رصاصة "صالح" الأخيرة
كان بقاء صالح في صنعاء حفظاً للملامح اليمنية، إما وينجح في اليمننة، لهذه الجماعة، أو يعلن الرفض ولو كلفه ذلك دمه، وفي الذكرى الخامسة لانتفاضة ديسمبر المجيدة، علينا أن نتذكر.. هذا ديسمبر.. ذكرى وتذكرة.. بياناً وتبييناً للأحرار بأن عليهم السلوك مسلك علي عبدالله صالح.
في مثل هذه الليلة قبل خمس سنوات كان علي عبدالله صالح يحشو بندقيته برصاصته الأخيرة ويقول: المجد لليمن، الموت ولا المذلة، أنا علي عبدالله صالح، وأطلقها وطار إلى السماء.
كان علي عبدالله صالح وبالثلة التي معه يقاتل نيابة عن كل اليمنيين، باسم كل اليمن، حفظاً لليمن، كان يقاتل وهو يدرك أنها النهاية، والعظماء يقاتلون فقط طلباً للنهاية، انتهاء الحياة، وهذه النهايات فتح لبدايات جديدة.
علي عبدالله صالح كان يقاتل وهو يدرك الموت، وانتصاره الملحمي بكونه أشرع للناس باباً ماجداً للنضال والحرية وهنا يتبادر السؤال الكبير للناس لماذا أطلق صالح رصاصته الأخيرة؟
أطلقها ليكشف الجوهر اللعين للكهنوت، كمن يقول أنا عجزت عن إيجاد أي رابط يمني معهم، أو مؤسسي، وعجزت عن استحضار الديمقراطية والحكم المؤسسي في أرواحهم، وهذه رصاصتي الأخيرة تعلن لكم أن الرهان على هذه الجماعة رهان خاسر وسوف أموت وقد شرعت لكم طريقاً ملحمياً تسيرون فيه إلى الانتصار لليمن.
والحقيقة الكاملة والمختصرة أن علي عبدالله صالح حافظ على مكتسبات الجمهورية من صنعاء في صراع وجها لوجه مع الكهنوت ولم يهرب، واستطاع إعاقتهم خلال سنوات من تمرير كل مشاريعهم، كانت معركته أشد، وعندما عجز أطلق الرصاص وارتقى شهيدا إلى السماء وأنجب ملحمة يكتبها الحراس في الساحل الغربي والأبطال في جميع الجبهات.
تجذرت تلك الرصاصة الأخيرة وتعملقت وأصبحت جهة ووجهات وجبهة وجبهات وما زالت وصايا صالح تحشو بنادق الرجال وهم يثقبون جمجمة الكهنوت.
رصاصة صالح الأخيرة توالدت وقد نجح في إيجاد المعنى والمبنى للنضال، بدمه أشعل الجذوة وبدمه ننتصر وإلى الأبد.