انها لحظة توحدنا لانقاذ العراق
لاتحسب الارض عن انجابها عقرت من كل صخر سيأتي للفدا جبل
فالغصن ينبت غضنا حين نقطعه والليل ينجب صبحا حين يكتمل
ستمطر الارض يوما رغم شحتها ومن بطون المأسي يولد الامل
الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني
قبل 8 اعوام نشرت منظمة هيومن رايت ووتش تقريرا دق ناقوس الخطر بشدة ضمنته الحد الادنى مما يتعرض له العراق من تدمير للدولة والمجتمع فقد ذكر بان 3,5 مليون عراقي مهجر خارج العراق (الرقم الحقيقي وقتها في عام 2014 كان اكثر من 5 ملايين مهجر)،و4,200 نازح داخل العراق،و700, 1 يعيشون رغما عنهم في مخيمات مختلفة ،و5,500 ملايين يتيم ،و2 مليون ارملة،6 ملايين عادوا للامية التامة ،و31 نسبة البطالة ،35 % تحت خط الفقر ،و6 ملايين يتعاطون المخدارات بكافة انواعها،و9% عمالة الاطفال،واكثر من 39 مرضا قاتلا لاتعالج بسبب تدمير المؤسسات الصحية! كان ذلك قبل 8 عوام اما الان فقد تضاعفت هذه النسب واصبحت تهدد بزوال العراق ان استمرت، ويكفي ان نذكر بان نسبة البطالة وهي اخطر عوامل تهديم المجتمع والدولة بلغت اكثر من 52 % من السكان، وهذا رقم مفزع يولد كافة انواع الانحراف.
وما يزيد الصورة وضوحا هو تواتر المعلومات يوميا عن تسارع خطوات محاولات تغيير هوية العراق القومية، فوزارة الداخلية أرسلت تعديلا على قانون الجنسية إلى مجلس النواب لإقراره وإحدى المواد تقول : (تمنح الجنسية العراقية لكل أجنبي مضى على وجوده داخل العراق أكثر من سنة بغض النظر عن امتلاك والديه الجنسية العراقية)! والترجمة العملية لهذه الفقرة هي ان كل من ادخلته اسرائيل الشرقية وتوأمها اسرائيل الغربية وامريكا ودول وجهات اخرى الى العراق بعد الغزو سيمنح الجنسية العراقية،وهذا الرقم يمكن تقديره في ضوء ما اعلن من قبل جهات عراقية وعالمية بانه اكثر من ثمانية ملايين استقروا في العراق من الفرس او الهنود والباكستانيين وأكراد من إيران وتركيا وسوريا وروسيا ولبنان ومن وسط وشرق اسيا، دخلوا العراق بحجة الزيارات الدينية او العمل.
واذا طبق مقترح القانون الجديد فان عدد من يحملون او سيحملون الجنسية العراقية سوف لا يقل عن 12 مليون انسان غريب، ومقابل ذلك وما يكمله هو تهجير اكثر من خمسة ملايين عراقي خارج العراق ونزوح اكثر من 3 ملايين عراقي من محافظاتهم انتظارا لاجبارهم ايضا على ترك العراق واخرين يقدرون باكثر من مليون ونصف المليون يعيشون في مخيمات عشوائية فيكون عدد من هجر او سيهجر ونزح لايقل عن عشرة ملايين عراقي وكلهم عرب (شيعة وسنة ومسيحيين وصابئة وغيرهم)، ناهيك عن خطة خطرة جدا وهي عمل طهران وامريكا وتل ابيب لأعتبار (ان الشيعة ليسوا عربا بل امة وقومية اخرى)! واذا أضفنا المكونات العراقية الاخرى كالاكراد والتركمان سيزداد نقص العرب في التركيبة السكانية ويصبح الغرباء اكثر عددا منهم، وستصل نسبة العرب الى 20 % من مجموع السكان وهو الرقم الذي اراد دستور بريمر الذي فرض على العراق بعد الاحتلال ان يصل اليه وثبت فيه رسميا وبلا احصاء سكاني! واذا وصلت النسب الى هذا المستوى فان العراق الاصلي يكون قد انتهى!
نحن امام مرحلة كارثية قوة تدميرها اكبر من كل كوارث ما بعد الاحتلال، فعدد شعبنا الاصيل يغير بالقوة، وتاريخنا الذي نراه ونحن احياء ومعنا مليارات البشر يزور بوقاحة تامة، وزيادة او نقصان الارقام ليست هي المشكلة بل انها الحقيقة المعروفة الان وهي وجود غرباء بالملايين داخل العراق ومشروع القانون الجديد وظيفته احداث الانقلاب السكاني المنتظر منذ غزو العراق وهو ما خططت له امريكا قبل غزو العراق بسنوات حيث اكدت ان العراق الذي نعرفة سيمحى كليا وصدرت كتب ( مثلا كتاب محو العراق) وتقارير وبحوث امريكية التي تؤكد بان العراق ينهار ويقترب من الزوال وانه بلا مقومات الدولة. واجتثاث العراق من جذوره هدف ستراتيجي معلن ورسمي مشترك بين امريكا وبين الاسرائيليتين الغربية والشرقية لاسباب معروفة ومعلنة.
