Image

في ظل غيب المجتمع الدولي وبروز مصالح رعاة الدمار.. مؤامرة تحاك في صنعاء للإجهاز على ما تبقى من اليمنيين

ـ مساعي "سلام غير دائم" مبنية على جماجم الاطفال والنساء
 
أكد مراقبون محليون لمسار السلام والتهدئة في اليمن، وجود خلافات أمريكية – صينية، حول خارطة الطريق المقترحة لحل الأزمة اليمنية، مشيرة إلى دخول وسطاء دوليين جدد في الأزمة بعد فشل التدخل الدولي في فرض حلول ناجعة تقود إلى وقف الحرب وبناء سلام عادل في البلاد.
 
ووفقا للمراقبين، فإن قواعد اللعبة الدولية بدات بالتغيير بعد الحرب الروسية – الاوكرانية، وبرزت مراكز قوى جديدة إلى جانب المعسكرين الشرق والغربي، ومنها الصين التي تشكل حلفا قويا مع روسيا ضد المحور الغربي، الأمر الذي جعل دول عدة ملت سياسة الفوضى التي تنتهجها الإدارة الامريكية الحالية عبر أذرع الارهاب في المنطقة، ولجأت إلى المحور الجديد.
 
وأشارت إلى ان الصين ومن خلفها روسيا، نجحت إلى حدا كبيرا في التدخل بالملف اليمني، وفرض رؤية جديدة للحل تقوم على ازاحة امريكا ومن خلفها اوروبا، عبر فرض قواعد لعبة جديدة لبناء تفاهمات وعلاقات جديدة بين دول العداء الدائم في المنطقة.
 
وأكدت المصادر، بأن رعاية الصين وروسيا للاتفاق الايراني – السعودي، فتح ابواب وآفاق جديدة لفرض حلول لأزمات المنطقة ومنها اليمن، ولو على حساب الشعوب المضطهدة، كما يجري الاعداد له في اليمن من قبل المتحاربين "طهران والرياض"، فيما تسعى الدبلوماسية الغربية والامريكية إلى الابقاء على تواجدها كلاعب رئيسي في قضايا المنطقة، وبدأت بالشروع إلى اشعال الحرب في السودان كرد على التحرك الصيني – الروسي عبر ايران والسعودية في اليمن وسورية.
 
فشل ذريع
 
الخلافات الجديدة بين الأطراف الدولية، وخلط الأوراق من خلال اعادة تشكيل المصالح والولايات المتحدة المبنية على عنصر "الطاقة" في الخليج، أفشلت جميع الجهود الدولية التي ساندت تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غرونبيرغ، بشأن التوصل إلى حرب وفقا للمرجعات المتفق عليها، وبما يحفظ حقوق اليمنيين الغلابة.
 
وأكدت مصادر محلية في صنعاء، وجود تحركات للأطراف الاقليمية المشاركة في تدمير اليمن، لفرض سلام على اليمنيين يخدم أهدافها ومصالحها برعاية الأمم المتحدة، يقوم على تقاسم النفوذ والثروة، ضاربة بعرض الحائط المرجعيات الثلاث التي تتشدق بها الحكومة اليمنية الحالية، كمدخل وحيد للوصول إلى تهدئة وسلام دائم في البلاد.
 
ومع التحركات الأخيرة لرعاة الدمار والحرب ومموليها في اليمن، بين "صنعاء ومسقط وطهران والرياض"، أعُلن بشكل صريح وفاة وفشل الجهود الدولية التي تتسيده الولايات المتحدة ومن ورائها الأمم المتحدة، فيما يتعلق باليمن، بدء ذلك جلي من خلال تصريحات قيادات ميليشيات الحوثي الاخيرة بأن المتسبب في تعطل جهود السلام والتسبب بالحرب والدمار في اليمن "امريكا وبريطانيا"، وهو ادعاء كاذب، حيث تربط جماعة الحوثي الارهابية علاقات سرية وطيدة مع الدولتين.
 
