Image

المليشيات تنقض بعهدها مع الأمم المتحدة.. ما بين صنعاء وعدن.. الطفولة تنتهك

تتواصل الانتهاكات التي تطال الطفولة في اليمن، من جميع المكونات المسلحة، لكنها أشد ما تكون في مناطق مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا، والتي رغم تعهدها للأمم المتحدة العام الماضي، إلا أنها تواصل عمليات قتل الطفولة بالأفكار الإيرانية.
 
ومع انتهاء دورة تدريبية لليونيسيف في عدن حول التوعية بمخاطر عمليات تجنيد الأطفال واستخدامهم في أغراض قتالية وعدائية، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ"المنتصف"، عن مساع وترتيبات لمليشيا الحوثي بشأن تنفيذ حملات تجنيد أطفال واسعة، في إطار استعدادها لمرحلة قتال توشك على الوقوع، مشيرة إلى أن المليشيات تعد لتنفيذ معسكرات صيفية لطلاب المدارس عقب الانتهاء من الاختبارات النهائية.
 
وخلال اليومين الماضيين، سلطت تقارير حقوقية يمنية ودولية الضوء مجددا على انتهاكات المليشيات الحوثية بحق الأطفال في العديد من المناطق تحت سيطرتها، متهمة الجماعة بتجنيد ما يزيد عن 4 آلاف طفل يمني خلال 8 سنوات ودفعتهم إلى القتال في جبهاتها، بعد استدراجهم وإخضاعهم من دون معرفة أهاليهم لتلقي دورات طائفية وفكرية تشبه بعمليات غسيل أدمغة، مستقاة من الفكر الإيراني ذي التوجه الإرهابي.
 
برنامج لليونيسيف
وخلال اليومين الماضيين شهدت عدن برنامج تدريبي نظمته اليونيسيف بمشاركة وزارتي حقوق الإنسان والشؤون الاجتماعية في حكومة الفساد في عدن، استهدف قيادات عسكرية في القوات الحكومية للتعريف بأهمية منع عمليات تجنيد الأطفال دون سن 18 عاما، تم فيها التأكيد على استخدام بيانات واضحة في عمليات التجنيد يتم فيها تحديد السن القانونية للقبول المجندين الجديد.
 
وأكدت الجهات الحكومية أن "منع ظاهرة تجنيد الأطفال يعتبر بالنسبة للحكومة التزاماً أخلاقيا ودينياً قبل أن يكون التزاما دولياً"، مشيرة إلى أنه "على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجهها الحكومة إلا أنها تولي ملف تجنيد الأطفال اهتماما كبيراً وأن هناك جهودا متوازية تبذل في هذا الإطار من الجهات ذات العلاقة".
 
ووفقا للمشاركين في الدورة، فقد تم التأكيد على أهمية العمل على التحقيق والتحري في مسألة تجنيد الأطفال في جميع الجهات العسكرية والأمنية، على أن "تكون هناك نقاط اتصال وجهود في هذا المجال كونها الجهة التي يعول عليها في إنجاح خارطة الطريق التي تم توقيع عليها مع الأمم المتحدة في ديسمبر 2018".
 
وتضمن البرنامج التدريبي، الذي يأتي ضمن مشروع منع تجنيد الاطفال تحت شعار حماية الطفولة "تأمين لمستقبل اليمن"، واستمر للفترة من ٨ وحتى ١٥ مارس، ثلاث دورات تدريبية.
وشارك في هذه الدورات (٨٠) ضابطا من نقطة اتصال عسكرية وأمنية وممثلو ألوية الحزام الامني وقوات العمالقة وممثلون كافة الوحدات العسكرية.
 
وتلقى المشاركون "معلومات حول آلية عمل نقاط الاتصال، ومفهوم القانون الدولي الإنساني، واتفاقية حقوق الطفل، وعدد من الاتفاقيات الدولية، ومبادئ والتزامات باريس ، وآلية الرصد والإبلاغ عن الانتهاكات ضد الأطفال ودمج وتأهيل الأطفال"، حسب الوكالة الرسمية.
 
تجند 45 طفلاً في شهر
وفي مطلع الشهر الجاري، رصدت منظمة حقوقية قيام مليشيا الحوثي بتجنيد أكثر من 40 طفلاً دون سن 15 عاماً في مناطق سيطرتها، خلال الشهر الماضي.
 
وقالت منظمة ميون لحقوق الإنسان، في بيان أصدرته في السادس من مارس الجاري، إن فرقها رصدت ووثقت تجنيد مليشيا الحوثي 45 طفلاً دون سن 15 عاماً في شهر فبراير الماضي "وأجبرت المليشيات الأطفال على الخضوع لبرنامج تدريبي في أحد المعسكرات شمال غرب محافظة صنعاء".
 
