لا عجب إن تراجعت فرحتنا بالعيد

03:04 2023/06/28

يتشوق الإنسان لقدوم العيد كي يتخذ إجازة قصيرة من هموم الدنيا ومشاكلها. يتحين تلك الفرصة القصيرة لينسى ضيم الحياة. ولكل شعبٍ أعياده الخاصة التي يعيش فيها أسعد لحظات حياته.
 
وهكذا كان الإنسان اليمني شغوفاً متلهفاً للعيد ولمسراته، متشوقاً لمسرات العيد وفرحته الغامرة.
فرحةٌ بسيطة يتخللها العديد من التهاني والمشاعر الصادقة بين الانسان وأخيه.
 
هكذا كان اليمني، وهكذا كانت أعياده. أعيادٌ سعيدةٌ بكل ما للكلمة من معنى.
 
وهنا أقول كان، لأنه حقاً كان. 
 
يستيقظ الصباح مغموراً بالفرحة التي زادتها ملامح السعادة على أطفاله وقد اكتسوا ثيابهم الجديدة وبدؤوا يستعدون للاحتفال بهذه الايام القصيرة التي رأوا فيها الحياة كلها.
 
يخرج الأب سعيداً رفقة أطفاله، وتستعد الأم لاستقبال الضيوف والفرحة تتملكها لأنها ستلتقي بأعزاء هم أيضاً سعداء بلقائها.
 
وفي نهاية طقوس السلام وعودة الجميع الى منازلهم، تتحلق الأسرة حول مائدة الغداء المملؤة بكل الأصناف الجميلة وعلى رأسها لحمة العيد التي في متناول الأغلبية.
 
هكذا كنا قبل أن تعصف بنا الأيام وتبدد سعادتنا وتحولها لمجرد شكليات وروتين سنوي لا بد من إنجازه كي لا يتحدث عنا احد بسوء.
 
يستيقظ الأب بتثاقل ويحاول التهرب من مشواره السنوي المار بمنازل نساء أسرته، ليرى اطفاله متحلقين بفرحة مكسورة. فثيابهم من العيد الماضي، حيث أنه لم يتمكن من شراء ملابس هذا العيد.
 
يغادرون على مضض وتودعهم الأم بجسدٍ ملول وفي قلبها دعوات بألا يأتي أحدٌ هذا العام، لأنها غير مستعدة لاستقبالهم.
 
كما أن لهم العديد من الأطفال وهي لا تملك مالاً كافياً لمنح العيدية للجميع.
 
يصل ضيوفها المتثاقلون وقد قرروا تقليص عيديتها هذه المرة لأن الظروف المادية لا تسمح، فيما تلاحظ هي أن ضيوفها هذا العام قد تناقصوا عن العام السابق بشكلٍ ملفت.
 
وفي نهاية اليوم، تعود الأسر إلى منازلها وتتحلق حول الغداء الذي قلت أصنافه وخلا هذه المرة من اللحمة لشحة المدخول المادي. ويا لحظ ذلك الذي تمكن من شراء نصف كيلو ليفرح به أسرته أو حصل على نصيبٍ من أضحية جاره واسع الثراء.
 
وهكذا تحولت أعيادنا من مشاريع فرحة إلى مناسباتٍ للهم والقلق والترقب المشؤوم.
 
وفي ظل استمرار الحرب والأزمة طاحنة لا عجب إن تراجعت فرحتنا أكثر.