من له مصلحة في انتاج قنبلة نووية ايرانية؟

07:23 2023/03/06

اجعلوا حقدكم على العراق يكبر مع ابنائكم واحفادكم كي لاتنسوا ان هذا البلد قد اخر تصدير ثورتكم لعقود قادمة - خميني في 8-9-1988

تداولت وكالات الانباء خبرا خطيرا يوم 28 شباط يؤكد بان اسرائيل الشرقية وصلت الى تخصيب اليورانيوم بنسبة تقل قليلا عن 90 % ، وهذه النسبة تمكنها من صنع قنبلة نووية خلال 12 يوما فقط ! هذا التطور كان متوقعا منذ سنوات وقلنا مرارا بان المشروع النووي الايراني لا يشكل تهديدا لا لامريكا ولا لاسرائيل الغربية، وهو مخصص لابتزاز العرب واخضاعهم لاسرائيل الشرقية ولمن تتعاون معهم اقليميا ودوليا،اضافة الى ان (ايران النووية) تستطيع ان تحقق هدفا سوبرستراتيجيا للغرب واسرائيل الغربية وهو تقسيم الاقطار العربية واستنزافها والتمهيد لجعلها امارات وجمهوريات قزمة ومقزمة تدور في افلاك دولية واقليمية،وهذه النتيجة تتوافق مع المخطط الستراتيجي الايراني الذي روج تحت غطاء مضلل هو (نشر الثورة الاسلامية)فكيف يجب ان ننظر الى هذا التطور الخطير؟

لنسقط بعض الاوهام بالاشارة الى حقائق ولا يمكن تجاهلها:

الحقيقة الاولى: تؤكد بدون ادنى شك بان اكثر من اربعة عقود من (الصراع العنيف والعدائي) بين امريكا واسرائيل الغربية من جهة واسرائيل الشرقية من جهة ثانية كان صراعا اعلاميا للتضليل فقط، بدليل انه لم يتحول الى صراع عسكري بينهم، بل ان كل المعطيات تؤكد بان اسرائيل الشرقية تلقت وما زالت تتلقى الدعم المادي من امريكا او انها تسمح به، مثلا جعل العراق مزود لها بالعملة الصعبة رغم العقوبات الامريكية فتم تحويل اكثر من 700 مليار دولار نقدا لها، كما ان الرئيس الامريكي باراك اوباما عندما وصلت اسرائيل الشرقية الى حافة الانهيار الاقتصادي وقع معها الاتفاقية النووية في عام 2015 وارسل لها مبلغ 120 مليار دولار بالطائرة وليس بالتحويل العادي لضمان انقاذها من الانهيار! ناهيك عن دعمها  الاعلامي والاستخباري منذ ايرانجيت مرورا بتسليم العراق لها وصولا لتشكيل حكومة السوداني باتفاق امريكي ايراني،اضافة لتمكين امريكا لها من التغلغل الخطير في اليمن وسوريا ولبنان.

وفي هذا الاطار فان النووي الايراني الذي اكتمل تقريبا الان طبقا لما نشر هو نتاج تساهل الغرب ورغبته في تحول اسرائيل الشرقية الى دولة نووية، ولكن بحدود اقليمية تسمح فقط باخضاع العرب لها ولاسرائيل الغربية وامريكا، فتكتمل شروط تقسيم الاقطار العربيه وجعلها فسيفساء من الامارات والجمهوريات التابعه لهذا الطرف او ذاك، وكل ذلك يجب ان يتم في اطار الهدف المركزي لهذه الاطراف الثلاثة وهو محو الهوية القومية العربية لكافة الاقطار العربية وفرض هويات مصطنعة او فرعية، لتكون بديلا عنها. لذلك فان المشروع النووي الايراني سيكون مكرسا لدعم هذا الثلاثي.

الحقيقه الثانية:ان النووي الايراني لا يهدد امريكا واسرائيل الغربية لسبب واضح وهو ان كلا الدولتين تملكان اسلحة نووية تستطيعان بها محو اسرائيل الشرقية من الخارطة، وهذا ما يعرفه حكامها البراغماتيون، فحتى لو توفرت النوايا لتغيير الموقف الستراتيجي الايراني تجاه اسرائيل الغربية وامريكا فانها عاجزة عن تجنب الانتقام النووي اذا هاجمت نوويا امريكا او اسرائيل الغربية نوويا .

الحقيقة الثالثة: ان (ايران النووية) هي وحدها القادرة على تعزيز دورها الاقليمي،وبما ان من اهداف الغرب والصهيونية الاساسية تغيير التعادل السكاني بين الشيعة والسنة وتمكين التشيع، وليس الشيعة، من زيادة عدد الشيعة في العالم ليصبح قريبا من عدد السنة فتنشا امبراطوريتان هما الفارسية والعثمانية، تتقاتلان كما تقاتلتا في القرون الماضية ثم تتوافقان بتقسيم مناطق المصالح بينهما طبقا للتخطيط الامريكي، وهو وضع سيؤدي حتما الى عدة نتائج اخطرها انهاء الدور العربي كليا في المعادلة الاقليمية والدولية وبروز قوتان رئيسيتان فيما يسمى (النظام الشرق اوسطي)الجديد الذي خططت له امريكا، وبذلك تكون الشروط المطلوبة لانشاءه اكتملت، وباضافة اسرائيل الغربية يكتمل مثلث هذا النظام بزعامة امريكا،وبهذا النظام يمكن تثبيت الواقع الجديد والذي يجب ان تتغير فيه المعطيات النفسية والثقافية والفكرية والحضارية فتذوب القومية العربية.

