صناعة الفوضى في الدول العربيه ..!!

12:06 2023/04/24

بعد أن نالت الدول العربية استقلالها من الاستعمار الخارجي في خمسينات وستينات القرن الماضي ، وبعد أن بدأت تشق طريقها نحو الحداثة والنهضة والتنمية في شتى مجالات الحياة بنسب متفاوتة بين المقبول والجيد ، وبعد أن هيمنت الاحزاب القومية العربية على المشهد وعملت على تقوية العلاقات العربية العربية استجابة لمتطلبات المشروع القومي العربي ولمواجهة التحديات المحيطة بالعالم العربي والمهددة للأمن القومي العربي ،  وبعد أن حققت خطوات جيدة في القضاء على الدعوات الطائفية والمذهبية وحققت نجاحات كبيرة في ضبط الأمن والاستقرار الداخلي ، لم يكن أمام القوى الاقليمية والدولية ذات المشاريع التوسعية والاستعمارية من سبيل سوى. التفكير في صناعة الفوضى في الدول العربية.، الفوضى الكفيلة بإضعافها وتمزيقها وتدمير مقدرات وتخريب انجازاتها وتفريقها وتشتيتها وإشغالها بشأنها الداخلي وابعادها عن محيطها العربي بصورة أو بأخرى ..!! 
وصناعة الفوضى ليست بالأمر السهل بل إنها مهمة صعبة ونحتاج للكثير من الخبرة والبحث عن نقاط الضعف داخل بنية المجتمع العربي ، بل إن صناعة الفوضى فن قاثم بذاته في عالم السياسة ، وأجهزة المخابرات هي المعنية بهذا العمل وهي من تقوم بوضع الخطط الكفيلة بنجاحها في.صناعة الفوضى في الدول المستهدفة ، وعندما إدرك المعنيون في هذه الأجهزة والمكلفون بملفات الدول العربية الخطوات الإيجابية والانجازات الملموسة التي حققتها الأنظمة القومية العربية ، والتي تسير بها نحو الاستقلال الكامل والتكامل العربي على المدى المنظور ، لم يكن أمامهم من.خيار سوى العمل على اسقاط تلك الأنظمة ، عن طريق اشعال نار الفتنة.الطائفية والمذهبية ، وتحريك الجماعات المعادية للأنظمة.القومية.العربية ، والمتمثلة بالجماعات الدينية الطائفية والمذهبية ( جماعات الإسلام السياسي ) ..!! 
 
تلك الجماعات التي تمكنت الانظمة القومية العربية من تحييدها وتحجيم دورها ومحاربة أفكارها ودعواتها المعادية للحداثة والتطور ، والمعارضة للمشروع القومي العربي ، والداعية للتطرف والتشدد والارهاب والعنف ، والحاملة لمشاريع عابرة للحدود والموالية لقوى خارجية ، فكانت نكبة الربيع العربي هي المدخل لصناعة الفوضى في الدول العربية ، ولم تتأخر اجهزة المخابرات الخارجية من نقديم.الدعم الإعلامي لجماعات الاسلام السياسي ، وممارسة الضغوط الكبيرة على الانظمة العربية بدواعي انتهاك الحقوق والحريات الانسانية ، ولم تتردد تلك الجماعات من القيام بصناعة الفوضى داخل الدول المستهدفة ، عن طريق الاعتصامات والمظاهرات والاعتداءات على مؤسسات الدولة وأجهزتها والمطالبة.باسقاط الأنظمة ، لأن سقوط النظام هو الوسيلة الناجحة لصناعة الفوضى القادرة على تدمير وتخريب مقدرات ومكاسب الوطن واشعال الفتن الداخلية والحروب الأهلية وتعطيل خطط وبرامج التنمية ..!!  
 
ومن يراجع الاحداث المأساوية التي تعرضت لها بعض الدول العربية.وآخرها السودان ، سوف بدرك على الفور بأن جماعات الإسلام السياسي هي المحرك الرئيسي لكل تلك الأحداث وهي الأداة الفاعلة لصناعة الفوضى هنا وهناك ، وهو ما يؤكد ارتباط فيادات هذه الجماعات بأجهزة المخابرات الخارجية بصورة أو بأخرى ، وقد تكون الأهداف المشتركة هي التي جمعت بين الطرفين ، فالطرفان يعاديان المشروع القومي العربي ، فنجاح هذا المشروع ليس من مصلحة أياً من هذين الطرفين ، لأن نجاحه يقوض اطماع القوى الخارجية في استمرارية السيطرة والهيمنة على المنطقة العربية ، وفي نفس الوقت يقف عائقا أمام مشاريع جماعات الاسلام السياسي العابرة للحدود ( الخلافة والإمامة ) ، لتتفق تلك الأطراف على صناعة الفوضى الكفيلة باسقاط الانظمة القومية العربية والقضاء على المشروع القومي العربي ، وترك الساحة العربية غارقة في الفوضى والعنف المتواصل والمتجدد ..!! 
 
ولا يستبعد بأن أجهزة المخابرات الخارجية تقدم الأمنيات والوعود لقيادات الدول الإقليمية الراعية لتلك الجماعات بالسيطرة على الدول العربية الغارقة في دوامة الفوضى ، وبالفعل لقد حققت بعض تلك القوى الاقليمية نجاحات لم تكن تحلم بها بعد أن أصبحت تتحكم في القرار السياسي لعدد من الدول العربية وهو ما يفتح شهيتها للتحكم في قرار المزيد من الدول العربية ، عبر الفوضى والحروب الداخلية ، والمشاهد للوصع العربي قبل أحداث نكبة الربيع العربي وبعدها ، سوف ينذهل للحالة المأساوية والكارثية والفوضوية التي تعبشها الشعوب العربية التي استهدفتها تلك النكبة ، وسوف يدرك على الفور بأن حالة الفوضى تلك لم تأتي من فراغ بل نتيجة عمل استخباراتي منظم ، تمكن من صناعة الفوضى في العديد من الدول العربية وبأدوات عربية قبلت على نفسها أن تكون أداة لصناعة الفوضى والخراب والدمار في أوطانها ، فمتى تستوعب الشعوب العربية كل ما يدور حولها ، ومتى تدرك خطورة جماعات الاسلام السياسي على وجودها وأمنها ومنجزاتها ومكاسبها وثرواتها ومستقبلها وأجيالها وحياتها ، بعد أن جعلت من نفسها أدوات لصناعة الفوضى ومعاول لتخريب وتدمير مقدرات أوطانها خدمة لمشاريع خارجية توسعية واجهزة مخابرات استعمارية ..!! 
 
 وقبل أن يتهمني أحد بالتحامل على هذه الجماعات عليه أن يقرأ المشهد العربي بحيادية وموضوعية وعندها سوف يشاهد بأن الفوضى في أي مكان في العالم العربي تقف خلفه جماعة من تلك الجماعات ..!!