Image

"عيشة كلها تعب ومكابدة".. فجوة مميتة بين اليمنيين وطبقة الفوضى

يعيش سكان المدن المحررة، الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، حياة وصفتها أحد النساء في عدن بـ"عيشة كلها تعب ومكابدة"، اختصرت كل شيء في هذه العبارة التي جاءت في سياق حديث معها، وهي تتسوق لتوفير متطلبات مطبخها اليومي.
 
تقول أم نزار: وصلت بنا الحالة منذ سنوات الفوضى التي عمت اليمن في 2011، إلى أنك تشتهي في بعض الأحيان إلى واحد شاهي حليب، وما تقدر تلبي رغبتك نتيجة ارتفاع أسعار علب الحليب الصغير بمختلف انواعه والتي تصل الأصغر منها إلى 700 ريال.
 
وتواصل: وإذا اشتريت علبة حليب شاي صغير، تخاف تفتحها للحصول على واحد شاي حليب، ليلا مثلا، لا تجد ثلاجة تحفظ البقية، وتصح الصباح وهي متخثرة، حيث الكهرباء تنقطع بشكل متواصل ولم تعد كما كانت سابقا تطفي في الـ24 ساعة، ساعتين فقط، وكنا نصيح ونعمل هليله، اليوم تلصي 8 ساعات من أصل أربعة وعشرين ساعة، ونحن مغبونين على أمرنا.
 
وفي إحدى المدن المحررة، يصل سرع الكيلوالوات الواحد من الكهرباء 1500 ريال، نتيجة استحواذ مليشيات تنظيم الإخوان على المنظومة الكهربائية والمتاجرة بها عيشة "كلها تعب ومكابدة"، تكالبت على المواطن البسيط كل المصائب من تجار حروب، وتنظيمات إرهابية مسلحة متلبسة الدين، وحكومات كل مسؤوليها فاسدون لا هم لهم سوى المال حتى وإن كان على حساب الدين.
 
فقر يفجر خلافات
يتحدث أسامة محمد، أحد أبناء منطقة القطيع في مدينة كريتر بعدن، عن أهم أسباب الفقر الذي يعيشه معظم سكان المدينة جراء فشل إدارة البلاد خلال الأعوام الماضية، الخلافات الأسرة التي تنشأ نتيجة العوز والفاقة وعدم وجود أشغال، وعدم قدرة رب الأسرة توفير لقمة العيش اليومية.
يواصل أسامة: شهدت ثلاث حافات بالمدينة، خلال أسبوع واحد فقط، ثلاثة شجارات داخل ثلاث أسر، أخ يعتمد على أخيه العاطل عن العمل، وأم تشتكي أولادها الذين عجزوا عن إعطائها أموال لمواجهة متطلبات حياتها في سنها المتقدم، واختفاء زوج عن بيته وزوجته وطفليه، لعجزه عن توفير متطلباتهم من أكل وشرب وملابس وغيرها من الأشياء.
نعم إنها الحياة التي فقد أمانها اليمنيون، نتيجة فوضى جاءت تنفيذا لأجندة خارجية انتقامية، هدمت البيت اليمني الكبير، وبات أفراد أسرته مشردين، وآخرون محرومون ومعدمون وفقراء، فيما طبقة الفساد والفوضى في نعيم ورخاء.
 
فجوة مميتة 
يحاول سكان المناطق المحررة، ومختلف المدن اليمنية، إيجاد توازن وتوافق بين ما يحصلون عليه من أجر يومي أو شهري، والإنفاق على احتياجات أسرهم، لكن الفجوة بينهما باتت مميتة، لا يمكن الحصول على توافق بينها، لكن الفجوة الكبيرة هي التي تفصل السواد الأعظم من اليمنيين في مختلف المناطق، وبين الطبقة ذات المصالح المختلفة الناتجة عما تشهده البلد منذ عقد من الزمن، ومعظمهم أمنوا حياتهم وأسرهم خارج اليمن، على حساب من يموت في الداخل.
ومع مرور الوقت، تزداد أسعار السلع الاستهلاكية وغيرها من السلع، بشكل متصاعد شبه يومي، ويزداد معها تفاقم الحالة المعيشية للسكان، وتغيب جميع الحلول التي تنتشل البلاد، مع زيادة التعنت والمكايدات بين أطراف الصراع المتفقين فيما بينهم، المختلفين لاستمرار مصالحهم.
ويستمر الحديث بلا توقف في شوارع وأحياء عدن وغيرها من المدن اليمنية، عن استفحال الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وانعدام وانغلاق جميع الأبواب أمامهم، وباتوا غير قادرين على توفير أي شيء للإنفاق على أي بنود أخرى كالصحة والتعليم.
 
حياة تحت الإجبار 
أجبرت الأوضاع الناتجة عن فوضى 2011، والمستمرة بين اطرافها، اليمنيين على التعايش مع هذا الوضع، رغم الصعوبات التي يواجهونها لتدبير احتياجاتهم المعيشية، في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الأجور، وفقدان مصادر الدخل، واستحواذ العصابات المتناحرة على جميع مفاصل الأعمال بمختلف مجالاتها، فضلا عن استحواذها على المصالح الإيرادية والمساعدات المقدمة من الخارج.
أخيرا، ومع استمرار كل تلك المآسي الناشئة عن فساد الحكومة والعصابات المسلحة وتجار الحروب، والمتاجرين بمعاناة اليمنيين المختلفة، تحذر تقارير دولية من زيادة انعدام الأمن الغذائي وارتفاع حالة الفقر واتساع رقعة المجاعة لتشمل 22 مليون يمني.