لا يصلح من دمر اليمن لتعميرها

05:19 2023/04/27

قرأت في صحيفة أجنبية حكاية تتناول الفرق بين التدمير والتعمير؛ حيث يحكى أن سلطانا طلب أن يؤتى إليه بمهندس موثوق بعمله وأمانته، فجيء له بالمهندس، فطلب منه هدم إحدى السرايا القديمة وإنشاء سرايا جديدة مكانها، ووضع تحت تصرفه كل الإمكانيات من مساعدين وعمال، إضافة إلى كل ما يحتاج من الأمور المادية لإتمام عمله.
 
كان السلطان يتابع عمل المهندس خطوة بخطوة، وأثار انتباهه قيام المهندس بعمل غريب، ومرت الأيام وأنهى المهندس عمله بنجاح، فاستدعاه السلطان وقال له: كنت أتابع عملك ووجدتك قد قمت بعمل غير مألوف. 
 
فاستغرب المهندس وقال: ما هو هذا العمل يا سيدي؟
 
فقال السلطان: عندما كنت تهدم السرايا القديمة استخدمت عمالا، وعندما بدأت ببناء السرايا الجديدة استبدلتهم بعمال آخرين، فلماذا فعلت ذلك؟
 
أجابة المهندس: عمال الهدم والتدمير ليسوا كعمال الإنشاء والتعمير، فمن يصلح للتدمير لا يصلح للتعمير.
 
فلا يجوز أن يتولى الذين دمروا البلاد مهمة إعادة إعمارها، لأن من يصلح للتدمير لا يصلح للتعمير.
 
لذا فإن من عمل على إسقاط النظام واستبدله بالفوضى وشرد الشعب ورفع معاول الهدم واستخدمها للنيل من الاقتصاد والمنجزات والتنمية والنسيج الاجتماعي ودمر الوزارات والمؤسسات، وأنشأ عوضا عنها مليشيات وجماعات طائفية وسلالية وعنصرية، لا يمكن أن يبني وطنا وينشئ جيشا وطنيا قوي ويحقق أمن واستقرار ووحدة اليمن.
 
لا يمكن أن يعمر اليمن من استدعى الحرب أو من حارب من أجل الحفاظ على مصالح دول اقليمية أو من عمل لانتشار أفكار سلالية طائفية عنصرية، ومن عمل لتجويع الشعب ونهب مدخراتهم وفرض الجبايات، واستغل كل شيء ليمارس كل ما هو محرم، أن يكون حريصا على السلام والإسلام واليمن.
 
فكما أن هناك أشخاصا للتدمير والحرب وإزهاق الأرواح والممتلكات وإراقة الدماء، فإن للبناء والسلام رجالا ومتطلبات لا يمكن أن تكون في أصحاب مهارات الهدم والقتل والتدمير.