يحيى العرشي.. الشخصية الملهمة والمناضل الكبير

08:29 2023/05/16

يعد الأستاذ يحيى العرشي واحداً من أهم الشخصيات الوطنية المبدعة والمخضرمة التي حفرت اسمها على جدار المجد، والتصق تاريخها بالوحدة اليمنية التي شكلت حالة استثنائية وقيمة تاريخية وإنسانية، كواحدة من المنجزات الخالدة والعظيمة التي جاءت امتداداً لمبادئ الثورة اليمنية التي سعى الآباء والأجداد من الرعيل الأول من المناضلين والثوار إلى إنجازها، وقد تم تحقيقها في الـ22 من مايو 1990، بعد مسيرة حافلة بالحوار بين جيل آمن بالوحدة وناضل من أجلها ومازال يتمسك بها ويطالب بتصحيح مسارها.
 
إنه واحد من أكثر المخلصين الأوفياء لوطنهم، الأستاذ القدير والمناضل الوحدوي والدبلوماسي الهادئ يحيى العرشي، عضو مجلس الشورى، الذي تقلد مناصب عدة في الدولة، أبرزها وزارتي الإعلام والثقافة، واللتين ترك فيهما أثراً طيباً وخالداً، ناهيك عن تقلده منصب وزير الخدمة المدنية.
 
كما عمل سفيراً لبلادنا في أكثر من بلد، منها تونس الحبيبة وقطر والمغرب، كما كان ولازال أنموذجاً لرجل الدولة النزيه، فقد أسس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وغيرها من المناصب التي كانت تكبر به وتتحول إلى نموذج متميز.
 
شخصية هادئة امتازت بالرصانة والحصافة، دمث الخلق وفي نفس الوقت جاد وحازم، لا يهادن في المسؤولية، نموذج في السلوك الإداري، مليء بالإنسانية وخاصة في المواقف الكبيرة. وهنا أستطيع أن أصفه بكل ثقة بأنه يحيى الكبير ورجل الموقف.
 
هو وطني من طراز رفيع، لا يهاب الصعاب في آرائه وقناعاته وتوجهاته. أما على الصعيد الشخصي فيجد من يخالطه تهذيب الدبلوماسي المحنك، لطيف المعشر لا تفارق محياه ابتسامة ساحرة، يصطف إلى خانة الثقافة والأدب والإبداع، ويجالس المثقفين والأدباء والمبدعين.
 
يحيى قريب جداً من شريحة الشباب، اكتسب خبرات ومهارات  مكنته من مراكمة الإنجازات في كل  المواقع التي شغلها، فترك بصمات ناصعة وطبع أصابع بيضاء من العطاء والتفاني بكل أمانة ومسؤولية.
 
ولعل أكثر مكان ارتبط باسمه وشخصه وفكره وعلاقاته وحتى قراراته وإنجازاته، ومن خلاله عرفه الناس من مختلف الشرائح والأطياف والأجيال أيضاً، هو توليه منصب وزير الإعلام في لحظة من اللحظات وفترة تاريخية صنعت فارقاً في تحديث الوزارة وإقامة علاقات واسعة وابتكار مواضيع وأفكار جعلت منه في الصدارة حتى هذه الساعة.
 
لا يذكر اسم الأستاذ يحيى العرشي إلا وتذكر معه النزاهه والكفاءة والقدرة على بعث الجديد، والعلاقة الطيبة، والقرارات الصائبة والفاعلة، والتفاني في العمل والابتكار والتغيير  والالتزام بالقوانين. وربما هذا يعود إلى البيئة الأسرية التي جاء منها يحيى والمحيط الذي عاشه، فاكتسب الكثير من الصفات الحميدة إلى جانب الفطرة السليمة والسيرة الطيبة.
 
وقد جاء اختياره من قبل القيادة السياسية وزيراً لشؤون الوحدة بمثابة تقدير له، حيث وضع الشخص المناسب لهذه المهمة العظيمة في المكان والزمان المناسبين، وهو الذي عاش حدث الوحدة بكل تفاصيله وأحداثه وحواراته وحتى أفراحه وبشائره.
 
وقد تمكن بصفاته المعروفة، التي يتحلى بها، من نسج أواصر من المحبة والثقة مع نظيره طيب الذكر الأستاذ راشد ثابت حتى كوّنا ثنائياً رائعاً للعمل الوحدوي.  
 
الأستاذ يحيى العرشي فارس من فرسان الوحدة والوطن الكبير، جبلت نفسه على التواضع الجم والرقي الإنساني في التعامل مع كل من عرفه، سواء كان ذلك في محيط عمله أو مع جيرانه وأصدقائه.
 
عندما تجلس معه، لا تمل من حديثه الشيق والممتع، والذي يشعرك بأنك أمام قامة وطنية رفيعة ارتبطت بمسيرة وطن من أروع البلدان اسمه اليمن.
 
ما سطرته هنا ليس سوى كلمات بسيطة وقليلة عن سيرة لطالما كانت ملهمة للعديد من الشباب والأدباء والمثقفين، بشهادة كثير من أبناء جيله وممن أتوا بعده وشهدوا الكثير من إنجازاته، وهي رحلة ثرية من النجاح والأدوار التي لعبها في مختلف وأدق المراحل. وهذا مجرد تعبير عابر عن الوفاء والاعتزاز لشخصية وطنية نُسجت من قماشة اليمن وتاريخه المجيد، ولكن وكما قال الشاعر العربي: 
إن بعضاً من الوفاء ثناءُ