استعادة الوطن.................!!
الوطن ليس أرضاً تسكنه مجموعات من الناس فحسب، الوطن كلٌ مركب من مبادئ وقيم وتاريخ وعهود وذكريات وطموحات مشتركة يقيم أصحابها في بقعة جغرافية واحدة، وحين يحتل المستعمر قطراً من الأقطار فإن أسوأ ما يفعله هو أن يهدم الجانب المعنوي من البلد، بتفتيت وحدته الداخلية وقتل المعاني التي تجعل منه وطناً يشرف المرء بالانتماء إليه .
هذا العمل قام به المستعمرون، لكن قدرتهم على احتلال الأرض ونهب الخيرات كانت دائماً أكبر من قدرتهم على كسر إرادة الشعوب، لأن إحساسها بوطأة غزو الأجنبي استنفر لديها كل معاني الصمود
اليوم يشعر الجمهور الأوسع من اليمنيين، أنهم أشبه بركاب طائرة مخطوفة، والخاطفون ليسوا من الإنجليز ولا الأمريكان ولا البرتغاليون إنها مليشيات سارت بخطى سريعة إلى الخديعة والفشل الذريع في كل شيء، وتبدلت ببلاهة في عقولهم وأفئدتهم الأمور والوقائع، وغيَّمت أمام أنظارهم الحقائق، فساروا في ضبابية خداعة يفرضونها على الناس فرضًا بصلفٍ وتسطيحٍ عجيبٍ يدعو إلى الرثاء في الشمال والجنوب، لكن بين القيم التي يحملها الخاطفون، والقيم التي يحملها عامة الناس من التباين ما يفوق بكثير التباين بين القيم التي كان يحملها إباؤهم، والقيم التي تحملها المليشيات في الشمال أو الجنوب، وتلمس هذا واضحاً من خلال سلوكم وتصرفاتهم على ارض الواقع .
كل اليمنيون يعرفون جيداً أن مشكلتهم مع المليشيات التي تصول وتجول هنا وهناك, ويخضع الناس لسلطة نظام هذه المليشيات والذي لا يثقون فيها وكيف يمكن لك أن تثق بمن انقلب على شرعية الوطن ومن فرض سلطة أمر واقع، كما تتمثل في اعتقادهم أن هذه المليشيات تحتقرهم، بل لا تعترف بهم أنهم شعب له حقوق وعليه واجبات .
أخيراً أقول .. يدرك اليمنيون إن استعادة الوطن لن يكون بالمزيد من دعم هذه المليشيات في شمال الوطن وجنوبه بالأسلحة والمال والعتاد, بل بالحوار والتوافق وفي أسرع وقت ، فوضع البلد المأساوي لم يعد يحتمل أي تأخير أو مماطلة أو ديموغاجية مقززة ، وصارت المناورات السياسية من أي طرف كانت سلوكا مستهترا يدعو إلى الاشمئزاز , وهم إلى جانب هذا الإدراك يثقون بأنهم قادرون على دفع ذلك الثمن، كما يثقون أن النصر في نهاية المطاف سيكون حليفهم، حيث مضت سنة الله تعالى ـفي الخلق بأن تكون الغلبة للمظلومين المقهورين حين يشعرون بأن قيمة التحرر من الظالمين لا تقل عن قيمة الحياة نفسها, والله من وراء القصد .