وأضاف البيان أن الجماعة عملت على تنظيم ما تسميها "دورة ثقافية لمدة أسبوع لهؤلاء الأطفال، ثم ألحقتهم بدورة قتالية مباشرة في المعسكر استمرت 15 يوما قبل أن تقوم بتوزيعهم مرافقين لقيادات عسكرية ميدانية تابعة لها".
 
ودانت المنظمة مواصلة جماعة الحوثيين تجنيد الأطفال، خلافاً لالتزاماتها القانونية وخطة العمل الموقعة مع الأمم المتحدة في أبريل 2022 لإنهاء التجنيد والانتهاكات الأخرى بحق الأطفال.
وطالبت المنظمة الحقوقية المجتمع الدولي بالوقوف بحزم أمام "الصلف" الحوثي في استمراء تجنيد الأطفال، وضربها عرض الحائط بالتحذيرات الأممية والدولية التي تشدد على ضرورة منع وإنهاء التجنيد والانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال.
 
تقرير الخبراء
 
وكان تقرير فريق الخبراء الأممي المعني باليمن كشف في وقت سابق، عن مقتل 2000 طفل جندتهم مليشيا الحوثي في أقل من سنتين، وأفاد التقرير أن الحوثيين مازالوا يقيمون معسكرات ويعقدون دورات لتشجيع الشباب والأطفال على القتال.
 
وجاء في نص تقرير فريق الخبراء بشأن اليمن بما يتعلق بتجنيد الأطفال من قبل الحوثيين:
"تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع المسلح"
الفقرة 95، يشير الفريق إلى أنه في الفقرات 42، 43 ، 123، والمرفق في 10 من الوثيقة وفي الفقرة 120 من الوثيقة، أبلغ مجلس الأمن بأن الحوثيين يشنون حملة منهجية للتلقين العقائدي لضمان التزام السكان بأيديولوجيتهم القائمة على الكراهية والعنف ولتأمين الدعم الشعبي لقضيتهم وجهودهم العسكرية، وشمل ذلك تنظيم مخيمات صيفية ودورات ثقافية للأطفال والكبار، واستخدام المناهج التي فرضها الحوثيون، وتعريض الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات للتدريب العسكري والمشاركة في الأعمال العدائية.
 
الفقرة 96، وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، وجد الفريق أن الحوثيين يواصلون التلقين العقائدي، والتجنيد وفي بعض الحالات التدريب العسكري للأطفال في المخيمات الصيفية، لاسيما في محافظتي صنعاء والحديدة، واستخدام الاطفال كمقاتلين، وحدثت هذه الانتهاكات على الرغم من توقيع الحوثيين خطة عمل مع الامم المتحدة في 18 أبريل 2022، للقيام في جملة أمور بإنهاء ومنع تجنيد الاطفال واستخدامهم في قواتهم.
 
الفقرة 97، وأظهر التحقيق الذي اجراه الفريق ان تجنيد الاطفال من جانب الحوثيين اتبع نفس الاتجاهات والاساليب الموثقة في التقريرين السابقين، حيث يقوم المشرفون الحوثيون على مستوى المجتمع المحلي بتجنيد الاطفال، ومعظمهم في الفئة العمرية من 13 إلى 17 عاما، من خلال الاكراه وتهديد الآباء والمعلمين، وتقديم الاغراءات المادية والوعود بالاستشهاد للاطفال، وتسجيلهم في الدورات الثقافية والدينية استنادا إلى الايديولوجيا الحوثية.
 
الفقرة 98، وجمع الفريق معلومات وأدلة من خلال المقابلات الشخصية وعن بعد مع الضحايا وأفراد الأسر وفي الاجتماعات مع المنظمات غير الحكومية توثق هذا الانتهاك الجسيم ضد الاطفال، كما شاهد الفريق مواد فوتوغرافية ومحتويات فيديو نشرها الحوثيون على الانترنت، يظهر بعضها اطفالا يحملون أسلحة ويشاركون في انشطة اخرى ذات طابع عسكري في المخيمات الصيفية تحت اشراف قادة الحوثيين، بالاضافة الى ذلك تلقى الفريق قائمة تضم 1201 طفلا أفيد بأن الحوثيين جندوهم ودربوهم خلال الفترة الممتدة بين 1 يوليو، و31 أغسطس 2022.
 
