يتلبسون أجسادا ميتة!

03:52 2023/01/28

كان الصراخ القادم من مكان جانبي بأحد شوارع صنعاء مخيفا جدًا، رجل يصرخ بأعلى صوت كأنه في جحيم العذاب، وصوت آخر يصيح بآيات قرآنية يتلوها بغلظة وشدة، صوت الصراخ يرتفع، والآيات القرآنية تزداد في وقعها على الرجل، اقتربت قليلًا نحو الباب، كان مفتوحًا نحو ممر مظلم باتجاه الداخل، لم أجرؤ على الدخول، إنتظرت قليلًا بينما صوت الرجل يزداد ارتفاعًا، اقترب أحدهم مني، وهو لا يبالي بشيء مما يحدث، سألته: ماذا يجري هنا؟! قال: لا تخف، هذا مركز للعلاج بالقرآن الكريم، وإخراج الجن المتلبسين بالإنسان! 
 
هذا الأمر عجيب جدًا، لم أكن أتوقع بأن هذه الأفكار مازالت قائمة، ومعالجي القرآن مازالوا يمارسون هذه الأوهام، بعدها هززت رأسي وغادرت المكان، وبقي صراخ الرجل يتكرر في رأسي، عن وهم الجني الراكب للإنسان اليمني، عن المريض النفسي بينما يقتلونه وهمًا وخداعًا وزيفا. ومع هذا كله عادت إلى خيالي بعض ذكريات قديمة، عن أحد أقربائي المرضى النفسيين في الماضي، عندما أخذناه للعلاج في مركز محمد الإمام بمعبر محافظة ذمار، وكيف أنهم قرأوا عليه ألف مصحف وألف صوت، ثم ضربوه وجلدوه وسكبوا عليه أمورًا غريبة، لكنه لم يشف ولم يعد عاقلًا أبدًا، ولم يخرج من رأسه أيّ جني، وبقي مريضًا نفسيًا حتى مات، بقي يعاني أوهام الجن والتلبس والسحر والمؤامرات، وخسر كل ما جمعه في حياته ثم مات دون لحظة علاج واحدة. 
 
لتمر علينا السنوات تلو السنوات، ويتكرر المشهد اليوم في مكان آخر بصنعاء، مشهد التخلف والوهم والخداع وخسارة الأموال، مشهد الجن الأغبياء بينما يتركون كل سكان العالم ليتلبسوا بأجساد اليمنيين الميتة، وهنا يتكرر السؤال برأسي مجددًا، هل الجن أغبياء الى هذا الحد ليتركون سكان الدنيا برمتها، ويختارون اليمنيين في القرى والريف والمدن الفقيرة لكي يركبونهم ويتلبسونهم؟! ألا يفكر هؤلاء الجن الأغبياء ولو لمرة واحدة بركوب جسد نانسي عجرم أو هيفاء وهبي، بدلًا عن جسد حمود محمد ناجي صالح الخولاني؟!