النُخبة السياسية اليمنية .. بين الفشل والفساد والتبعية ..!!

08:31 2022/12/04

بدايةً ..
من المعروف لدى الجميع ، بأن في كل دولة من دول العالم نخبة سياسية ، تتولى إدارة شئون العمل السياسي فيها ، والنخبة السياسية تشمل قيادات العمل السياسي في السلطة وفي المعارضة ، ومن المعلوم بأن مستقبل الوطن وأمنه واستقراره ، يتوقف على نوعية تلك النخبة ، فكلما كانت تلك النخبة تتمتع بالوعي ، والثقافة ، وروح المسئولية ، والولاء للوطن ، كلما ساهم ذلك بشكل إيجابي في حفظ أمن واستقرار الوطن وتقدمه وازدهاره ، وكلما كانت النخبة السياسية لا تتمتع بالوعي والثقافة وروح المسئولية والولاء للوطن ، كلما ساهم ذلك في الدفع بالوطن نحو مربعات الحروب والصراعات والعنف والفوضى والخراب والدمار ..!! 
 
وبذلك ..
فإن مستقبل الأوطان وأمنها واستقرارها وسيادتها ، يتوقف على نوعية النخبة السياسية التي تحكمها ، فإذا شاهدنا وطناَ ما ، ينعم بالأمن والاستقرار ، ويسير بخطى ثابته نحو المستقبل الزاهر ، فهذا دليل على أنه يمتلك نخبة سياسية ( إيجابية ) ، والعكس صحيح ، وبتطبيق ذلك على الحالة اليمنية ، فإننا سوف نصل إلى نتيجة واضحة ، مفادها بأن النخبة السياسية اليمنية ، نخبة فاسدة ( سلبية ) ، لأن الأوضاع المأساوية والكارثية والسلبية التي يعيشها الشعب اليمني ، هي من تؤكد على ذلك ، وهو ما يدل على تدني مستوى وعي وثقافة أفرادها ، وعدم إحساسهم بالمسئولية تجاه شعبهم ، وفقدانهم للولاء الوطني ، ويؤكد بأنهم يقدمون ولاءاتهم المذهبية والطائفية والمناطقية والحزبية على الولاء للوطن ، ويقدمون مصالحهم الشخصية والنفعية والمادية ، على المصالح العليا للوطن ..!! 
 
وبالتالي ..
فٱن ما يعانيه الشعب اليمني اليوم من مآسي وكوارث وفساد ، وما يتعرض له من تدخلات سياسية وعسكرية خارجية ، ومن حروب وصراعات داخلية ، ومن فقدان للسيادة ، هو النتيجة الطبيعية لسلبية النخبة السياسية الحاكمة اليوم ، وللإنصاف ليست النخبة السياسية اليمنية ، كلها نخبة سلبية ، فهناك جزء من هذه النخبة ، هي بحق نخبة سياسية  إيجابية ، وهي تلك النخبة التي أوصلت اليمن إلى مرحلة متقدمة من الأمن والاستقرار ، وفتحت أمام الشعب آفاق واسعة من الديمقراطية ، والحرية ، والمشاركة السياسية ، وحققت للشعب اليمني المزيد من المنجزات التنموية في شتى جوانب الحياة ، وهذه النخبة الإيجابية ، هي النخبة السياسية التي حكمت اليمن حتى العام ٢٠١١م ..!! 
 
ولكن بسبب تآمر النخبة السياسية السلبية ( المعارضة ) على الوطن ، وبسبب تبعية وولاء هذه النخبة للخارج ، تغيرت مسارات الأحداث في اليمن ، من الإيجابية إلى السلبية ، وتعتبر أحداث نكبة الربيع العربي في العام ٢٠١١م ، هي نقطة الإنعطاف في تاريخ الشعب اليمني ، من مسارات الإيجابية إلى مسارات السلبية ، حيث ترتب على تلك الأحداث الكثير من التطورات السلبية ، ابتداءاً بالخروج إلى الساحات وإعلان الإنقلاب على الدستور اليمني الوحدوي الديمقراطي الجمهوري ، مروراً بالأنقلاب على التوافق الوطني ، وصولاً إلى الحرب الداخلية والتدخلات العسكرية الخارجية ، لتتطور الأحداث نحو المزيد من السلبية ، وليجد الشعب اليمني نفسه وقد فقد بشكل كبير قراره السياسي وسيادته واستقلاله ، لأن أطراف النخبة السياسية السلبية الحاكمة ، قد رهنت قرارها السياسي بيد قوى خارجية ، ليجعلوا من اليمن ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية ، وليجدوا أنفسهم مجرد أدوات بيد تلك القوى الخارجية ، تحركهم كيف تشاء ، وبما يتناسب مع مصالحها وسياساتها هي ، لا بما يتناسب مع مصالح وسياسات الشعب اليمني ..!! 
 
وبذلك ..
فٱننا نصل إلى نتيجة سياسية ، مفادها أن النخبة السياسية السلبية ( نخبة الساحات ) ، هي من أوصلت الوطن إلى ما وصل إليه اليوم من السلبية ، وستظل السلبية هي سيدة الموقف ، وستظل سيادة اليمن مباحه ، وسيظل القرار السياسي اليمني مفقوداً ، وسيظل التدخل الخارجي مستمراً ، وستظل الحروب قائمة ، وسيظل الأمن والاستقرار ضائعاً ، وستظل الحقوق والحريات والديمقراطية مصادرة ، وستظل التنمية في حالة سبات ، وسيظل الدم اليمني ينزف بلا توقف ، وسيظل الفساد يستشري ويستفحل بلا رقيب ، وسيظل السلام حلما بعيد المنال ، طبعاً كل ذلك وأكثر ، طالما ظلت النخبة السياسية السلبية ، هي من تدير شئون السلطة ..!! 
 
وهذه هي النتيجة الطبيعية والمتوقعة لهكذا وضع ، فماذا يمكن أن ننتظر من نخبة سياسية أفرزتها ساحات التمرد والانقلاب على الدستور والنظام والقانون ، نخبة سياسية مثقلة بالحقد والكراهية والتآمر على كل شيء جميل في هذا الوطن ، نخبة سياسية منغمسة إنغماساً في الفساد والتبعية والولاء لمشاريع سياسية وتوسعية خارجية ، نخبة سياسية لا تمتلك قرارها السياسي ، ولا تتمتع بأدنى مقومات الوعي والثقافة والخبرة والولاء للوطن ، وفي ظل حكم هذه النخبة لا يوجد أفق للحل السياسي ، وستظل الحروب والصراعات هي ميدانها الوحيد لحل كل خلافاتها ، دون أي اعتبار للمصالح العليا للوطن ودون أي احساس بالمسئولية تجاه شعب يعاني كل صنوف المآسي والكوارث ويتجرع مرارة الفقر والجوع والفاقة نتيجة تدهور الاوضاع الاقتصادية وانهيار العملة الوطنية ، بسبب النخبة السياسية الحزبية البائسة والفاشلة والفاسدة ، والتي لو كانت تمتلك ذرة من الضمير والمسئولية لكانت قدمت استقالتها واعترفت بعجزها وفشلها وفسادها ، لذلك من لم يرتكب خطيئة عليه أن يلعن هذه النخبة السياسية السلبية ..!!