إيران والتفاوض ليونة وتسويف

12:03 2023/04/08

كأي مراقب ومتابع للتطورات السياسية في المنطقة وخصوصا ما مدى توقعات  انعكاس الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية على ملفات سياسية وأمنيةحساسة  في المنطقة.
 
ان تعزيز السلام والامن الإقليمي في الشرق الأوسط والعالم العربي كان ويبقى هدفا استراتيجيا للسياسة الخارجية السعودية منذ ازيد من نصف قرن بما عرف عنها من ملامح الرزانة والتبصر والبعد عن تغذية النزاعات والميل الى الإستقرار والتنمية.
 
الا ان التعاطي مع المواقف والسياسات الإيرانية ليس أمرا سهلا بل هو عبارة عن خلطة عجيبة من الانتهازية السياسية والتقية والدهاء الفارسي الموروث.
 
حسنا فعلت القيادة السعودية في اختيار التوقيت المناسب لهم في محاولة استكشاف جدية نوايا إيران في التفاهم حول ملفات أمنية وسياسية ولكن المشكلة تكمن لدى الطرف الإيراني الذي يمتاز بخبرة هائلة في المناورات والاعيب والنفس الطويل وانهاك  الطرف المقابل بتفاصيل التفاصيل واعادة بحث نقاط التفاوض مرة تلو الأخرى.
 
يقول د.ناجي الحديثي وزير خارجية العراق الأسبق في مقابلة صحفية منشورة بانهم يجلسون مع الإيرانيين ساعات طويلة من المباحثات حتى تنتهي بالاتفاق على نصف جدول الأعمال وفي اليوم التالي نشرع في مناقشة النصف الثاني من جدول الأعمال حتى نتفاجا بأن المفاوضين الايرانين يطلبون منا إعادة النقاش من جديد حول النقاط التي انتهينا منها.
 
ان السياسات والنوايا الطيبة ليست كفيلة بتحقيق الهدف فالملفات مع إيران معقدة وصعبة اكثر كما يتوقع المرء فهل ستقدم إيران تنازلات في ملف اليمن مثلا ؟
 
بعد ان تحقق للحوثيين اداتهم ومخلبهم على حدود المملكة مكاسب كبيره!! ومقابل ماذا نتصور ان الحوثي يجلس على طاولة الأمم المتحدة ويناقش فترة انتقالية ومسار ديموقراطي؟
 
لبنان والعراق وسوريا وحجم التوغل الإيراني كيف سيتم معالجتها وتحجيمها؟
 
مجرد تساؤلات خصوصا وأننا لم نسمع عن تغير في عقيدة النظام الحاكم في إيران او منهجيته او ممارساته.
 
اتذكر قبيل اندلاع حرب الكويت عام 91 اوفد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين رحمه الله نائبه السيد عزت ابراهيم الى إيران لاستكشاف موقف إيران والتقى الرئيس رفسنجاني الداهية الذي استقبله بالاحضان والبشاشة ليقول له نحن ننتظر هذه اللحظة منذ سنين ان يحل الشيطان الأكبر بجانبنا لننتقم منه وعند اول اطلاقة او صاروخ ضد العراق سنقف معكم في الحرب بقوة ثم خدع العراق لاحقا لتندفع مجاميع الحرس الثوري تهاجم الجيش العراقي المنسحب من الكويت وتنهب وتحرق مؤسسات الدولة في جنوب العراق ثم صادرت لاحقا كل طائراته التي لجات اليها بحسب الاتفاق!!!
 
انا مع فكرة إعادة التمثيل الدبلوماسي حتى مع الأعداء لانه مظهر حضاري وقناة تواصل وكنت انادي بمبدأ ان الحضور افضل من الغياب مع قلة العائد.
 
لكن الإيرانيين ليسوا بهذه السهولة فهم تخصص في الخداع والاغراء والجذب والكذب والمماطلة والتسويف والحذر واجب بتقييم المواقف خطوة خطوة.
 
اثق بقدرة الدبلوماسية السعودية في تقييم المواقف واستكشاف الدوافع فايران الان في اسوء اوضاعها الأمنية والسياسية والاقتصادية وعلاقتها المتدهورة مع امريكا والغرب على خلفية البرنامج النووي والضاغط الاسرائيلي ومع ذلك  انها ولأول مرة في التاريخ  اهدتنا اول أمنية بان صامت الشهر الفضيل مع الجميع الا انها من الصعب الوثوق بتعهداتها او الركون الى الوسيط الصيني فهو في النهاية يبحث عن مصالحه وليس مصالحنا.
 
*كاتب واكاديمي من العراق.