النخب اليمنية بين مقاومة الفساد وممارسته

10:43 2022/12/03

يتذوق اليمنيون مرارة الألم والخذلان من نخب تصدرت المشهد، مقدمة نفسها بأنها المنقذة له من جحيم الفساد؛ لتمارس الفساد بقضه وقضيضه، حاصدة امتيازات السلطة المالية والإدارية، تاركة المواطن اليمني غارقا في هموم العيش والعوز والفاقة والحرمان.
 
نشعر بالفساد ونذوق مرارة طعمه ، في انهيار العملة الوطنية وارتفاع الأسعار، في أزمة الغاز وارتفاع أسعاره، في الشارع الموبوء بطفح المجاري وأكوام القمامة، في حسرة جريح وهب الوطن أغلى ما يملك، فكان جزاؤه خانة النسيان، في دموع أم وزوجة وأطفال يلاحقون مرتب شهيد خشية إسقاطه أو الاستقطاع منه، في موظف حرم من الترقية لسنوات، بينما صعد غيره وفي غمضة عين لمدراء عموم ووكلاء وزارات وملحقين في سفارات اليمن، في مسؤولين متخمين بالاعتمادات والنثريات والمكافآت وبدلات المناسبات والسفر والمظهر، الفارق المادي بينهم وبين المواطن والموظف يقاس بالسنين الضوئية.
 
طبقة جديدة من الأثرياء تشكلت بسرعة البرق في فترة وجيزة لا تتعدى تسع سنوات، امتلكت أموالا وعقارات واستثمارات داخل اليمن وخارجها.
 
تغلغت في هرم السلطة الشرعية شبكة من مراكز النفوذ، وصلت لمراكز متقدمة في السلم الإداري للدولة، محققة لها ولداعميها  عوائد وامتيازات اقتصادية، الأمر الذي أفرز طبقة جديدة من المسؤولين تسلقوا لمواقع السلطة وفق نظام المحاصصة، مرتدين قناع الشرعية مسنودين بشبكة نفوذ عميقة تتخادم معهم وتقف حائط صد يحول دون المخلصين الوطنيين؛ لأن في ذلك كما يتصورون مساسا خطيرا بمكاسبهم  وضررا محدقا  بمستقبلهم السلطوي.
 
بدلا من تخفيف وطأة آثار الحرب على المواطنين، وتقديم نموذج مشرف في المناطق المحررة من المليشيات الحوثية يلبي احتياجات المواطنين من الخدمات والأمن والاستقرار، لاحظ الشارع اليمني صراعا محموما بين النخب المتقاسمة السلطة على الغنائم السلطوية التي تعتقد أنها هي التي تضمن لها الحضور المؤثر في المشهد السياسي والرأي العام.
 
مؤسسات السلطة الشرعية المدارة عبر التقاسم والمحاصصة، دون أي اعتبار للنزاهة والكفاءة لا يستفيد منها غير شركاء السلطة والمراكز الساندة لها.
 
الشعارات البراقة والحديث عن الوطنية، وخطر الكهنوت الحوثي، لا يمكن أن يحوز على جانب من المصداقية ما لم يكن القول يطابق الفعل تماما، وهو ما يقتضي الإعلاء من مصلحة المواطنين وتقديم حلول جذرية لاحتياجاتهم ومحاسبة كل المسؤولين الذين انتفخت كروشهم ونمت أرصدتهم من خلال استغلالهم السلطة.
 
لا يوجد أسوأ من مسؤولين ازدادوا ثراء، في الوقت الذي يزداد المواطنون بؤسا وفقرا. ولا يوجد أسوأ من ساسة يحملون الوطن في جيوبهم، بدلا من حمله على أكتافهم.