المهمشون وفرقعات التسميات والمصطلحات السياسية

03:44 2022/12/31

امتداداً من مصطلح "الأخدام" ومرورا بالسود والسمر والمهمشين،  وانتهاءً بأحفاد بلال رضي الله عنه،  وهكذا دواليك. ومع قادم الأيام ستصحو الفئة بمسمى آخر ويحسسونك بأن مشكلتنا الحقيقية نحن أقلية السود في اليمن تكمن بالبحث عن مسمى يعرف بنا، وأوجدوا فينا نزعات وخلافات وصراعات بينية هدفها تصحيح التسمية التي تليق بنا كمجتمع يعيش العزلة الاجتماعية في مجتمع يقدس العصبية، طبقية أو عرقية او مناطقية وطائفية وغيرها. وهذا التوجه خلق فجوة اخرى للصراع الداخلي بين وحدة النسيج الاجتماعي الواحد للفئة. والعلة لا تكمن هنا بقدر ما هي في ذاتية وعينا الذي لم يرتقِ ولم ينضج بعد.

قلت في نفسي وأنا أتابع ظاهرة احتدام هذا الصراع حول من نحن وما هي التسمية المحببة  للجنس الاسود التي يجب أن تكون؟

وأخذ كل فريق يشد من طرفه ليفرض أمر واقع تسميته الافتراضية. أستغرب كيف استطاع المجتمع السيّاسي جر عقول ناشطونا ومثقفينا إلى تشويش أفكارهم وأبعادهم عن الاستمرار للنضال الحقيقي الذي تتطلبه المرحلة الراهنة للوقوف عند حدودها وتمييع مطالبهم المشروعة والعادلة.

إن المهمشين في المجتمع لم يعودوا مجتمعا واحدا للأسف، بل تعددت التسميات، وكل يغني على ليلى. والغريب والمدهش هو أن هذه التسميات لم تأت من فراغ أو محض صدفة إطلاقاً بل وراء كل هذه التسميات الأنظمة الحاكمة السابقة واللاحقة وساهمت بشكل كبير جداً بإحلالها والترويج لها ومحاولة فرضها على الواقع وإقناع الأشخاص بتقبلها وهذا ما ولد فحيس الصراع بين أفراد المجتمع.

والمشكلة أننا نعاني من غياب الوعي السياسي والتربية السياسية والثورية، وهو ما جعلنا نتوه بين فرقعات التسميات والمصطلحات السياسية المعلبة التي تهدف بمجملها بإيجاد فجوة وشرخ بين أوساط المجتمع المهضوم والمبعد والمقصي والمهمش والمعزول اجتماعياً وسياسياً بطريقة ممنهجة بشكل واضح.

وأختم القول لرفقاء الدرب: إننا في مرحلة تستوجب علينا أن نقف مع انفسنا وقفة جادة ومسؤولة أمام الله وأمام مجتمعنا وأن نعي أننا نحمل مسؤولية جيل قادم يريد أن يعيش كغيره من أبناء أفراد المجتمع يتمتع بكامل حقوقة وكرامتة وإنسانيته.

علينا أن نعي أن قضيتنا لا تكمن بالتسمية، اعقلوا، قضيتنا قضية إنسان يعيش في هامش الحياة ويعيش تفاصيل المعاناة بكل تفاصيلها.

يا هؤلاء، انظروا إلى معاناة الأم والأخت والزوجة المتسولة أمام أبواب المحلات العامة والخاصة وفي كل الأزقة، انظروا إلى حجم معاناة من شردوا وهجروا قسراً من مساكنهم، انظروا إلى إخوانكم القابعين خلف القضبان وهم بالعشرات من مختطفين ومعتقلين بدون أي ذنب، فقط بتهم واهية لا أصل لها. انظروا وعوا كم من حالات الاغتصاب بحق حرماتنا ولم ينتصر لهن وقد خذلهن القضاء لأن بشرتهن "سوداء".

يا هؤلاء، إننا اليوم بحاجة للعودة للصواب والرشد والوعي بأهمية قضيتنا التي هي بأمس الحاجة لوجودنا في هذا الظرف العصيب. تعالوا نتكاتف، نتعاون، نزيل من وجودنا أسباب الخلاف والتوتر والنزاع القائم فيما بيننا، ولنكن جميعاً تحت راية واحدة موحدة تنهض بمجتمعنا من غياهب السقوط الذي نحن فيه.

 

 

*ناشط حقوقي