حملات تجنيد قسرية
في المقابل، واصلت مليشيا الحوثي عمليات تجنيد الأطفال رغم توقيع التزام مع الأمم المتحدة العام الماضي بالامتناع عن استخدام الأطفال في أغراض عسكرية، لكن العديد من التقارير المحلية والدولية، بما فيها تقرير الخبراء الأمميين بشأن اليمن، كشفت عن عمليات تجنيد للاطفال تمارسها الميليشيات من خلال المراكز الصيفية وعقد دورات فكرية طائفية.
 
وفي هذا الصدد، اتهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات مليشيا الحوثي بمواصلة تنفيذ حملات تجنيد قسرية في صفوف الأطفال بالعديد من المدن والقرى تحت قبضتها.
 
وذكرت الشبكة أن مليشيا الحوثي تختطف الأطفال من المدارس وحتى من البيوت وتزج بهم في جبهات القتال التي لا يعود منها أحد.
 
وقالت إن المليشيات جندت آلاف الأطفال وغسلت أدمغتهم لإشراكهم في الحرب وارتكاب أعمال وحشية، مضيفة أن "المدارس والأماكن العامة والحارات ودواوين المشائخ والعقال (مسؤولي الأحياء) والمراكز الصيفية، أصبحت بمثابة الأماكن الخاصة لتعبئة وتحشيد المقاتلين إلى جبهات القتال".
 
بيان وتصعيد 
ودعت الشبكة الحقوقية اليمنية، في بيان حديث، إلى التضامن مع أطفال اليمن "واستنهاض الضمير العالمي للضغط على الحوثيين، من أجل إيقاف الانتهاكات الجسيمة بحق الطفولة في اليمن". 
 
وشددت على أهمية "ألا يفلت المتورطون في تجنيد الأطفال، أفراداً وهيئات من العقاب".
 
يأتي ذلك التصعيد ضد الأطفال من قبل الحوثيين، بالتزامن مع ظهور تقديرات أممية جديدة تفيد بأن أعداد المجندين من الأطفال في صفوف الميليشيات تصل إلى حوالي 4 آلاف طفل، على مدى السنوات الثماني الماضية.
 
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، بأن هذا الرقم يغطي الفترة من مارس (آذار) 2015 إلى 30 سبتمبر (أيلول) 2022، وتؤخذ في الاعتبار فقط الحالات التي تم التحقق منها من قِبل المنظمة، ما يظهر أن العدد الحقيقي للأطفال الضحايا ربما يكون أعلى من ذلك بكثير.
 
وأوضحت المنظمة أنه في تلك الفترة، تم تجنيد 3995 طفلاً، منهم 3904 فتيان للمشاركة في القتال في الجبهات، و91 فتاة عند نقاط التفتيش، أو للمشاركة في أحداث معينة، مبينة أن مئات الآلاف من الأطفال في اليمن معرضون لخطر الموت من أمراض يمكن الوقاية منها، أو من المجاعة.
 
إلى ذلك، كشفت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان (لجنة يمنية حكومية مستقلة) قبل أسابيع، عن توثيق أكثر من 3400 واقعة انتهاك في اليمن خلال عام 2022، قتل وجرح خلالها 294 طفلاً، و119 امرأة.
 
وأكدت اللجنة إكمالها عملية الرصد والتحقيق في 3411 واقعة انتهاك وقعت في مختلف المحافظات، خلال عام 2022 تضرر فيها 3713 ضحية من الجنسين وبكافة الأعمار، من بينها 940 واقعة استهداف مدنيين سقط فيها 1412 ضحية بين قتيل وجريح، بينهم 447 قتيلاً، منهم 82 طفلاً، و891 جريحاً بينهم 212 من الأطفال.
 
ورصدت اللجنة سقوط 426 ضحية انفجار ألغام وعبوات، بينهم 106 أطفال، إلى جانب توثيقها اعتقال وإخفاء 968 ضحية، بينهم عشرات الأطفال.
 
ولفتت إلى أن فرقها الميدانية رصدت 131 واقعة تجنيد أطفال دون سن الـ15 عاماً، كما سجلت سقوط 138 مدنياً بانفجار الألغام المضادة للأفراد، بينهم 124 طفلاً، إضافة إلى تسجيل سقوط 108 مدنيين بين قتيل وجريح، بينهم 23 طفلاً، بسبب أعمال القصف والقنص المتفرقة.
 
وحسب اللجنة، فقد نفذ راصدوها عشرات الزيارات الميدانية إلى المديريات الجبلية النائية بمحافظات الضالع، الجوف، البيضاء، حجة، صعدة، تعز والحديدة، وأجروا خلالها مقابلات مباشرة مع ضحايا التعذيب ونهب الممتلكات والفصل التعسفي وتجنيد الأطفال، لا سيما في محافظات ذمار، المحويت، عمران، أمانة العاصمة صنعاء الواقعة جميعها تحت سيطرة المليشيات.