والوجه الاخر للكارثة الوطنية والقومية هذه هو ان الملايين التي هجرت تتعرض في اوربا وامريكا واستراليا (واقطار عربية) وغيرها للتذويب داخل تلك الدول التي تعد العرب ومنهم العراقيين مهاجرون من اجل العمل وليس لاجئون هربوا من الموت ،وهذا يعني ان من هجّر ستمحى هويته العراقية ويصبح مواطنا في تلك الدول ولن يعود للعراق حتى عندما تتوفر ظروف يستعيد فيها العراق عافيته،وبذلك ستبقى الفجوة السكانية بين العرب وغير العرب كبيرة جدا ولصالح غير العرب وهكذا يمحى العراق وهويته الاصلية.
وصورة اجتثاث العراق تكمل عندما نربط خطة التغييرات السكانية بخطط اخرى خطيرة ايضا ومنها خطة اعادة الجهل والامية للعراق بعد زوالهما ، وتدمير اركان الدولة ومؤسساتها خصوصا التعليمية والصحية والخدمية والقانونية ونشر الانحطاط الاخلاقي والشذوذ الجنسي والفساد وطغيان الاساطير والخرافات المدمرة. وذكر تقرير مهم جدا نشر مؤخرا بان الخراب الحقيقي للعراق ستبدأ ملامحه بالظهور خلال أقل من عشرة سنوات عندما يبدأ أصحاب الشهادات الجامعية المزورة او التافهة علميا وعددهم بالملايين بإستلام مواقع في مؤسسات الدولة وهم غير مؤهلين تماماً لشغلها منهم مليون مهندس ونصف مليون طبيب وجيش بني على اساس منح رتب عسكرية من قبل رجال الدين او الميليشيات! رغم ان 90٪ من حملة هذه الشهادات لا يملكون الحد الادنى من مؤهلات اختصاص شهاداتهم او لانها مزورة اصلا،وكل هذا سيتزامن مع إختفاء عشرات الالاف من أصحاب الاختصاص والشهادات العليا الذين صنعهم نظام البعث وفقا للمعايير العالمية بسبب كبر العمر والتهجير المنظم والاغتيالات التي طالت الاف المختصين!
مالذي سيحصل للعراق بوجود اطباء ومهندسين واختصاصيين اخرين غير مؤهلين؟ سوف يحل الموت والخراب اكثر مما هو الان بمراحل،ولا مفر من طرح سؤال جوهري:كم سنة سيحتاج العراق للتخلص من تأثير هذه الشهادات شبه المزورة والمزورة ومن توظيف اصحابها في مواقع يجهلون كيفية ادارتها؟ وكم سنة سيحتاج العراق ليعد البديل المؤهل بصورة صحيحة لسد كل الثغرات؟ يقول التقرير ان 30 سنة على الأقل يحتاجها العراق للتخلص من اصحاب تلك الشهادات ومن نتائجها التدميرية، وفي هذه الفترة فان الخراب الشامل سيكون هو السائد وبطبيعة الحال فان ذلك سيقترن بتقدم وتعاظم قوة الاسرائيليتين الغربية والشرقية وتعزز قوة بقية جيران العراق ويبقى هو بؤرة التخلف والضعف،وكل ذلك هو المطلوب لانه تطبيق حرفي للخطة الامريكية والصهيونية والفارسية لدفن العراق!
ما هو المطلوب من كل الوطنيين ؟
المهمة الاساسية هي الاعتماد على النفس وعلى النفس حصرا والنضال من اجل تحشيد الجماهير وتوحيدها وتوعيتها لهذا الخطر المميت وكيفية الوقاية منه، والاهم من كل ما تقدم هو تجميد كل الخلافات بين الوطنيين من اجل موقف موحد لضمان افشال هذه المخططات،ومن يظن ان ذلك مستحيل واهم لان تسريع خطط تدمير العراق جاء على اثر ما اكدته انتفاضة تشرين وهو ان العراق ورغم كل الخطط التدميرية والفتن الطائفية بقي واحدا وبقوة هذه الحقيقة يمكن توحيد الصفوف من اجل النصر.
ويمكن في ضوء ماتقدم اكتشاف الصلة العضوية بين تعمد تعطيل القوى الوطنية العراقية باغراقها في ازمات داخلية وبين هذا المخطط، فشرذمتها هدفه منعها من انقاذ العراق.فلتتجه كل الطاقات لانقاذ العراق ، ولنوحد صفوفنا رغم انف من خطط ومن ينفذ.