وأكدت المصادر، بأن زيارة السفير السعودي محمد آل جابر إلى صنعاء، لم تكن بخصوص الأسرى، او مناقشة التفاهمات التي طرحت في مشاورات سلطنة عمان خلال الأشهر الماضية، بل كانت أعمق وأكثر من ذلك بكثير، فتح ابواب مغلقة بين السعودية والحوثيين مباشرة بعيدا عن الشرعية والاطراف اليمنية الأخرى.
 
وافادت، بان الزيارة جاءت بالتنسيق مع الحوثيين، للوصول إلى تفاهمات لتنفيذ شروط ذراع ايران في اليمن، والمتمثلة بالانسحاب الكامل لقوات التحالف من اليمن، ورفع الحصار، واعادة توحيد العملة واعادة البنك إلى صنعاء، والتي بدات لجان فنية فعليا بتنفيذها خاصة فيما يتعلق بالعملة والبنك، وصرف المرتبات.
 
ـ الاطراف اليمنية " شاهد ما شافش حاجة" حفاظا لمكاسبها 
 
ووفقا للمصادر، فإنه يجري حاليا اعادة ترتيب القوى اليمنية من خلال اعادة تمثيلها في المفاوضات الشكلية التي ستجري قريبا، وفقا لحجم تلك القوى والمساحة الجغرافية التي تسيطر عليها، والكثافة السكانية الواقعة تحت سيطرتها، ما يجعل الحوثيين في مقدمة تلك القوى في التمثل والاستحواذ على المكاسب المادية والسياسية والعسكرية، في حين سيجد ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي نفسه خارج اللعبة إلى جانب عدد من القوى اليمنية الفاعلة على الأرض.
 
تهميش للوسطاء الدوليين
وعمدت السعودية وايران عبر المباحثات المباشرة بين الوفد السعودي والحوثيين، إلى تهميش المجتمع الدولي وجعله ساعي بريد لايصال رسائل التصالح، ورعاية اجراءات تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين، كما حصل في اتفاق تبادل الاسرى الأخير وعملية اطلاق سراح اللواء فيصل رجب، حيث كان دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فيه " الرعاية" والاشراف والتنسيق لاتمام الصفقة.
 
وكانت مصادر خليجية واخرى ايرانية ، أكدت وجود خارطة طريق لحل الأزمة اليمنية، تبدأ بتفاهمات عمان وزيارة الوفد السعودي إلى صنعاء، وتنتهي بإحدى المدن السعودية لإعلان الاتفاق النهائي مع الحوثيين بحضور ايراني، ورعاية أممية ودولية.
 
كما اقتصر الدور الدولي والاممي على رعاية تنفيذ بنود الملف الانساني التي تم التفاهم حولها في مفاوضات ومشاورات سابقة جرت في المملكة الاردنية، وسلطنة عمان وسويسرا، فيما تركت القضايا الحاسمة التي تهم كل يمني مثل الملفات "العسكرية والسياسية والامنية والثقافية والاسلحة"، مغلقة وفقا للرؤية ورغبة الحوثيين والايرانية.
 
حقيقة اللعبة
ومن خلال التتبع لمسارات الاتفاقيات والعهود التي تم توقيعها سابقا بين الميليشيات الحوثية والسلطات اليمنية منذ العام 2004، يتم التأكيد بان الحوثيين كما هو الحال بالنسبة لقياداتهم في طهران، يتخذون من عمليات المفاوضات حول أي ملفات، محطات للحصول على مكاسب تحقق تطلعات وأهداف الجماعة ذات الطابع الارهابي السلالي.
 
ومع سعي السعودية لمد يد الحوار والتفاوض المباشر مع الحوثيين، بعيدا عن المكونات اليمنية السياسية والاجتماعية والقبلية والعسكرية، تكون قد سلمت "قرارها ومصيرها" لجماعة لا تعرف سوى لغة السلاح والدمار لتحقيق أهدافها، نظرا لغياب أي رؤية او استراتيجية او ثقافة تبني مجتمعات وتنهض بها، عبر اقرار مشاريع استراتيجية في شتى المجالات.
 
