحدة بأي شيء سوى الوعود الزائفة والكاذبة في الوقت الذي قام كل هؤلاء بالسماح بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة.
 
وواصل أبو علي حديثه قائلا: قبل أيام انقلبت حافلة نقل جماعية في هذه الطريق وتوفي على إثرها ثلاثة أشخاص. بالله عليكم بأي ذنب مات هؤلاء؟
 
ليس ذلك وحسب، فقد نزلت بالأمس سيول كبيرة بسائلة الخزجة الرابط بين منطقة حيفان ومناطق طور الباحة، مما أدى إلى أن عشرات المواطنين علقوا في هذه الطريق بين عدن وتعز وقد تتسبب بحرمانهم من قضاء العيد بين أسرهم، في الوقت الذي جرفت السيول باصين لنقل المسافرين مما دعا المسؤولين في هذه المنطقة إلى إطلاق إنذار وإعلان بمنع المرور من هذه المناطق حتى تتوقف السيول.
 
بين الحين والآخر، كل ما نسمعه من الحكومة هو مبادرة جديدة لفتح 5 طرق مغلقة من قبل الحوثيين في تعز المحاصرة منذ نحو ثمان سنوات.
 
وكما قالت لجنة التفاوض الحكومية لفتح طرق تعز، في بلاغ صحفي أصدرته الأحد الماضي عقب اجتماعها السبت: "نفياً لمزاعم الحوثيين بشأن رفض اللجنة فتح الطرق في تعز، قائلين إننا نقدم هذه المبادرة لفتح بعضها والمغلقة من قبل الجماعة". 
 
وأضاف البلاغ أن المبادرة تتضمن فتح 5 طرق من وإلى المحافظة وهي: طريق سوفتيل - الجهيم - مسجد الصفا - زيد الموشكي. وطريق مصنع السمن والصابون - المطار القديم - بئر باشا. طريق كرش - الرهدة - الحوبان - جولة القصر - عقبة منيف. مفرق الذكرة - الستين - مفرق العدين - سوق الرمدة - الحوجلة - عصيفرة. طريق الحوبان - جولة القصر - وادي صالة - صالة".
 
وأبدت اللجنة استعدادها لبحث آليات التنسيق لاستقبال القادمين للمدينة أو المغادرين منها وتشكيل لجان مشتركة لحل أي إشكالات في حالة فتح هذه الطرق.
 
 البلاغ أشار إلى أن اللجنة عقدت اجتماعاً، السبت الماضي للوقوف أمام استمرار جماعة الحوثيين في فرض حصارها على مدينة تعز وإغلاق كافة الطرق والمعابر منها وإليها، رغم كل الاتفاقيات وجولات المفاوضات، الأمر الذي يفرض على المجتمع الدولي والمبعوث الأممي ضرورة "ممارسة أقصى الضغوط على الجماعة لفك حصارها عن المدينة، حيث أنها تستغل ذلك كورقة سياسية لتحقيق مكاسب في ملفات أخرى".
ختاما، إلى متى يستمر العبث بحياة المواطنين؟
 
وكيف تكشر الحكومة الشرعية عن أنيابها ولو لمرة واحدة وواقعيا ضد مليشيات الحوثي التي لا يمكن أن ترأف بحياة المواطنين الأبرياء حتى لو قتل الآلاف من أعالي القمم أو جرفت السيول عشرات الآلاف؟ 
فقط ما أغلق بالقوة لايمكن فتحه إلا بالقوة. والحلم حينها يمكن أن يتحقق.