08:47 2023/12/08
07:44 2023/06/06
07:11 2023/04/25
ماذا ستضيف الصين لأمن المنطقة؟
12:32 2022/12/10
أنا أكره سياسة أمريكا بسبب ما فعلته بوطني العراق من احتلال ودمار وعدوان انتهك قواعد القانون الدولي، ولكني أعرف منذ سنوات ويدرك معي كل من عاش في أمريكا بأن هناك فرقا بين سياسة ومنهج الحكومة الأمريكية وبين الشعب الامريكي الطيب الودود.
وعلى الأقل نتذكر أن أكبر مظاهرة في تاريخ أمريكا خرجت من واشنطن تناهض بوش الابن ضد حربه على العراق.
ولكن تبقى أمريكا الحريات والعلم والتطور والتعليم الراقي والتكنولوجيا والقدرات الدفاعية والىمنية والمصالح..
ماذا بإمكان هذا التنين نصف النائم أن يقدم لأمن المنطقة وتحدياتها عدا تصدير منتجات ذات جودة وتقنية متوسطة، ويستطرد النفط هذا التنين الغافي؟
متى يستقيظ ويبرز لنا أنيابه؟
دولة تشبه الماء بلا طعم ولا رائحة سوى لونه الاصفر.
نحن العرب حقيقة لا نرسم سياسات واستراتيجيات فقط سياساتتا ومواقفنا تأتي ردود افعال انما فقط على سياسات دول أخرىى.
الصين التي ارتبطنا معها في العراق خلال حقبة النظام الوطني السابق وجمعتنا معها روابط الأيديولوجيا والفكر الاشتراكي ومعاداة الامبريالية والتجارة والاقتصاد، ومع كل الإغراءات لم يتمكن العراق من إخراج الصين من خانة الممتنع عن التصويت في مجلس الأمن الدولي باعتبارها عضوا دائما بأن ترفع يدها بالفيتو ولو مرة واحدة وتركت بوش الأب يهاجم العراق عام ٩١ بغطاء دولي.
وهناك طرفة أخرى تروى فقد أرسلنا إلى الصين عام ٧٩ مائة طالبا عراقيا ليتعلموا اللغة الصينية تقربا من هذا البلد، والتعرف على تاريخه وثقافته الكونفوشوسية السائدة، لكن لم يعد منهم إلى أرض الوطن للأسف غير اثنين فقط يتحدثان الصينية بمستوى جيد وعشرة فشلوا، بينما هرب الباقون إلى أمريكا وكفروا بالصين ونالو أعلى الشهادات من جامعات مرموقة واستقروا أساتذة كبارا في الجامعات الأمريكية.
ولما أوفد الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله إلى أمريكا عام ٨٩ مبعوثا للالتقاء بهم وإبلاغهم بالعفو من جميع العقوبات والغرامات واقناعهم بالرجوع إلى العراق، أجابوه بأن الحكومة العراقية حينما أوفدتنا الى الصين قد قذفت بنا إلى جهنم، بلد معقد، لغة صعبة للغاية كلها عبارة عن رسوم وصور من دون أبجدية، شعب يأكل كل زاحف وطائر، يسيره حزب واحد بالريموت كنترول ويسكنون في مجمعات مراقبة بدقة وصناعة مجرد تقليد لآخرين وشهية تجارية مفتوحة.
نحن ينبغي ألا ننتظر من الصين موقفا أمنيا أو دفاعيا يشتركون به معنا في حماية المنطقة والمصالح الحيوية، بل هم حتى في قضيتهم الوطنية مع تايوان لا ترى موقفا رادعا غير اللغة الناعمة ضد أمريكا.
بل إن لب مصالح الصين هي مع أمريكا. لا بأس من إقامة علاقات دولية مع الجميع، ولكن الحليف الحقيقي والاستراتيجي للخليج العربي هو أمريكا والغرب، رغم الاختلافات في بعض المواقف.
وهذا أمر طبيعي في السياسة، فلا يوجد تطابق في السياسات حول قضية واحدة حتى داخل البلد الواحد. ألم تختلف المجر مع سياسات الاتحاد الأوروبي وهي عضو فيه؟
ألم تختلف فرنسا شيراك مع بوش الابن ولكنها بقيت حليفة للغرب؟
ألم يكن ترامب اتخذ مواقف قوية إلى جانب المملكة ثم تغيرت في عهد بايدن، ولكن المصالح الاستراتيجية والحيوية تبق مستقرة لعقود من الزمن، وتقررها المؤسسات الصلبة داخل أمريكا.
نحن أمام مفصل تاريخي، وهو تخلخل نظام الحكم الإيراني الخطير على العرب بمشروعه العنصري والطائفي المدمر، ولا ننتظر من الصين موقفا ضد إيران بسبب تحالفها القوي جدا مع حكم الملالي وتشابك المصالح الحيوية والتجارية بينهما. فكيف تصطف معنا الصين وتقف إلى جانبنا في مناهضة السياسات الخمينية المزعزعة للاستقرار والطامعة في الهيمنة على العرب؟
الآن بدأ يتشكل رأي عام داخل الكونغرس والمؤسسات الصلبة في أمريكا بضرورة دعم تطلعات الشعب الإيراني للخلاص من نظام الحكم ومثله في الغرب. وبرأيي أن إدامة زخم العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المرحلة أمر بالغ الأهمية. ومع وجود بعض المشكلات يظل هو الخيار الاستراتيجي الأنجع لنا.
طرفة
عندما ذهب محافظ البنك المركزي العراقي برفقة وزير المالية العراقي حكمت العزاوي، في منتصف التسعينيات، إلى واشنطن لحضور اجتماع الجمعية العموميية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التقيا هناك على هامش الاجتماع محافظ البنك المركزي الألماني وأخبراه عن قرار العراق باستعمال اليورو في التعاملات المالية بدلا من الدولار عند تطبيق اتفاق النفط مقابل الغذاء.
يقول الوزير إن المحافظ الألماني استلقى على قفاه من الضحك، ثم قال: ما هو حجم تأثيركم بهذا القرار الساذج على الدولار؟ كم رصيدكم؟ ستة، سبعة مليارات؟ ما قيمتها؟ فأمريكا هي من تطبع الدولار بالكميات التي تريد وتوزعه بلا غطاء ولا رقيب ولا حسيب وتتحكم بعملات العالم كلها، فنحن في ألمانيا وأوروبا نستيقظ كل صباح ونشكر الرب لعدم سقوط اليورو.
* كاتب وأكاديمي من العراق