وتوقعت مصادر يمنية متعددة، بأن تقوم الميليشيات الحوثية بالتنصل عن أي اتفاق قد يتم اعلانه مع السعودية، في حال لم يحقق تطلعات عناصرها في "المكاسب المالية والسطوة والسلاح"، واستباحة الحقوق وانتهاك الاعراض، ومصادرة الاراضي ونهب الممتلكات.
 
كما انها "السعودية" ستجد نفسها في مواجهة الشعب اليمني بكاملة، في حال تحالف مع الحوثيين على حساب مصالحه وحقوقه المنهوبة والمسلوبة منذ تسع سنوات، وعلى راسها حقه في استعادة دولته وحياته الكريمة ذات المقومات الاقتصادية والعلمية والدينية والانسانية والاجتماعية وغيرها من الحقوق المكتسبة ذات القيمة والطابع اليمني البعيد عن الفكر الفارسي الارهابي.
 
 كما أكدت المصادر، بأن الميليشيات تعد العدة لبدء مرحلة جديدة من المراوغة واللعب على مصالح الدول، بعد الاتفاق مع المرتقب مع السعودية، والانتقال من اللعب على مصالح المواطن اليمني البسيط، إلى اللعب العابر للحدود، وسيكون ذلك مع أول خلاف بين الرياض وطهران، او التصالح بين القوى الدولية.
 
غياب المواقف
وفيما تستمر اللعبة الايرانية – السعودية في تنفيذ مخطط تقسيم اليمن وفقا لخارطة السلام المقترحة من قبل طهران والسعودية، يغيب عن المشهد بشكل لافت ومثير للتساؤلات مواقف الاطراف اليمنية الفاعلة على الارض، ومنها مجلس قيادة الرئاسي المشكل سعوديا.
 
وما يزد من حيرة اليمنيين، ان الحديث عن السلام يتم من قبل اطراف تسببت في دمار البلاد وقتل آلاف اليمنيين، فيما الأطراف المتشدقة على مدى السنوات الماضية، بتنفيذ مصالح واستعادة حقوق اليمنيين، لم يسمع لها "صوت" حتى وان مخالف لتطلعات اليمنيين بالخلاص من المحتل الايراني المفروض على صنعاء ومدن اخرى منذ سنوات.
 
كما ظلت المواقف العسكرية التي كانت تنادي بأن صنعاء هي الهدف واستعادة الجمهورية والحافظ على المكاسب الوطنية، في حالة "صمت" غريب، يجعل الشارع اليمني يتطلع لقوى سياسية أخرى للوقوف خلفها من اجل استعادة حقوقه وحريته المسلوبة والمنهوبة والمصادرة من قبل ميليشيات الحوثي الارهابية.
 
سلام تحت التهديد
ومع استمرار "غياب" الأطراف اليمنية التي شاركت في تشكيل الوضع الراهن في البلاد، مما يتم رسمه من سلام يخدم الجماعات الارهابية المسلحة، يظل الحديث الدولي عن احلال السلام في اليمن كحل للأزمة اليمنية، والسكوت والتغاضي عما تمارس عناصر الحوثي الارهابية من انتهاكات وجرائم بحق اليمنيين بشكل شبه يومي.
 
وباستعراض مواقف الجهات الدولية والمكونات اليمنية المشكوك في ولائها لليمن واليمنيين، وحديثها وتصريحاتها عن السلام كهدف رئيسي يسعيان إليه، لم يعد هناك جهات دولية ترفع شعار "وقف الانتهاكات بحق اليمنيين"، لأنها تتصارع بتدخلات خارجية تحكم إيقاع هذا الصراع وفقاً لمصالحها. 
 
