التضليل المعلوماتي .. ونتائجه السلبية على الأنظمة والمجتمعات العربية ..!!

08:18 2023/06/13

من المعلوم لدى الجميع ، بأن أهم خلل يرافق مسيرة الأنظمة العربية باختلاف توجهاتها ، يكمن في الإعتماد على تقارير الأجهزة الاستخباراتية التابعة لها ، والتي عادةً ما تعتمد التضليل المعلوماتي والاستخباراتي ، من خلال إبراز وتضخيم الجوانب الإيجابية فقط ، وإهمال الجوانب السلبية ، وكان ولا يزال شعار تلك الأجهزة هو ( كل شيء تمام يا فندم ) . لتصحى قيادات الأنظمة العربية ، على واقع لا يتطابق مع تلك التقارير الاستخباراتية والمعلوماتية ، واقع به العديد من السلبيات ، والأخطاء ، والتجاوزات ، والتي كان بالإمكان إصلاحها وتصحيحها وتعديل مسارها بأقل تكلفة ممكنة لو كانت التقارير الاستخباراتية المرفوعة إليها صحيحة وغير مضللة وكاذبة ، ومغايرة للحقيقة وللواقع ..!! 
 
وكذلك الحال بالنسبة للجماهير العربية ، فقد وقعوا أيضاً ضحية التضليل الإعلامي والمعلوماتي ، الصادر من وسائل الإعلام والقنوات المعارضة والتي عادةً ما تكون موجهة من اجهزة مخابرات خارجية ، والتي صورت للجمهور العربي بأن الانقلاب على الأنظمة العربية ، هو الطريق نحو الجنة الموعودة والمستقبل الزاهر ، ولم تألوا جهدا تلك القنوات والوسائل الاعلامية المعارضة والموجهة ( الجزيرة إنموذجاً ) ، في تشويه صورة الأنظمة العربية ' عن طريق تضخيم وتهويل الجوانب السلبية فقط ، ليقع العديد من أفراد الجماهير العربية المغرر بهم ( غير المتحزبين وغير المؤدلجين فكريا ) بدون وعي كامل ، خلف ذلك التضليل الإعلامي المعارض والهدام ..!!  
 
وما يحدث اليوم في العديد من الدول العربية ، من الصراعات والحروب والعنف والمآسي والكوارث ، هو نتيجة للتضليل المعلوماتي على كل الأصعدة ، ومن هنا تكمن أهمية التقارير والبيانات والمعلومات سواء الاستخباراتية أو الإعلامية ، كون صحة تلك التقارير والمعلومات ، يقود نحو الإيجابية على كل الأصعدة ، وعدم صحة ذلك يقود نحو السلبية على كل الأصعدة . وكم هو مؤسف أن تستمر الأجهزة الاستخباراتية والمعلوماتية الحكومية في تضليلها الاستخباراتي والمعلوماتي ، على الأنظمة الجديدة في بعض الدول العربية ، فرغم الرفض والسخط الشعبي لسياسات هذه الانظمة ، ورغم السلبيات المهولة لهذه الانظمة ، ورغم فشلها الذريع على كل الأصعدة ، ورغم معاناة الشعوب الشديدة من سياسات هذه الانظمة ، ورغم الممارسات القمعية والتسلطية لهذه الأنظمة ، إلا أن التقارير الاستخباراتية والمعلوماتية الصاعدة إليها ، لا تزال تدار بنفس العقليات الاستخباراتية السابقة ( كل شيء تمام يا فندم ) ، ما يجعل قياداتها يظنون أنهم على الصراط المستقيم ، وأنهم فلتت زمانهم في الحكم والسلطة ، وأنهم قيادة لم يجود الزمان بمثلها من قبل ولن يجود بمثلها من بعد ، ليعيشوا في أبراجهم العاجية العالية غرور السلطة ، وهم لا يدركون الرفض الشعبي الغير مسبوق لهم ولسياساتهم القمعية والتسلطية الغير مسبوقة ..!! 
 
وهكذا ...... 
في ظل الخواء الفكري والثقافي للعقل العربي ، على كل الأصعدة ، فإن الساحة العربية ، على كل مستوياتها ، ستظل بيئة خصبة ، للتضليل المعلوماتي بكل أشكاله وأنواعه ، سواء التضليل الاستخباراتي والمعلوماتي الحكومي ، أو التضليل والتزييف الإعلامي المعارض ، وستظل الساحة العربية نتيجة ذلك التضليل ، ساحة مفتوحة للعنف ، والفوضى ، والصراع ، وستظل ساحة سهلة الإختراق أمام المشاريع الخارجية ' ويظل التحصين الفكري والثقافي والتوعوي ، هو أفضل وسيلة لمواجهة ذلك التضليل ' من خلال المزيد من العلم ، والمزيد من المعرفة ، والمزيد من الثقافة ، والمزيد من الاهتمام بالبحوث والدراسات العلمية والفكرية ، وإنشاء أجهزة استخباراتية ومعلوماتية تتمتع بالمصداقية والموضوعية ..!! 
 
فنحن في العالم العربي ، لا تنقصنا الامكانيات ، ولا تنقصنا الثروات ، ولا تنقصنا الموارد البشرية ، ولا الطبيعية ، ولا تنقصنا الجغرافيا ، ولا ينقصنا الموروث الديني والثقافي والتاريخي والحضاري ، ولا تنقصنا القواسم المشتركة ، ما ينقصنا هي العقول الواعية والمثقفة والمفكرة ، ما ينقصنا هو العلم والمعرفة ، ما ينقصنا هو التفكر والتدبر والتأمل ، ما ينقصنا هو الاهتمام بالبحوث والدراسات ، ما ينقصنا هو التحصين الفكري والثقافي والحضاري ، ما ينقصنا هو التقارير الاستخباراتية والمعلوماتية الصادقة والحقيقية ، التي تلامس الواقع ، وتنقله بكل مصداقية وحيادية وموضوعية ، لمواجهة السلبيات قبل استفحالها ، ما ينقصنا هو وسائل وقنوات إعلامية ، تتمتع بالمصداقية والموضوعية ، لمواجهة القنوات المأجورة والمعادية والمضللة ، ما ينقصنا هو النظرة الشاملة للأحداث والمتغيرات من جميع الزوايا والجهات ..!!