والسؤال المركزي في ضوء ما تقدم هو التالي: هل يوجد من يملك الحد الادنى من الوعي ويتصور انه لم يكن بامكان امريكا واسرائيل الغربية ضرب المفاعلات النووية الايرانية في وقت مبكر؟ وهل يوجد ساذج لايعرف ان المشروع النووي الايراني ما تقوى وتعزز الا بفضل الدعم الغربي له واتخذ صيغة التجاهل لانشاءه ولشراء العلماء والمواد بصورة كانت تتم تحت انظار اجهزة المخابرات الغربية والصهيونية، وهو ما مكن النظام الايراني من الوصول الى هذه النتيجه الخطيره؟ وهل يوجد ساذج لا يقارن بين تدمير المشروع النووي العراقي وهو ما زال في بداياته ولم يصل الى منتصف انشاءه وغزي العراق ودمرت منشاته العلمية والنووية السلمية واعيد الى ما قبل القرون الوسطى،وذلك من اهم شروط انتشار النفوذ الايراني عربيا واقليميا، بينماالمشروع النووي الايراني تقدم علميا تحت رقابة الغرب واسرائيل الغربية، دون ان تتحرك اي من هذه الدول لضربه رغم كل ما كان يعلن عنه من تقدم خطير؟ لماذا سكتوا على المشروع النووي الايراني منذ بدايته وكان من السهل تدميره  ولكنهم دمروا المشروع النووي العراقي؟

 ان الاجابه على هذا الاسئلة هي التي تنهي التضليل الاعلامي والسياسي الذي يسود منذ اكثر من اربعة عقود،وهي وتؤكد بلا شك ان اسرائيل الشرقية لم تكن في يوم من الايام عدوا للغرب ولا للصهيونية بل كانت دائما سكين الخاصرة في وسط الامة العربية، تعطلها وتستنزفها وتحاربها، وتمهد لاعدائها وتساعدهم مباشرة على غزوها،منذ الحروب الصليبية وغزوات هولاكو وجنكيز خان الى غزو الاوربيين للاقطار العربية، وهذا الدور الايراني هو الذي جعل اسرائيل الشرقية الذخيرة الستراتيجية الاهم للغرب وللصهيونية.

ولنكمل التوضيح نتسائل:هل من المعقول ان يعلن الغرب او الصهيونية ان اسرائيل الشرقية حليفة لهما ضد العرب؟ اليس ذلك سذاجة سياسية ومخابراتية تجعل الدور الايراني غير قابل للتنفيذ عربيا واسلاميا؟ لنتذكر كيف ان (شاه ايران) كان معزولا عربيا واسلاميا ولا يجد من يدعم مطامعه الاقليمية فاضطر للتراجع عنها، وكان ذلك احد اهم اسباب اسقاطه من قبل الغرب،الان لاسرائيل الشرقيه نغول واتباع في اغلب الاقطار العربية، وهناك اطراف سياسية عربية تدعمها على افتراض انها تدعم القضية الفلسطينية او انها دولة اسلامية ،وبالتالي فان الكشف عن ان العلاقة الايرانية بالصهيونية والغرب هي علاقة ستراتيجية سوف يعزل اسرائيل الشرقية عربيا واسلاميا ويمنعها من لعب هذا الدور المرسوم لها في خطط الغرب والصهيونية وفي خططها هي بالذات، والذي نراه الان في احتلالها للعراق واليمن وسوريا ولبنان وتعمق انتشارها الطائفي في دول عربية كثيرة.

وهكذا نرى ظاهرة التخادم الغربي الصهيوني الايراني، فلولا الدعم الامريكي لاسرائيل الشرقية لما دخلت العراق بعد غزوه وتغلغلت في الدولة والمجتمع ودمرتهما ولما سيطرت على لبنان واليمن وسوريا كليا او جزئيا ونشرت فيها الخراب والكوارث، وكل تلك النتائج هدف امريكي وصهيوني، ومن يشك بصحة ما اكدناه عليه ان يتذكر رد فعل امريكا والغرب الشامل والتدميري على دخول العراق للكويت .

لقد حان الوقت لنسقط كل وهم حول هذه المسألة ولنؤمن بان الغرب خصوصا امريكا والصهيونية وكيانها ليس من مصلحتهما ان يخوضا حربا مع اسرائيل الشرقية وان الصراع بينهما هو تنافس حاد على حصة كل منهم من القصعة العربية،وبدون اسقاط هذا الوهم القاتل فاننا سنكون جمهوريات وامارات قزمة وتابعة وبلا هوية وطنية او انتساب قومي.