الحروب واستنزاف ثروات الشعوب

11:30 2023/05/14

بدايةً، الحرب ليست نزهة ولا رحلة، بل إنها هي التي تجلب الخراب والدمار للأوطان والآلام والأحزان والمآسي للشعوب عبر الأزمان، وهي سلوك عدواني تسلطي وحشي منافي للطبيعة البشرية السوية يلجأ لها أصحاب النزعات الإجرامية وأصحاب الأهواء والأطماع لإشباع نزواتهم وغرائزهم التسلطية، فلا دين يردعهم ولا أعراف ولا إنسانية في سبيل ذلك، خصوصاً عندما يمتلك هذا النوع من البشر فائضاً من القوة ومن المال، تراهم وهم يسرفون في الغطرسة والجبروت على الضعفاء والمساكين سواء كانوا أفراداً او شعوب، ويشرعون في تجميع أعواناً لهم من الأشرار والمجرمين ليكونوا ادوات قذرة يبطشون وينكلون بها كل من يعارضهم او يقف امام تصرفاتهم العدوانية ونزواتهم السلطانية وأمام سياساتهم الشيطانية التي تبرر لهم العنف والقتل والاستبداد والظلم. 
 
نعم إن هذا النوع من الناس على هيئة بشر لكن أفكارهم وأعمالهم وتصرفاتهم وغرائزهم حيوانية ووحشية، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، فقد يستغلون الدين استغلالاً سلبياً منافياً لحقيقته وجوهره ومقاصده في سبيل تحقيق غاياتهم وأطماعهم، فلا شيء يمكن ان يمنعهم من التسلط على الآخرين وقمعهم ونهب ممتلكاتهم ومصادرة حقوقهم وحرياتهم غير القوة والردع والسلاح، فهي الأدوات القادرة على ردعهم وزجرهم. فهم لا يؤمنون إلا بالقوة كأداة لإدارة شئون حياتهم. لذلك تراهم لا يترددون في استخدامها في كل وقت، وتراهم لا يترددون في إعلان الحروب والعداء ضد الآخرين، وثقافة العنف والقتل هي ثقافتهم التي يتفاخرون بها في كل زمان، ولا يوجد في أجنداتهم مفاهيم كالتسامح أو السلام او التعايش السلمي. فهذه المفاهيم بالنسبة لهم مرفوضة وغير مقبولة. فهي سلوك مشين يقود للخضوع والذل بالنسبة لهم. 
 
وهكذا نوع من البشر لا يهمهم النتائج الكارثية والسلبية لحروبهم التي يخوضونها سواء على شعوبهم او على الشعوب الأخرى، بالعكس تراهم وهم يستمتعون بمعاناة وألآم الأخرين، وهذا الفصيل من البشر هم بحق أدوات الشيطان الشريرة التي يستخدمها لسفك الدماء وإفساد الأرض وإهلاك الحرث والنسل، كيف لا وهم يدفعون بالشعوب إلى الموت والهلاك، ويهدرون قدراتها وإمكانياتها وطاقاتها في حروبهم وصراعاتهم، ويجعلون أعزة أهلها أذلة ويسومونهم سوء العذاب ويخرجون الناس من ديارهم مشردين في الفيافي والقفار بلا مأوى ولا غذاء. 
 
كل ذلك وغيره كثير، يؤكد بأن الحرب ليست خيراً بل هي الشر المستطير، فبماذا يفاخر دعاة الحروب وزبانيتها وتجارها وأمراؤها؟! يفاخرون بسفك الدماء وإزهاق الأنفس وإفساد كل شيء جميل في هذه الحياة؟! بماذا يفاخر أعداء الخير والتسامح والسلام والإنسانية؟! يفاخرون بشرورهم وجرائمهم وطغيانهم وبغيهم وظلمهم؟! هكذا تتبدل الموازين وتتغير المفاهيم وتصبح الكلمة العليا لدعاة الشر والحروب والفتن والكراهية. لذلك لا عجب إن شاهدنا الشعوب البشرية خلال تاريخها الطويل وحتى اليوم وهي تعاني الفقر والحاجة والتشرد والضياع، طالما وهناك من يعبث بمواردها ويهدر طاقاتها ويستنزف ثرواتها في سبيل إشباع نزواته الشريرة ونزعاته العدوانية وحروبه وصراعاته وأطماعه التسلطية.