فالمتتبع لمواقف الحوثيين، فإنها جماعة تعبر عن مواقفها البعيدة كل البعد عن مفهوم السلام العادل، بكل صراحة ومع ذلك يزداد انجراف الاطراف الاقليمية والدولية نحو تحقيق مطالب الجماعة على حساب حقوق 30 مليون يمني تم مصادرتها من قبلها.
فالميليشيات تواصل التلويح باستخدام السلاح والقوة لتحقيق مطالبها حتى وان كانت في حالة " هوان"، ومع ذلك يتم الانصياع لتلك التهديد، وفرض مزيد من الشروط التي تشرعن بقائها في السلطة، وأنها الطرف اليمني الوحيد الموكل إليه الحديث عن اليمن وأهله وسيادته. 
 
خلافات التحالف
ومن خلال العودة إلى تصريحات مسؤولين في دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية، خلال الفترة الماضية، نكتشف وجود خلافات في اطار مكون التحالف، فيما يتعلق بالحل، حيث ترى اطراف يمنية منضوية ومدعومة من التحالف، بأن الخيار العسكري هو الانسب لاجبار الميليشيات لتلبية مطالب السلام العادل الذي يحقق لليمنيين تطلعاتهم، يرى مسؤولين خليجيين وسعوديين بالذات، بأن الازمة اليمنية لن تُحل إلا من خلال تسوية سياسية، وأن هذا يجب أن يكون محور التركيز.
وترجمت تلك الخلافات، بالإفصاح عن وجود محادثات أو تفاهمات سعودية حوثية "سرية"، أملاً في استمرار وقف إطلاق النار ووضع مسار تفاوضي لإنهاء الحرب في اليمن؛ وان سلطنة عُمان تمثل وسيطاً يلتقيه الجانبان السعودي والحوثي، وهو ما تم الكشف عنه علانا أواخر شهر رمضان المبارك.
 
ومن خلال تلك المحادثات السرية التي تحولت إلى علنية بين الحوثيين والسعوديين، تسعى الجماعة الارهابية المدعومة ايرانيا، لتحقيق سلام يتم من خلاله تثبيت سلطتها ، وذلك بالتركيز على تحقيق مطالبهم بفتح الموانئ والمطارات، وهو ما يعني اعترافاً رسمياً بهم كسلطة أمر واقع، وتمكينها من صرف مرتبات الموظفين بعد تحقيق مطالبها بالغاء العملة الجديدة التي يتم تداولها في المناطق المحررة.
 
وخلال اليومين الماضيين، أكدت الميليشيات الحوثية للوسطاء العمانيين بانها لن تتنازل بسهولة عن مشروعها ذي الصلة بـ "ولاية الفقيه"، ولن تنصاع لسلام يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات، وهذا ما هو مُعلن في فكرها وممارستها على الواقع المعاش.
 
وما يتخوف منه اليمنيين، ان يتم فرض سلام وفقا للرؤية الحوثية بالقوة على الاطراف اليمنية الأخرى، التي يبدوا انها رضخت لعقيدتها الغير معلنة المبنية على الحفاظ على مصالحها المالية والمكتسبات التي حققتها خلال فترة سيطرتها الممتدة منذ انقلاب الحوثيين وحتى اليوم.
 
اخيرا.. يظل نهج الميليشيات الحوثية المتمرد والمتنصل عن أي اتفاقات او عهود، هو الضامن الوحيد ، بالعودة إلى مسار تحقيق تطلعات اليمنيين من خلال مسار "الحرب لتحقيق السلام"، فضلا عن وجود مكونات سياسية يمنية تراقب الوضع الراهن عن كثب، وهي لن تقبل التنازلات التي تقدِمها الاطراف الحالية لصالح الحوثيين، وستقوم بالسعي لتحقيق مصالح الشعب بشتى الطرق، فجيع الخيارات امامها مفتوحة وبدعم ومساندة من جميع اليمنيين.