الضياع الكبير ............!!

03:34 2023/05/17

أن الحروب والصراعات وفشل وفساد السلطات الحاكمة ، هي من تجعل الأفراد والمجتمعات وحتى الشعوب تعيش حالة من الضياع ، وما يعيشه الشعب اليمني اليوم من الضياع الجماعي ، هو نتيجة الحرب بين الأطراف المتصارعة على السلطة ، ونتيجة التدخلات الخارجية السلبية في الشأن اليمني ، الضياع الكبير في كل شئون حياته ، ضياع حاضره ومستقبله ، ضياع اقتصاده وحقوقه وحرياته ، كل ذلك لإرضاء نزوات وأطماع بعض الأطراف والقوى العاشقة للسلطة والحكم ، وفي سبيل الوصول لها اختارت طريق الحرب والقوة والعنف ، غير مكترثة بالآثار الكارثية التي سوف يتجرعها الشعب لسلوكها ذلك الطريق الشائك والمدمر ..!! 
 
وليدفع الشعب اليمني الفاتورة الباهضة لحرب ليست حربه ، ومعركه ليست معركته ، حرب أجبر واكره على خوضها وهو في غنى عنها ، حرب تدور رحاها فوق رؤوس أبنائه ، الذين لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، سوى أن قوى واطراف محلية رفضت السلوك الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة والاحتكام لصناديق الانتخابات ، وأختارت طريق الفوضى والعنف والقوة ، وقبلت على نفسها بالتبعية للخارج ، لتجعل من الأرض اليمنية ميداناً لتصفية حسابات إقليمية ودولية ، ليترتب على كل ذلك حالة من الضياع والمعاناة يعيشها الشعب اليمني ، ضياع فرضته الحرب المستمرة للعام الثامن على التوالي ، ضياع فرضه فقدان السيادة والكرامة والقرار اليمني ، ضياع فرضته التبعية والولاء لقوى خارجية ، ضياع فرضته السياسات الاقتصادية والمالية والتعليمية الفاشلة والفاسدة لأطراف الصراع ، ضياع يعيشه كل مواطن يمني في كل مجالات الحياة ، ضياع يعيشه وهو يتجرع صنوف المعاناة والمآسي بمباركة ورعاية السلطات الحاكمة ، التي أباحت حقوق وأموال وممتلكات المواطن اليمني لكل ناهب وفاسد ..!! 
 
فلم يعد يعرف ماذا يواجه وماذا يتحمل هل يتحمل نتائج الحرب الكارثية التي حولت حياته إلى معاناة ومآسي ، أم يتحمل تعسف وجور الجهات الحكومية ، التي تتفنن في صناعة المزيد من الجبايات والقيود والقوانين التي تثقل كاهله وتزيد من معاناته ، وكأن كل شيء قد أصبح يعمل ضد هذا المواطن البائس ، ولم يعد هناك من يقف في صفه ويعمل على مواساته ويقدر ظروفه وأحواله ، لقد أصبح يقف وحيداً في مواجهة آثار ونتائج الحرب ، وفي مواجهة فساد وفشل وعنجهية وتعسف السلطات الحاكمة ، في ظل وقوف المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية والأمم المتحدة موقف المتفرج ، من الطبيعي بعد كل ذلك أن يشعر المواطن اليمني بالضياع واليأس ، وهو يشاهد كل أبواب الأمل وهي موصدة امامه ، وهو لا يرى اي ضوء في نهاية النفق المظلم الذي يعيش فيه منذ فترة ليست بالقصيرة ، وهو يشاهد كل مبادرات ومساعي السلام وهي تنهار ، نتيجة تعنت الأطراف المتصارعة ، التي لم يعد يعنيها لا من قريب ولا من بعيد أحوال وظروف ومعاناة الشعب اليمني ، في ظل إزدهار ونمو أحوال القائمين على تلك الأطراف والمستفيدين منها ..!!